تقشع الظلام بنوركم أيها القراء الأوفياء و طاب المساء بوجودكم أسعد الله ليلتكم.
أتدثر بثوب الخجل و الحياء و أنا أكتب و أبعث تحية المساء هذه…
طفى على السطح هذه الأيام و بالضبط على مواقع التواصل الاجتماعي و مواقع الإنترنت شيء يصعب على المرء تصنيفه!! فهو قد يبدو للبعض أمراً عادياً جداً و للبعض الآخر أمراً غريباً جداً و غير مقبول بتاتاً في الآن نفسه.. فليس في التناقض إلا شيء من حتى…
الأمر ببساطة يتعلق بفيديو يظهر فيه مجموعة من سكان أحد الأحياء المغربية و هم يقومون بتعذيب حيوان بطريقة بشعة لا تحتكم للواقع الاجتماعي و الانساني فبغض النظر عن ما هو هذا الحيوان (طبعاً ليس أسداً و ليس نمراً و ليس حتى أفعى)
فليس هذا هو صلب الموضوع… فما يجعلك تستغرب لهذا التصرف و ما يحز في النفس و يجعلك تفقد البوصلة و الأمل في مجتمع كان قديماً رمزاً للانسانية و الكرم و البذل و الجود و السلم و المحبة و الطيبة أصبح رمزاً للعدوانية و العنف،، لماذا كل هذا العدوان و العنف؟ لماذا أصبحنا نعيش في مجتمع شبابه يتباهون و يفتخرون بظواهر حقيرة و منبوذة كما يسمى ب”التشرميل” و “الكريساج” و.. و.. و..
ربــاه!! مالذي يحصل فينا؟
حتى الحيوانات في مجتمعنا لم تعد تحلم بالسلام و لم تسلم من العنف و العدوان!!
ما هذه الحرب الغريبة على الانسانية ؟ حرب نابعة من عقر دارها و من أبناء الدار نفسها!!
لماذا قست قلوبكم إلى هذا الحد؟؟
لا استطيع تصديق كيف يقدر المغربي على اشهار السلاح الابيض المتنوع في وجه أخيه الذي يشاركه نفس الأرض و السماء و لا يستثني من ذلك حتى الحيوانات…
تالله إن ما رأيته في الفيديو المذكور لشيء مخزي و محزن و الأسوء الطريقة التي تمت بها تعذيب و ضرب و قتل ذاك الحيوان علماً أنه هناك طرق بسيطة لردعه أو بإمكانهم اللجوء للمصالح المختصة للتدخل إن كان مؤذياً، أعود و أقول أنه ليس هذا هو صلب الموضوع و إنما مجرد موقف من مئات المواقف المشابهة بطريقة تعذيبه و قتله من طرف هؤلاء الاشخاص و هم يتلذذون و يستمتعون بذلك إن دلت على شيء إنما تدل على مدى العدوانية و الامراض النفسية و العقد الاجتماعية التي يعاني منها مجتمعنا المغربي، فماذا سننتظر من فتى يرى والده يشهر الهراوات و السيوف والسكاكين و أداوات حادة في وجه حيوان و يضربه بكل عنف و بكل ما أوتي من قوة و كأنه يخرج ما في داخله من كبث و قلة رجولة ليستعرض عضلاته على حيوان أو انسان ضعيف!!..
و هذا الامر يعكس ما يحدث في مجتمعنا من عنف متبادل في الأسواق و الادارات و المدارس و المصانع و الازقة و الحقول و البيوت… مما يجعل المجتمع المغربي أشد المجتمعات العربية عدوانية و من أكثر تجمعات البشر عنفاً و شراسة.
يغيب الصبر و الحلم و تغيب معهما القوانين والتشريعات و كل انواع التعاقد الاجتماعي و السلمي و لا يحضر إلا الحقد والكراهية والغضب و الرفس و كل أنواع الفحش و البذاءة.
-لماذا أصبح الانسان المغربي غاضباً على الدوام و الدم يفور في رأسه، و ينكص على عقيبيه مليون سنة ليصير كائناً بدائياً يرغي و يهدر و يضرب و كأننا في غابة متوحشة!!؟ و كأنه كائن برّي غير قابل “للتدجين” رافض للقوانين، تحكمه الغرائز و تسيطر عليه… كائن مشحون سلباً يفرغ شحنته إما على أخيه المغربي أو على حيوان بريء..
العنف في الألفاظ و الكلمات… قاموس مليء بذاءة و فحشاً و فجوراً 😠
فكيف أصبحنا نعيش في خوف دائم و نحن في طريقنا إلى العمل أو في طريق العودة إلى بيوتنا و من الأمهات الطيبات من تضع يدها على قلبها و هي ترقب عودة أحد من أفراد أسرتها الضعاف!!؟
من منا لا يخاف من شيء مريع مرعب اسمه الاعتداء؟ في مجتمع فقد هويته و طيبته و أخلاقه الانسانية و أمنه؟ ذاك الاعتداء الذي قد يحدث في كل مكان و في كل زمان.
فلا يغرنك حجم ما نملك من طرق سيّارة ( على غلائها الفاحش ) و لا الأسواق الفاخرة الباذخة و لا عماراتنا التي لا تنطح السحاب …فطريق بناء الإنسان الثقافي طويلة و شاقة .
فأين الإنسان في هذا كله! الإنسان الذي فطن إلى ضرورة بناء القوانين التي تقيه بأس ” أخيه” الإنسان ، القوانين التي يبنيها التعايش السلمي و قوانين الانسانية…
هل أصبحنا نعيش فعلاً بين “زومبي”
و ماذا عسانا أن نفعل أو نقدم سوى بضع أسطر نروح بها عن أنفسنا الضائعة وسط ظلام اشتد سواده!
و ماذا عسانا أن نقول و من أي فصل سنبتدي؟؟
أسئلة تستفز الروح،
و تظل الأجوبة عبارة عن وهدة التمني تستوطن أرض احساسنا و آمالنا و أحلامنا. و نحن نقف في ذهول و تيه في تصنّع الغبطة و الاكتفاء بالحلم… نحلم بمجتمع أرقى و أفضل و أنقى، نحلم بالأمن و الأمان و السلم و نحلم بالابتسامة في وجه الآخر نحلم بمجتمع يتجنب إلقاء النفايات في الشوارع و بسائقين يحترمون قانون السير و يتفادون الضوضاء… نحلم باستنشاق هواء نقي بدل روائح الدخان و الحشيش و التلوث في كل مكان. نحلم بشباب يعطي الأولوية للعاجز و المسن و المرأة و آخر يساعد طفلا أو ضريراً على عبور الشارع… نحلم… و نحلم… و نحلم… ولا تكتمل لنا أحلام…
✒#عائشة العمراني
📝#جسر بريس