جسر بريس من الرباط
يخوض الأساتذة المتعاقدون بمختلف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين معارك نضالية، احتجاجا على ما أسموه الإجهاز على حقهم في الإدماج ضمن موظفي وزارة التربية الوطنية.
وارتباطا بذات السياق، نظمت الأحد 7 ابريل 2019 جريدة صوت العدالة بتعاون مع الفيدرالية الاقليمية لأمهات وآباء وأولياء التلاميذ باقليم الخميسات، بمقر جماعة تيفلت ندوة حول موضوع:” احتجاجات الأساتذة المتعاقدين والمخارج الآمنة لانقاذ الموسم الدراسي الحالي”.
في البداية هاته الندوة رحب رئيس تحرير موقع “صوت العدالة “ عبد السلام اسريفي بالحضور، معتبرا أن الندوة لم تأتي عبثا، وإنما بعد دراسة ومواكبة مستمرة لما يعرفه قطاع التعليم بالمملكة، موضحا أن احتجاجات أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، خلفت من ورائها واقعا للأسف مرا للغاية، حيث أصاب بعض المؤسسات التعليمية شللا ببعض فصولها، ما ساعد على هدر الزمن المدرسي بشكل واضح، إلى درجة أن البعض بات يتحدث عن سنة بيضاء، وهذا لا يمكن لأي جهة أن تقبله لما له من آثار خطيرة على المتعلم والمؤسسة والدولة بشكل عام.
وأضاف مسير الندوة اسريفي، أنه بغض النظر عن طبيعة الملف، وعن حق الأطر الأكاديمية الجهوية، والذي كان من الممكن أن يكون كحل للمشكل، فالوزارة هي الجهة الوحيدة التي تملك الحق في ايجاد حل يناسب الجميع، وحسب علمنا، يضيف اسريفي هناك تطور ايجابي في الملف، حيث تم التخلي التام والنهائي عن نمط التوظيف بالتعاقد ووضع جميع الضمانات القانونية التي تكفل المساواة والمماثلة في الحقوق والواجبات بين الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وباقي الأساتذة الخاضعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية. متسائلا في نهاية تقديمه،هل يكفي أن نخصص ساعات اضافية لاستدراك النقص الحاصل لدى التلاميذ بالمؤسسات التعليمية بالاقليم؟أم أن هناك اقتراحات أخرى يمكنها انقاذ الموسم الدراسي الحالي؟
سؤال رئيس تحرير “صوت العدالة” كان هو محور اللقاء، الذي اعتبره المدير الاقليمي للتربية الوطنية خالد زروال مناسبة لتوضيح بعض الحقائق ورفع اللبس، خاصة في ظل تداخل الأخبار واختلاف مصادرها،موضحا أن الجديد في الملف حسب بلاغ وزارة التربية الوطنية، هو أنه تم بموجب الأنظمة الأساسية الخاصة بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، التخلي التام والنهائي عن نمط التوظيف بالتعاقد ووضع جميع الضمانات القانونية التي تكفل المساواة والمماثلة في الحقوق والواجبات بين هؤلاء الأطر وباقي الأساتذة الخاضعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة.مؤكدا أن الوزارة أن الأنظمة الأساسية الخاصة بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين تضمن إدماج جميع أطر الأكاديميات بصفة تلقائية دون الحاجة إلى ملحقات العقود مع الاحتفاظ لهم بالأقدمية المكتسبة بالأكاديمية منذ التحاقهم بالعمل.
