اسماعيل كايا / اسطنبول
بدأت دول الاتحاد الأوروبي أولى خطواتها بوقف تصدير الأسلحة إلى تركيا في محاولة للضغط على أنقرة لوقف العملية العسكرية التي بدأها الجيش التركي قبل نحو أسبوع ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، في خطوة يقلل الجانب التركي ومراقبون من أهميتها وقدرتها على إجبار تركيا على وقف العملية.
وبعد قرارات لعدد من الدول غير المؤثرة والتي لا تصدر لتركيا أسلحة فعلياً مثل هولندا وتشيك وفنلندا، قررت دول أكثر تأثيراً وذات موقع متقدم في تصدير الأسلحة إلى تركيا مثل فرنسا وألمانيا اتخاذ قرار مشابه، لكن الدول الأكثر تأثيراً وهي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لم تتخذ هذا القرار بعد.
ورغم اتفاق دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعاتها، الإثنين، على إدانة العملية التركية ودعوة أنقرة لوقفها فوراً، إلا أنها فشلت في الإجماع على قرار يلزم دول الاتحاد بوقف تصدير الأسلحة إلى تركيا، واتفقت على دعوة دوله لاتخاذ هذا القرار سريعاً.
ولا تبدو هذه الخطوة الأوروبية قادرة على الضغط على تركيا من أجل وقف العملية، ولا يمكن أن تؤثر على قدرة الجيش التركي في الاستمرار بالعملية العسكرية حتى لو استمرت لأشهر مقبلة، أو القيام بعمليات عسكرية أخرى في سوريا أيضاً، كون الجيش التركي يتمتع بقدرات كبيرة ولديه احتياطي كافٍ من الأسلحة.
كما أن تركيا، التي بقيت لسنوات طويلة تعد العدة لهذه العملية، كانت تتوقع بدرجة كبيرة اتخاذ الاتحاد الأوروبي هذه القرارات، وبالتالي فإنها اتخذت الاحتياطات اللازمة لتأمين احتياجات الجيش التركي لفترة طويلة للتخفيف من أثر هذه العقوبات المتوقعة.
يضاف إلى ذلك أن أنقرة قامت بخطوة كبيرة قبل عدة أشهر، تمثلت في طلب كميات كبيرة من الأسلحة وقطع الغيار، لا سيما من الولايات المتحدة وألمانيا، والمتعلقة بطائرات F16 الحربية وقنابلها، وذلك قبيل بدء استلام منظومة S400 الدفاعية الروسية، حيث كانت تتوقع تركيا أن تتعرض لقرارات أمريكية وأوروبية بوقف تصدير الأسلحة لها لأشهر وربما سنوات مقبلة.
كما أن الجيش التركي نجح في السنوات الأخيرة في زيادة اعتماده على الصناعات الدفاعية المحلية التي جرى تطويرها بشكل كبير ضمن برنامج ضخم عمل عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ وصوله إلى الحكم قبل قرابة 17 عاماً. ووفق تصريحات لأردوغان ووزير الدفاع خلوصي أكار، فإن الجيش التركي يستخدم في عملياته العسكرية في سوريا أسلحة محلية الصنع بنسبة تفوق الـ70%.
ويستخدم الجيش التركي أسلحة محلية عديدة أبرزها المدفعية الثقيلة، وقاذفات الصواريخ، والبنادق والذخائر التي جرى تطويرها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لكن الأهم هو الاعتماد على مروحيات أتاك الهجومية والطائرات التركية بدون طيار التي باتت تعتبر فخر الصناعات الدفاعية التركية.
كما أن العملية العسكرية في سوريا تبقى محدودة وتستهدف تنظيماً مسلحاً وليست حرباً شاملة مع دولة كبرى، وبالتالي فإن احتياجاتها إلى الأسلحة تبقى محدودة وتتعلق بالدرجة الأولى بالآليات والمدرعات الموجودة أصلاً، والبنادق والقذائف المتوفرة بسهولة لدى الجيش التركي.
يضاف إلى ذلك كله أن الحظر لم يشمل بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، وهما أكبر دولتين تستورد منهما تركيا أسلحتها، حيث لا يتوقع أن يلجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صاحب الشهية المفتوحة على بيع الأسلحة، لاتخاذ هذا القرار في الوقت الحالي، وفي حال اتخاذه فإنه سيكون مؤقتاً، بحسب التقديرات التركية.
وفي أسوأ الأحوال، تتوقع تركيا أن روسيا قادرة على تلبية أي احتياجات لها من السلاح على المدى المتوسط والبعيد، وذلك في ظل التقارب الكبير بين موسكو وأنقرة في السنوات الأخيرة، وشراء تركيا منظومة S400 الدفاعية الروسية، وتلويحها بشراء طائرات حربية روسية متقدمة من طراز سوخوي عقب قرار الولايات المتحدة وقف برنامج مشاركة وبيع تركيا طائرات F35 الحربية.