في سابقة ديبلوماسية لافتة، وصف عضو الكونغرس الأمريكي جو ويلسون، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي على منصة “إكس”، جبهة البوليساريو بـ”الإرهابيين”، مشيدا في الوقت نفسه بالشراكة الوثيقة بين الولايات المتحدة والمغرب، والتزام واشنطن بدعم الاستقرار في الصحراء المغربية.
وجاء في تغريدة النائب الجمهوري عن ولاية كارولاينا الجنوبية: “Grateful to meet with Moroccan Foreign Minister Nasser Bourita […] including the stability of Western Sahara from Polisario terrorists.” في إشارة صريحة إلى أن الميليشيات الانفصالية تمثل تهديدا للسلم الإقليمي، وأن الولايات المتحدة، أو على الأقل جزءا من ممثلي مؤسساتها التشريعية، ينظر إلى البوليساريو كجماعة متطرفة.
إن ما جاء في تغريدة النائب الأمريكي ليس جديدا على من يعرف التاريخ الحقيقي لجبهة البوليساريو. هذه الأخيرة، المدعومة من النظام العسكري الجزائري، اقترفت منذ تأسيسها سلسلة من الجرائم الشنيعة، ليس فقط ضد المغاربة المدنيين والعسكريين، بل أيضا ضد رعايا أجانب، خصوصا الإسبان والموريتانيين.
خلال السبعينات والثمانينات، نفذت البوليساريو عمليات اختطاف وقتل طالت صيادين إسبان في جزر الكناري، وعمالا أوروبيين في مناجم الفوسفات. كما لم تسلم موريتانيا من هجماتهم، حيث شهدت مدن الجنوب الموريتاني قصفا ونهبا أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وتدمير البنية التحتية.
أما في المغرب، فلا يزال عشرات المدنيين يروون فظائع التعذيب والاختفاء القسري في معتقلات تندوف، التي تحولت إلى رمز للرعب والانتهاكات الحقوقية، في ظل صمت دولي مطبق وازدواجية مقيتة في الخطاب الحقوقي.
الأخطر من ذلك، هو ما كشفته تقارير استخباراتية دولية عن تورط عناصر من البوليساريو في شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات والبشر، وتعاونهم مع جماعات إرهابية تنشط في منطقة الساحل والصحراء، مثل “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”و”جماعة” الإسلام والمسلمين”.
وقد وثقت العديد من الدراسات الصادرة عن مراكز بحث أوروبية وأمريكية كيف تحولت تندوف إلى حاضنة لتجنيد الشباب من مخيمات اللاجئين، والزج بهم في مغامرات دموية لا تمت بصلة إلى قضية تقرير المصير، بل تخدم أجندات فوضوية تهدد الأمن القومي لدول المنطقة.
تغريدة جو ويلسون وضعت النظام الجزائري في موقف حرج. فالجزائر، التي تروج نفسها كـ”مدافع عن حق الشعوب”، لتجد نفسها مجددا في موقع المدافع عن جماعة متطرفة موصوفة من قبل نائب أمريكي بالإرهاب.
في الوقت ذاته، تؤكد واشنطن من جديد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل.
هذه الرسالة الأمريكية، الصادرة عن أحد أبرز حلفاء المغرب في الكونغرس، تشكل صفعة دبلوماسية أخرى للجزائر، وتكرس عزلة البوليساريو، التي لم تعد تجد آذانا صاغية إلا لدى طغمة جنرالات المرادية الذين استثمروا لعقود في مشروع انفصالي فاشل، على حساب استقرار المغرب ورفاهية شعبه.