وأضاف المدير الاقليمي في سياق حديثه عن هذه النقطة، أن الأنظمة الأساسية، التي أصدرتها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وصادقت عليها مجالسها الإدارية المنعقدة في دورة استثنائية بتاريخ 13 مارس 2019، عدم التمييز بين الأستاذ كإطار بالأكاديمية والأستاذ الخاضع للنظام الأساسي،تمكن أطر الأكاديميات أيضا من الترقية إلى الدرجة الممتازة (خارج السلم)، مشيرا إلى أنه بالنسبة لأطر التدريس، فإن الاستفادة منها يتطلب التوفر على أقدمية لا تقل عن 5 سنوات في الدرجة الأولى السلم 11، والتوفر على الرتبة 7 في نفس الدرجة، “ولذلك فمن السابق لأوانه إثارة هذا الموضوع مع بداية المسار المهني للأساتذة أطر الأكاديميات”، مؤكدا أن هذه الأنظمة،كما جاء في البلاغ الأخير للوزارة، تضمن الاستفادة من مختلف الوضعيات الإدارية الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في الإدارات العمومية، بما في ذلك الاستفادة من الأجرة والتعويضات المخولة لباقي الموظفين المرتبين في نفس الرتبة والدرجة، وكذا الرخص الإدارية والرخص الاستثنائية ورخصة الحج، والرخص الممنوحة عن الولادة، والرخص لأسباب صحية، بالإضافة إلى الاستفادة من وضعية الاستيداع والاستقالة والتقاعد النسبي والتقاعد بعد الإصابة بمرض خطير وفي حالات العجز الصحي.
وفي ما يتعلق بالحركة الانتقالية، أكد المدير الاقليمي أن التوظيف ضمن أطر الأكاديميات هو توظيف جهوي، وبالتالي فإن الحركة الانتقالية لا يمكن أن تكون إلا داخل النفوذ الترابي للأكاديمية التي اختار المترشح العمل بها. غير أنه يمكن، حسب المصدر، التعاطي بشكل إيجابي مع الحالات الاستثنائية التي قد تطرح في هذا الصدد.
وبخصوص تمثيلية أطر الأكاديميات، أكدت الوزارة أنه سيتم تأسيس لجان الأطر وفق القواعد العامة لتأسيس وانتخاب ممثلي اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء في الإدارات العمومية، مبرزة أنه ستناط بها نفس المهام والاختصاصات الموكولة لهذه الأخيرة، وهي الاستشارة في جميع المسائل الفردية المتعلقة بالترقية والتأديب وباقي الوضعيات المنصوص عليها في الأنظمة الأساسية الخاصة بأطر الأكاديميات.
وبدوره، اعتبر الأستاذ خلا السعيدي، أن التوظيف الجهوي، خيار استراتيجي راقي، حيث بفضله،تم تجاوز تمركز التوظيف وانحصاره في العواصم الكبيرة، ضاربا أمثلة حية بمنطقة أزيلال التي ينتمي إليها، حيث تمكن1300 مجاز ومجازة من الحصول على منصب شغل بالجهة ، بالقرب من ذويهم وأسرهم. مشددا على ضرورة التعامل مع الملف بشكل مسؤول، لا من جهة الوزارة الوصية، التي حسب قوله عليها الالتزام بمضامين القوانين التتنظيمية للأكاديميات وتمكينها من اعتمادات مالية قارة حتى تفي بوعودها مع أطرها.
مضيفا في السياق ذاته، أن الوزارة في بلاغها الأخير، كانت واضحة، وماثلت بين أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وباقي الأساتذة الخاضعين للنظام الأساسي في الحقوق والواجبات،لا من حيث تمتيع أطر الأكاديميات بالحق في الترقية في الرتبة والدرجة على مدى حياتهم المهنية، ومراجعة المادة 25 من النظام الأساسي المتعلقة بالتقاعد بعد الإصابة بمرض خطير، بما يستجيب لهذا المطلب، وذلك بتمتيع أطر الأكاديميات بنفس الحقوق المكفولة لباقي الموظفين.
