يرى حزب التجمع الوطني للأحرار، من خلال أرضيته “مسار الثقة”، أن وضعية قطاع الصحة اليوم مقلقة ولا تواكب طموحنا نحو التنمية. ولهذا، ينادي حزبنا بضرورة الاستجابة للمطالب المشروعة للمواطنين كي يستفيدوا من خدمات صحية ذات جودة، مهما كان مستواهم الاجتماعي أو انتمائهم الجغرافي.
ويترافع لترسيخ منظومة لطب الأسرة، ويضع هذا الإجراء في قلب خطته الإصلاحية، لأن ذلك هو مفتاح الوصول إلى تأطير طبي جيد لكل المواطنين.
يأمل الحزب من خلال هذا الإجراء، إلى تحقيق نسبة تغطية تصل إلى 500 أسرة لطبيب واحد، مقابل 3 آلاف و600 فرد لكل طبيب ممارس للطب العام حاليا.
وتناط بطبيب الأسرة، بمساعدة ممرض المركز الصحي، مهمة التكفل بالمرضى المصابين بأمراض اعتيادية، ومنحهم العلاجات الأولية وحتى القيام ببعض الجراحات البسيطة. كما يوجه طبيب الأسرة المرضى، كلما دعت الحاجة إلى ذلك، نحو المستشفيات الإقليمية والجهوية، القادرة على أن توفر لهم العلاجات غير المتوفرة بالمراكز الصحية للقرب. ويتكفل الممرض في هذه الحالة بالحصول على موعد للمريض، كي يقلص آجال الانتظار التي يمكن أن تنتج عن الحضور الفجائي للمرضى.
وينبغي أن تكون كل الفحوصات التي تجرى داخل المستوصفات والمستشفيات الجامعية بالموعد، باستثناء الحالات المستعجلة، الشيء الذي سيجعلنا نتحكم في توافد المرضى، ووقف ما يحدث في قاعات الانتظار من فوضى وخلافات.
وإلى جانب الرفع من الميزانية الموجهة لقطاع الصحة إلى 10 في المائة من الميزانية العامة للدولة، بدل حوالي 6 في المائة المرصودة حاليا، يدعو الأحرار إلى تدبير جيد ومتوازن للموارد وللميزانية الحالية المخصصة للقطاع.
“راميد”.. نظام واعد يجب تقويمه
وبخصوص نظام “راميد” يدعو الأحرار إلى إعادة النظر في شروط أهلية المستفيدين منه. ويطالب بأن يعمل النظام وفق منظور تغطية لائحة كاملة من العلاجات الطبية التي ستشكل أساس السداد حسب عدد المرضى المتكفل بهم عوض الإعانات الممنوحة للمستشفيات بطريقة عشوائية. وسيسمح هذا النموذج للدولة بتسديد العلاجات التي خضع لها المستفيد من “راميد” والذي يتم إعلامه بها في الآن ذاته.
ملائمة المنظومة الصحية مع مبادئ الجهوية المتقدمة
تنص الخارطة الصحية اليوم على إحداث مستشفى لكل عمالة أو إقليم دون الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المميزة لكل منطقة جغرافية، الشيء الذي يجعلنا أحيانا أمام وضعيات غير مفهومة كتواجد مستشفيين لا يفصل بينهما إلا شارع واحد، وكلاهما يفتقران للمعدات اللازمة ولا يستطيعان الاستجابة لحاجيات المواطن أو التكفل به في المستعجلات. إذ أن تشتت الموارد يجعل من الصعب تطبيق المداومة وفق نظام الطبيب المقيم، الذي يقضي بوجود 4 أطباء على الأقل من التخصص نفسه في نفس المستشفى.
يقترح “الأحرار” المراجعة الجذرية لمنظومة العرض الصحي، لتوافق مع مبادئ الجهوية المتقدمة. ونقترح استبدال المستشفيات متعددة الاختصاصات الموجودة حاليا، بشبكة جهوية من المستشفيات المتخصصة، مع تمتع كل مستشفى من هذه الشبكة باستقلالية تامة في التسيير، وأن يتوفر على نظام للمداومة ويكون مجهزا بقاعات الجراحة جاهزة للعمل على مدار الـ24 ساعة.
وبالنسبة لحزبنا، فيرى بخصوص مراكز القرب، التي يُخصص لها أقل من ثلث الميزانية الوطنية للصحة لقرابة ألفين و900 مركز صحي أولي. وتسجّل تفاوتات كبيرة بين مؤسسات العلاجات الصحية الأساسية، فأكثر من 7 مراكز من كل 10 تتواجد في الوسط القروي، وتفتقر في الغالب إلى الحد الأدنى من الأدوات الطبية الأولية.
يطالب الحزب بدمج هذه المراكز عندما تكون المسافة بينها قريبة، من أجل الرفع من الموارد المتاحة، كما وكيفا، لضمان علاجات صحية محترمة للمواطن دون حاجة إلى أطر إضافية.
وينبغي أن ترتبط هذه المراكز الصحية بالبنيات التحتية الضرورية، استجابة لإشكالية البعد الجغرافي للأطر الطبية قصد ضمان استفادتها من ظروف عمل مناسبة وبالتالي تحسين مستوى أدائها.
كما يدعو “الأحرار”، من خلال “مسار الثقة”، إلى تحفيز الأطر الصحية العاملة في المناطق النائية، وذلك عبر تقاضي أطباء الطب العام أجورا محفزة على العمل في هذه المناطق ودعم مشروع طبيب الأسرة.