هبة محمد واسماعيل كايا . دمشق / اسطنبول
مع تقدم النظام بشكل متسارع في إدلب، وجدت تركيا نفسها مجدداً أمام الخيار الأصعب منذ بدء الأزمة السورية، والمتمثل بضرورة الاختيار في أسرع وقت بين الانسحاب من المحافظة شمال غربي سوريا لصالح روسيا والنظام وتحمل الفاتورة الباهظة لهذا القرار، أو التكفل بمكافحة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وذلك من أجل التمكن من الاستمرار في الانتشار في إدلب وسحب الذرائع من النظام وروسيا وتجنب النتائج «الكارثية» لسيطرتهما على المحافظة.
أقار: سنستخدم القوة ضد من لا يحترمون وقف إطلاق النار بمن فيهم الراديكاليون
وفي رد غير مباشر على التصعيد التركي ضد النظام، أقر برلمان النظام السوري «جريمة الإبادة الجماعية» بحق الأرمن، فقد أعلن «مجلس الشعب السوري» أمس بالاجماع أن عمليات القتل التي تعرض لها الأرمن بين العامين 1915 و1917 هي «إبادة جماعية»، فيما تزداد حدة التوتر بين دمشق وأنقرة إثر مواجهات في شمال غربي سوريا.
وقال المجلس في بيان إنه «يدين ويقر جريمة الإبادة الجماعية للأرمن على يد الدولة العثمانية بداية القرن العشرين».
وبينما جددت روسيا والنظام السوري ذريعتهما للهجوم بسبب وجود «التنظيمات الإرهابية» وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، واعتبارها مبرراً لاستمرار وتبرير الهجمات السابقة والحالية على إدلب، بدعوى مكافحة الإرهاب، تزامناً مع اشتداد هجوم النظام بشكل غير مسبوق على إدلب بغطاء روسي كامل، وجدت أنقرة نفسها اليوم أمام استحقاق غير مسبوق بالتراجع عن مركز إدلب، أو التعهد والتكفل بمحاربة الهيئة لسحب ذريعة الإرهاب من إدلب.
وفي هذا السياق ولأول مرة، لمّح وزير الدفاع التركي خلوصي أقار إلى إمكانية استخدام الجيش التركي القوة ضد هيئة تحرير الشام، وقال: «سيتم استخدام القوة في إدلب ضد من لا يحترمون وقف إطلاق النار بمن فيهم الراديكاليون»، مضيفاً: «نرسل وحدات إضافية لإرساء الاستقرار ووقف إطلاق النار».
وواصل الجيش التركي أمس إدخال أعداد كبيرة من الجنود والدبابات والعربات العسكرية والأسلحة المتنوعة والذخيرة إلى جانب آلاف الجنود وعناصر القوات الخاصة إلى داخل إدلب، الامر الذي فسره مراقبون بأنه سيتيح لها أكثر من أي وقت مضى إجبار التنظيمات كافة في داخل إدلب على الالتزام بأي اتفاق جديد لوقف إطلاق النار ولجم المتشددين.
وأعلنت الأمم المتحدة مقتل أكثر من 1700 مدني بينهم نحو 500 طفل كحصيلة للمعارك في المحافظة الشمالية في الشهور الأخيرة.
وجدد فريق «منسقو استجابة سوريا» مناشداتهم لجميع المنظمات الإنسانية في الشمال السوري لإنقاذ المدنيين النازحين في المخيمات الحدودية من موجة الصقيع وانخفاض درجات الحرارة وعدم قدرة النازحين على تحمل تكاليف التدفئة، موثقاً وفاة أكثر من تسع حالات في المخيمات نتيجة البرد والحروق والاختناقات، في ظل استمرار موجات النزوح للمدنيين من أرياف إدلب وحلب.
من جهة أخرى كشف مصدر دبلوماسي مصري عن زيارة قام بها أخيراً للعاصمة المصرية القاهرة، رئيس مكتب الأمن القومي السوري، اللواء علي مملوك.
وأضاف في تصريح لـ«الخليج الجديد»، مشترطاً عدم ذكر هويته، أن مملوك التقى قبل أيام عدداً من المسؤولين المصريين لبحث تطورات الأزمة السورية، وخاصة الأوضاع في إدلب، والوجود التركي على الأراضي السورية.
ويرجح أن مملوك زار القاهرة لإطلاعها على نتائج اللقاء الأمني الثلاثي الروسي – التركي – السوري، الذي عقد في موسكو، منتصف الشهر الماضي.