واعتبر في سياق حديثه عن منظومة التعليم، أن الهدف الأساسي ليس هو تبني هذا النظام أو ذاك، بل الغاية المثلى هي كيف نجعل تعليمنا يرتقي الى مصاف الدول الأخرى، كيف نخلق نقط التقاء بين الوزارة وباقي المتدخلين الآخرين،كيف نجعل أطرنا يثقون فينا كوزارة وصية عن القطاع.مقدما في النهاية مجموعة من الاقتراحات أولها تمديد السنة الدراسية الى غاية شهر يوليوز حتى يتم استدراك ما ضاع من الزمن المدرسي،والتركيز على التوافق والتنزيل الجيد والسليم لمضامين المرسوم المنظم لهذه العملية.
وفي تدخلهم، أجمع أطر الأكاديميات الجهوية للتربية الجهوية على ضرورة التراجع الفوري عن نظام التعاقد، وإدماجهم في النظام الأساسي ، الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية،معتبرين ما جاء في بلاغ الوزارة مجرد ذر الرماد في العيون،وهو الأمر الذي جعل المدير الاقليمي للتربية الوطنية للخميسات، يرد أنه تم بموجب الأنظمة الأساسية الخاصة بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، التخلي التام والنهائي عن نمط التوظيف بالتعاقد ووضع جميع الضمانات القانونية التي تكفل المساواة والمماثلة في الحقوق والواجبات بين هؤلاء الأطر وباقي الأساتذة الخاضعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة ، كما جاء في بلاغ الوزارة.
هذا واعتبرت مداخلة نقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل أن الحل الوحيد الأمثل هو الإدماج بالوظيفة العمومية لكل الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”، و فتح حوار حقيقي “تكون مخرجاته إدماج الأساتذة المتعاقدين في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية أسوة بزملائهم”. ما دون هذا تبقى حلول ترقيعية ستزيد في تأجيج الوضع مستقبلا.
وتفاعلا مع مداخلات بعض مدراء المؤسسات التعليمية بالمدينة وأطر الأكاديميات الجهوية للتربية الوطنية الذين حجوا بكثرة، اعتبر المدير الاقليمي، أن التوظيف الجهوي يبقى هو الحل الأمثل، لأنه يتضمن امتيازات كثيرة،بل يجعل الأساتذة في كفة واحدة ، لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الالتزامات.
معتبرا، أن الأكاديمات الجهوية للتربية والتكوين، جهاز مستقل، لها ميزانيتها الخاصة، تستفيد من تمويل من طرف الدولة عن طريق اعتمادات سنوية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتخلى الدولة عن تمويل هذه المؤسسات التي تؤدي خدمة عمومية وهي “الحق في التعليم”. لذلك فلا مجال للحديث عن توقفها عن الوفاء بالتزاماتها المالية حيال أطرها. وهذا عنصر آخر من عناصر الاستقرار والقوة.
وحول ما قامت به المديرية لاستدراك الزمن المدرسي، قال المدير الاقليمي،أن المديرية تبنت برنامج الدعم والاستدراك التربويين، وهو برنامج مقدم لفائدة التلاميذ حول العطلة الربيعية بالمديرية الاقليمية للخميسات، حيث استفاد حوالي 3000 من المتعلمين والمتعلمات موزعين على 14 مؤسسة خاصة بالاعدادي والثانوي.
هذا وأضاف خلا السعيدي، في سياق حديثه عن اعتمادات الأكاديمات الجهوية للتربية والتكوين،أنه لا يعقل أن تتخلى الدولة عن الأكاديميات الجهوية، ولا يعقل أن نفكر في توقفها عن الوفاء بالتزاماتها ،فالأمر يتعلق بحقوق وبنصوص سيتم تنزيلها وعلى كل الأطراف الالتزام بها،خاصة ما يتعلق باستمرار المؤسسات التعليمية في تقديمها لخدماتها التعليمية. لذلك، يوضح المدير الاقليمي للتربية الوطنية سابقا أن الدولة قطعت مع التوظيف في الوظيفة العمومية، حتى تستفيد الجهات من حقها في مناصب الشغل، ولهذه الغاية، رصدت مبالغ مالية مهمة للأكاديميات حتى تدبر أمورها بشكل مستقل، يضمن استمرارية المرفق التربوي ونجاح التجربة، لذلك، فالواجب هو أن ننقذ الموسم الدراسي ونعود للفصول الدراسية لاستدراك ماضاع من الدروس والمواد، موجها كلامه الى أطر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين التي حضرت الندوة.
