الرحلات المجدولة بدأت العام الماضي مع الأولى لتشغيل القطار فائق السرعة ”البراق” بالتزامن مع الذكرى الاستقلال المملكة المغربية.
الرباط — مرت سنة على انطلاق أول رحلة للقطار السريع “البراق”، بحصيلة متميزة بلغ فيها عدد المسافرين أزيد من مليوني ونصف مسافر، ومن المنتظر ان يصل عدد المسافرين على متن قطارات البراق الى 3 ملايين مسافر “نهاية السنة”، فالاضافة الى نسبة انتظام حركة قطارت البراق والى غاية متم شهر أكتوبر 97%، بتدبير تقني وإداري مغربي مائة بالمائة. كما أن “البراق” واكبه بناء محطات أصبحت معالم عمرانية عصرية، بمواصفات راقية، بكل المدن التي ينطلق أو يمر منها القطار السريع.
وفي هذا الإطار، شكل قطار البراق قاطرة حقيقية لمرحلة جديدة أحدثت نقلة نوعية في تجويد الخدمات وبلورة عروض جذابة للنمط السككي تستجيب على أكمل وجه لتطلعات مختلف شرائح الزبناء.
وبهذه المناسبة، أوضح محمد ربيع الخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، في تصريح للصحافة، ان حصيلة السنة الأولى من استغلال قطار البراق، حققت إقبالا واسعا ومستمرا على استعماله. فمنذ يناير 2019 إلى غاية أكتوبر، إنهم مليونين ونصف من المسافرين الذين اختاروا التنقل عبر قطارات البراق (ثلاثة ملايين من يناير إلى دجنبر 2019) من خلال 7000 رحلة بمعدل بلغ 8250 مسافر يوميا.
وأضاف ان النجاح الهائل الرجع إلى المزايا الملموسة من طرف الزبناء نذكر منها التقليص في مدد السفر (طنجة – الدار البيضاء مثلا في ضرف فقط 2س و10 دقيقة)، والرفع من وتيرة القطارات (28 ذهاب وإياب في اليوم)، والدقة في المواعيد بنسبة انتظام تناهز 97٪، ونظام تعريفي مرن وفي متناول مختلف الشرائح، وكذا توفير مزيد من ظروف الراحة والمقاعد المضمونة والخدمات ذات القيمة المضافة بالمحطات وعلى متن القطارات … كلها مزايا ملموسة للزبناء لقيت استحسانا كبيرا كما يتضح ذلك من خلال نسبة الرضا المسجلة والتي تصل إلى 92٪.
أما من حيث الجدوى والفعالية، فقد حقق البراق إنجازات جد مرضية بفضل تمويل معقلن واستثمار ناجع ومنظومة تعريفية ملائمة للقدرة الشرائية لمختلف الشرائح، وكذا تكلفة استغلال جد تنافسية. كل هذا أفضى منذ السنة الأولى من الاستغلال إلى نتائج جد مشجعة: استطاع هذا الرمز للحركية المبتكرة، أن يسفر عن هامش تشغيل (marge opérationnelle) يوازي السقف الأعلى المحقق على مستوى قطارات مماثلة عبر العالم ممكنا بذلك من تغطية جميع نفقات التشغيل.
وباعتباره رافعة للتحول، فقد امتدت تأثيرات “البراق” لتحدث تجديد جدري على مستوى مختلف مكونات العرض السككي بفضل اعتماد مفهوم جديد للسفر وإعادة بلورة مسار الزبون وتوفير خدمات مبتكرة وذات قيمة مضافة…، وبذلك سجلت كل من القطارات المكوكية الجهوية وقطارات الخط “الأطلس” كذلك ارتفاعا مضطردا في نفس المنحى التصاعدي الذي عرفه البراق.
كما سجل البراق آثارا إيجابية واضحة ومتعددة الأبعاد، كمحفز للدينامية الاجتماعية والاقتصادية ورمز لعهد جديد من الحركية المستدامة. فإلى جانب تحسين مستوى التثمين والتسويق الترابي، فقد امتدت إيجابياته لتشمل مجالات متنوعة كالتهيئة الحضرية والعقار، فضلاً عن الرفع من الجاذبية الاقتصادية والسياحية للمدن المعنية.
وللاحتفال برمزية هذه الذكرى الأولى وتقريب ‘البراق’ أكثر من زبنائه والتذكير بإنجازاته وآثاره الإيجابية، أطلق المكتب حملة تواصلية على مختلف القنوات الإعلامية تشمل أساسا أنشطة مرتبطة بالمسؤولية الاجتماعية موجهة نحو الأطفال والطلاب وكذا أنشطة بالمحطات وعروضا لأثمنة تخفيضية وتحفيزية.
في اعتقادنا، لم يكن توفير القطار السريع مجرد إضافة وسيلة نقل، عصرية ومتطورة، إلى ترسانة التجهيزات المتوفرة في بلادنا. الأمر كان أكبر و أشمل، حيث أن “البراق” حمل إشارة رمزية بالغة على ضرورة أن ينخرط المجتمع بكل قواه الحية، و بكل الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين و الاجتماعيين، في مجهود المرور إلى سرعة أكبر في تدبير الشأن العام، بشكل يتيح مواجهة أسرع لتحديات المرحلة، وتجاوز ما تراكم من تأخر و عجز وسلبيات تؤثر في أداء بعض المرافق العمومية الأساسية، وتقلل التنافسية الاقتصادية، و لا تساعد في تحقيق التنمية الاجتماعية المدمجة لكل الطاقات الشابة ببلادنا.
للأسف لم يستوعب الجميع مضمون الإشارة و دقة معانيها، كما يحدث أن لا ينتبه كثير من الناس إلى أهمية التعاطي مع واقعنا الوطني، بما فيه من إيجابي و من سلبي، مع أخذ ما نراه في المحيط الجهوي والدولي من اضطرابات معقدة الأبعاد، وكثيرة التجاذبات و شديدة الاصطفافات، بعين الاعتبار خصوصا عند انتقاد ما لا يسرنا.