اسماعيل كايا / اسطنبول
دفع الجيش التركي والجيش الوطني السوري المعارض الموالي لتركيا أمس بتعزيزات عسكرية كبيرة تمهيداً لدخول مدينة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي شمال شرقي سوريا. وقال قائد عسكري في الجيش الوطني المعارض: «وصلت أرتال عسكرية ضخمة جداً إلى مدينة جيلان بينار التركية المقابلة لمدينة رأس العين السورية تمهيداً لدخولها إلى مدينة رأس العين خلال الساعات القليلة القادمة».
وأكد القائد العسكري الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بأن المئات من عناصر القوات الخاصة التركية التي تستعد لتدخل لأول مرة إلى رأس العين إلى جانب قوات الجيش الوطني السوري للسيطرة على المدينة، و»أن المعركة الحقيقة للسيطرة على المدينة تبدأ خلال هذه الليلة أو صباح غداً، ومسألة السيطرة على المدينة اصبحت محسومة». وكشف القائد العسكري بأن « تقدم الجيش الوطني يتم بحذر شديد لتجنيب المدينة الدمار، إضافة إلى وجود أنفاق كبيرة يستخدمها مسلحو قوات سورية الديمقراطية (قسد) وحزب العمال الكردستاني، وحشدهم أعداداً كبيرة من القوات تم جلبها من منطقة تل أبيض والرقة».
اشتباكات من مسافات قريبة جداً
ويأتي ذلك بشكل مفاجئ، وعقب إعلان سابق للجيش التركي منذ أيام السيطرة على منطقة رأس العين في ريف الحسكة شرقي نهر الفرات شمالي سوريا، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة جداً وغير مسبوقة في البلدة وسط قصف جوي ومدفعي وصاروخي تركي كثيف بالتزامن مع سماع أصوات اشتباكات كثيفة بالأسلحة الخفيفة، في أعنف مواجهة عسكرية بين الطرفين منذ بدء عملية نبع السلام قبل نحو أسبوع ووصفت بأنها «حرب شوارع» حقيقية.
اختفاء المروحيات… والمقاتلات الحربية تقصف من ارتفاعات عالية
ومنذ الساعات الأولى لصباح أمس الأربعاء تصاعدت الاشتباكات بشكل كبير جداً داخل أحياء بلدة رأس العين وشوهدت المدفعية التركية وهي تطلق عشرات القذائف على أحياء البلدية، في حين أطلقت القاذفات الأرضية عشرات الصواريخ وبشكل متتالٍ على منطقة الاشتباكات. ولم تنقطع أصوات الاشتباكات والانفجارات منذ الصباح حيث يخوض الجيش التركي وقوات المعارضة السورية (الجيش الوطني السوري) اشتباكات من مسافات قريبة جداً مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية داخل أحياء رأس العين رغم الإعلان التركي السابق بالسيطرة على المنطقة. ولا يعرف ما إن كانت الاشتباكات تجري في المناطق التي أعلن الجيش التركي عن دخولها سابقاً أم أنها المناطق المتبقية على أطرافها ولم يدخلها الجيش في وقت سابق، لكن مصادر الوحدات الكردية ادعت أنها شنت هجوماً مضاداً وتمكنت من استعادة العديد من المناطق في رأس العين.
وتحدثت مصادر سورية عن حرب شوارع تدور داخل أحياء المدينة، وسط ترجيحات بأن عدداً كبيراً من عناصر الوحدات الكردية الذين غادروا المنطقة في الأيام الماضية، شنوا هجوماً واسعاً داخل أحيائها عقب نجاحهم في التسلل إليها عبر شبكة أنفاق ضخمة تستخدمها الوحدات الكردية في المنطقة. وبعد أن كانت الاشتباكات تدور في الساعات الأولى لصباح أمس في الأحياء الشرقية للبلدة التي قالت وكالة الأناضول إنه جرى ضبط فيها مخازن أسلحة وشبكات أنفاق، انتقلت الاشتباكات بشكل أكبر إلى وسط البلدة، في إشارة إلى حدوث عملية تسلل واسعة إلى مناطق سيطرة الجيش التركي.
ومعروف أن الوحدات الكردية بنت طوال السنوات الماضية شبكة أنفاق كبيرة داخل مناطق سيطرتها في شمالي سوريا بشكل عام، والمناطق المحاذية للحدود التركية بشكل خاص، وتعتبر هذه أقوى منظومة دفاعية تستخدمها الوحدات الكردية ضد الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية، وذلك على غرار ما جرى في عملية غصن الزيتون بمدينة عفرين غربي نهر الفرات.
زرع عبوات ناسفة
كما تجري اشتباكات من مسافات قريبة جداً تستخدم فيها المنازل والأزقة، إلى جانب العبوات الناسفة التي جرى زرعها في أحياء البلدة كافة والكمائن التي تعيق تقدم الجيش التركي وقوات المعارضة المرافقة له، ولم تتوقف أعمدة الدخان عن التصاعد طوال اليوم، وتحدثت مصادر في المعارضة السورية عن إدخال مئات المقاتلين الجدد من «الجيش الوطني» إلى داخل رأس العين.
ورغم شدة الاشتباكات، كان لافتاً غياب طائرات «أتاك» المروحية التركية والتي يفترض أن تشارك بكثافة في التغطية على القوات المتقدمة، في إشارة واضحة إلى خشية الجيش التركي من استخدام الوحدات الكردية مضادات طائرات ومحاولة اسقاطها، وما يدعم ذلك هو أن الطائرات الحربية التركية تنفذ غارات من ارتفاعات شاهقة، حيث يمكن مشاهدة أماكن انفجارات ضخمة بدون سماح أي صوت للطائرات أو مشاهدتها بالعين المجردة. ونشرت مواقع مقربة من الوحدات الكردية مشاهد لاشتباكات عنيفة جداً استخدم فيها مسلحون من الوحدات الكردية الأسلحة الخفيفة وقذائف أي بي جي وأسلحة قنص داخل أزقة رأس العين، في المقابل نشرت الأناضول مشاهد لقصف مدفعي قالت إنه يستهدف ريف رأس العين.
وفي خطابه أمام كتلته البرلمانية، الأربعاء، قال اردوغان إن الوحدات الكردية تمكنت بفعل الدعم الغربي وشركة إسمنت فرنسية من بناء شبكة أنفاق بطول 90 كيلومتراً لمواجهة الجيش التركي، كما عاد اردوغان للتأكيد على أن عملية «نبع السلام» تسير «بنجاح كما هو مخطط لها»، وذكر مجدداً أن رأس العين جرت السيطرة عليها منذ اليوم الرابع للعملية.