ميناء طنجة المتوسط، والذي يعتبر ثاني أكبر مرفأ في إفريقيا ويمتاز بالعديد من المواصفات العالمية. العام الماضي (2017)، حسب تقرير نشرته صحيفة welt الألمانية، تم شحن 5.3 مليون طن من البضائع في هذا الميناء، بينما نقلت السفن 2.8 مليون مسافر بين إفريقيا وأوروبا، إلى جانب مرور 430 ألف عربة، و6 ملايين طن من الغاز والنفط، وترتفع هذه الأرقام لتبلغ مستويات جديدة سنوياً، وحتى المنشآت التي انتهت أشغال بنائها منذ يوليوز من سنة 2007، قد تم الشروع في أشغال توسيعها، في إطار مشروع ميناء طنجة المتوسط 2. ويجري التخطيط لجزء ثالث من هذا المشروع، الذي يهدف إلى جعل ميناء طنجة أكبر مرفأ بحري في القارة الإفريقية.
رئيس مؤسسة البوغاز المسؤولة عن المحافظة على الإرث التاريخي لمدينة طنجة العتيقة، الموجودة على بُعد 40 كيلومتراً من هذا الميناء، يعتبر أنه لا “أحد كان يعتقد أنه من الممكن تحقيق هذا الإنجاز بالمغرب؛ “في السابق، كان الأمر يستغرق أشهراً لإصلاح الحفر في الطريق، والآن انظر ماذا حققنا”. يسابق المغرب الزمن من أجل تنفيذ خطة جديدة عملاقة، تهدف إلى نقل هذا البلد، الذي يشكو من ضعف التنمية إلى القرن الـ21، ويبدو أن مشروع ميناء طنجة المتوسط يقع في قلب هذه الرؤية الاقتصادية.
الثورة الاقتصادية منعت وصول الثورات إلى المغرب
يقف وراء هذه الخطة الطموحة، جلالة الملك محمد السادس، والذي يحارب الفقر والبطالة التي يعانيها بشكل خاص الشباب، وعموماً، تعاني كل دول شمال إفريقيا هذه المعضلات، ما يجعل منها بيئة ملائمة لانتشار التطرف الديني والاضطرابات الاجتماعية. في الوقت الحالي، يبدو أن المغرب قد فهم علامات التحول وواقع المنطقة؛ إذ إن ما حققته هذه المملكة خلال السنوات العشر الماضية يمكن اعتباره معجزة اقتصادية.
سائق سيارة تاكسي من طنجة، يقول إنه لأول مرة يرى إصلاحات تؤدي بالفعل إلى تحسين أوضاع الناس، “فلماذا ترانا نقوم بتدمير كل شيء”.
المناطق الصناعية الكبرى، ولكن ما دامت هذه الاحتجاجات الاجتماعية في نطاق المعقول، فهي غالباً ما تمثل دعماً إضافياً لجهود التنمية”. بعد الاحتجاجات، دائماً ما يتم تقديم الاستثمارات بشكل منتظم للمناطق المهمَّشة. وفي عدة مرات، أقدم جلالة الملك محمد السادس على إقالة الوزراء والمحافظين الذين لم يقوموا بواجبهم على أكمل وجه. وتتكون وصفة النجاح المغربية من شبكة من المشاريع الكبرى المتكاملة التي تدرُّ العوائد الاقتصادية. وإلى جانب ميناء طنجة المتوسط، تم أيضاً إرساء العديد من مناطق التجارة الحرة، وتوفير البنية التحتية الجديدة والمتطورة اللازمة لها. بالإضافة إلى الطرقات السريعة، يتضمن هذا الدعم إطلاق خط القطار السريع، الذي سيبدأ من الصيف المقبل بربط طنجة ببقية المدن المغربية. وسنة 2012، أنشأت شركة “رونو” الفرنسية لصناعة السيارات أكبر مصنع لها على ضفاف البحر الأبيض المتوسط بالقرب من هذا الميناء، بطاقة إنتاج تبلغ 400 ألف عربة في السنة. بعد ذلك، ستأتي “مدينة محمد السادس التقنية”، وهو مشروع مدينة بتكلفة 11 مليار يورو، يشارك فيه مستثمرون صينيون، وسوف تنتهي أشغال البناء بعد 10 سنوات، وحينها سيتمكن نحو 100 ألف مغربي من العمل في هذه المدينة والعيش بها رفقة عائلاتهم. نائب رئيس جمعية المستثمرين المغاربة، يعتبر أن “مشروع ميناء طنجة المتوسط غيّر نظرتهم لعالم الأعمال؛ إذ إن مناطق التجارة الحرة ومصنع شركة رونو خلقت ديناميكية جديدة قادتنا إلى حقبة صناعية جديدة. ولوقت طويل عانت المنطقة التجاهل والتهميش، ولكن اليوم عادت مدينة طنجة إلى الأيام الخوالي، حين كانت مركزاً للتجارة العالمية”.
هيئة التحرير – بفرانكفورت المانيا