في كلمته بالمناسبة، قال محمد الحسيني رئيس الفيدرالية الاقليمية لأمهات وآباء وأوليات تلاميذ بإقليم الخميسات، أنه واكب بشكل شخصي تطور الملف منذ بدايته، بل شارك فيه بشكل مباشر،ولا زال يطالب بتحقيق مطالب هذه الفئة من المجتمع المغربي، لأنها فعلا توجد في وضعية غير قارة،لكن، هناك واقع آخر، الفيدرالية تعاملت معه بكل جدية، وهو مستقبل التلاميذ المقبلون على الامتحانات، لذلك،كان لزاما علينا الانخراط في برنامج الدعم والاستدراك التربويين الذي أشرفت عليه المديرية الاقليمية للتربية الوطنية للخميسات،والتي استهدفت 3000 مستفيد ومستفيدة،وهي عملية نراها ضرورية في الوقت الراهن.
مضيفا، أن ملف الأساتذة المتعاقدين يجب التعامل معه بكل جدية ومسؤولية من قبل الدولة، فلا يعقل أن نسلم بنجاح العملية التتعليمية التعلمية في غياب شروط العمل المريحة أو المقبولة، ونحن كمتدخلين ومعنيين ،نواكب مع الوزارة الوصية، ونرى أن التوظيف الجهوي، حل مقبول، في ظل وجود شروط مقبولة،التي هي من مسؤولية الدولة بشكل خاص.
تصريح : مريم صغير رئيسة جمعية أمهات وآباء وأوليات تلاميذ بجماعة المعازيز
ومن وجهة الحقوقي، قال رشيد غيتان الرئيس الوطني للجمعية المغربية للدفاع عن كرامة المواطن، أن الجمعية ترى أنه من حق الأساتذة الاحتجاج، لأنه حق مشروع يضمنه الدستور، وعلى الدولة التفاعل مع مطالبهم، لكن، هناك حقوق أخرى علينا الاعتراف بها، وهي حق التلميذ في استكمال دروسه والاستفادة من التمدرس السليم، هذا يتطلب أمرين: الأول،رجوع الأساتذة الى فصولهم وتعويض التلاميذ ما ضاع من الدروس والمواد، الثاني، التزام الدولة بما وعدت به،والعناية بهذه الئشريحة العريضة من أبناء الوطن. نفس السياق ذهب اليه رشيد الزموري، فاعل حقوقي بالمدينة والاقليم، الذي اعتبر أن الاستمرار في هدر الزمن المدرسي، هو في حد ذاته هدر للمكتسبات، وبالتالي فالمطلوب هو استحضار المنطق والروح الوطنية،فلا يمكن أن نقبل بهضم حقوق هذه الفئة، كما أننا لا يمكن أن نقبل بهدر المزيد من الزمن المدرسي، خصوصا وأن الامتحانات على الأبواب.
وفي الختام، أكد المدير الاقليمي للتربية الوطنية للخميسات، أن الدولة عازمة كل العزم التقدم في هذا الملف، وأن الأكاديميات مسؤولة مسؤولية كاملة مع أطرها، بشكل يضمن حقوق الكل، ويضمن بالتالي استمرار العملية التعلمية،ولا يمكن الحديث عن سنة بيضاء، لأنه لا يعقل أن نهدر المزيد من الزمن المدرسي، في الوقت الذي قدمت فيه الحكومة كل الحلول حتى تشتغل أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في ظروف حسنة شأنها شأن باقي الأطر الأخرى الخاضعة للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية.