رئاسة التحرير / فرانكفورت . الرباط
التقى نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، الخميس، في أنقرة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في محاولة لدفعه إلى القبول بوقف لعملية “نبع السلام” في سوريا، حيث يحاول الجيش التركي السيطرة على مدينة حدودية ثانية.
وأجرى بنس أولا لقاء ثنائيا مسهبا مع أردوغان قبل أن يتوسع الاجتماع عبر مشاركة الوفدين، بحسب مسؤولين أمريكيين.
وكان أردوغان توعد، الأربعاء، بمواصلة العملية العسكرية التي سهلها الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا.
ويأتي ذلك بينما تم الكشف عن رسالة بعث بها ترامب إلى أردوغان يقول له فيها “لا تكن أحمقا”.
وبعث ترامب تلك الرسالة في اليوم الذي شنت فيه تركيا هجومها على شمال شرق سوريا. وقال له ترامب انه لا يريد أن يسجله التاريخ على أنه “شيطان”.
ويرافق بنس في زيارته وزير الخارجية مايك بومبيو وعدد من المسؤولين.
اتهام ونفي
وبعد أيام من بدء انسحاب القوات الأمريكية، دخلت القوات التركية إلى قسم من بلدة رأس العين الحدودية الرئيسية رغم المقاومة الشديدة للمقاتلين الأكراد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وصرح رامي عبد الرحمن مدير المرصد أن القوات التركية والقوات المؤلفة من مقاتلين عرب وتركمان تستخدمهم أنقرة كقوات برية “تمكنت فجر الخميس من السيطرة على نحو نصف مساحة رأس العين بعد خوضها اشتباكات عنيفة ضد قوات سوريا الديموقراطية، ترافقت مع غارات كثيفة مستمرة منذ ثلاثة أيام”.
وكانت القوات التركية سيطرت على مدينة حدودية اخرى هي تل أبيض في 13 الجاري.
واتهمت القوات الكردية، الخميس، تركيا باستخدام أسلحة غير تقليدية مثل الفوسفور الأبيض والنابالم، الأمر الذي نفته أنقرة.
ونزح أكثر من 300 ألف مدني منذ بدء الهجوم، في “واحدة من أكبر موجات النزوح خلال أسبوع” منذ اندلاع النزاع في سوريا في العام 2011، وفق عبد الرحمن.
وقال المرصد إن نحو 500 شخص قتلوا من بينهم عشرات المدنيين، غالبيتهم على الجانب الكردي.
والأربعاء، أبرمت القوات التركية اتفاقا مع النظام السوري وسمحت لقواته والقوات الروسية المتحالفة بدخول بلدة كوباني الحدودية، بحسب المرصد.
ولكوباني رمزية كبيرة بالنسبة لأكراد سوريا حيث تمكنت قواتهم من انتزاعها من تنظيم “الدولة” في 2015 في معركة ملحمية دعمها التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
وتعهد رئيس النظام السوري بشار الأسد، الخميس، بالرد على الهجوم الذي تشنه تركيا “بكل الوسائل المشروعة”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وقال الأسد خلال استقباله مسؤولاً عراقياً إن الهجوم التركي “هو غزو سافر وعدوان واضح”، مضيفاً أن سوريا “سترد عليه وتواجهه بكل أشكاله في أي منطقة من الأرض السورية عبر كل الوسائل المشروعة المتاحة”، بعدما انتشرت قواته في مناطق عدة قريبة من الحدود التركية بموجب اتفاق مع الأكراد.
“رسالة غير عادية”
وأثارت العملية التركية التي دخلت أسبوعها الثاني، حراكا دبلوماسيا من الدول الكبرى.
وفي مواجهة انتقادات واسعة في واشنطن بتخلي ترامب عن الأكراد، فرض الرئيس الأمريكي عقوبات على ثلاثة وزراء أتراك وزاد الرسوم الجمركية على واردات بلاده من الفولاذ التركي.
وأعلن مكتب بنس أن الولايات المتحدة ستسعى إلى فرض “عقوبات اقتصادية قاسية” على تركيا في حال لم يتم التوصل إلى “وقف فوري لإطلاق النار”.
وكتب ترامب في الرسالة المؤرخة في 9 أكتوبر والتي أكد البيت الأبيض صحتها “دعنا نتوصل إلى اتفاق جيد”.
وأضاف “أنت لا تريد أن تكون مسؤولا عن ذبح الآلاف من الناس، وأنا لا أريد أن أكون مسؤولا عن تدمير الاقتصاد التركي…وسأفعل ذلك”.
وتابع “سوف ينظر اليك التاريخ بشكل إيجابي اذا قمت بذلك بطريقة صحيحة وإنسانية (…) وسوف ينظر اليك إلى الأبد كشيطان إذا لم تحدث الأمور الجيدة”.
وأشار المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إلى الطبيعة “غير العادية” للرسالة وقال “ليس من المعتاد أستخدام هذه اللغة في المراسلات بين القادة”.
إلا أن اردوغان قال للبرلمان التركي أن الطريقة الوحيدة لحل مشاكل سوريا هي أن تقوم القوات الكردية “بإلقاء سلاحها ومعداتها وأن تدمر كل تحصيناتها وتنسحب من المنطقة الآمنة التي حددناها”.
نفى ترامب مجددا أن يكون سحب ألف جندي، وهو تقريبا جميع القوات الأمريكية من شمال سوريا، خيانة للمقاتلين الأكراد الذين خاضوا معظم المعارك ضد تنظيم “الدولة”.
وتقول أنقرة أن وحدات حماية الشعب الكردية هي فرع “إرهابي” لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا دمويا في تركيا منذ 1984.
وتدخلت روسيا لملء الفراغ الذي تركه الجنود الأمريكيون ونشرت دوريات لمنع اية اشتباكات بين القوات السورية والتركية.
وذكر الكرملين والرئاسة التركية أن اردوغان سيلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع المقبل، وسط مساعي الطرفين لمنع نشوب حرب بين تركيا وسوريا.