يونس التايب
وأنا أتابع، هذه الليلة، التقارير التلفزية حول ما يجري في الفنيدق ومحيطها، تذكرت ما كان قد أكده، قبل أسابيع قليلة، السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة من أن عدد التلاميذ الذين يغادرون المدرسة، كل سنة، دون استكمال التعليم هو 300.000 تلميذ …
للأسف، حينها قليلون منا من تجاوزوا ذلك المعطى الإحصائي لطرح أسئلة أخرى بحثا عن الدلالات و المعاني، من قبيل :
ماذا بعد الاعتراف بهذا الرقم الخطير … ؟
أين ذهب هؤلاء التلاميذ المنقطعين …؟
ما هو مصيرهم …؟
هل من سبيل لإعادة إدماجهم …؟
هل تقوم وزارة التعليم، أو أي قطاع آخر، بخطوات إجرائية ملموسة لتتبع حالة كل المنقطعين عن الدراسة ؟
طبعا، لم نسمع إجابات عن تلك الأسئلة، لأنها أصلا لم تطرح، حيث لم نسمع أن مؤسسة رقابية أو هيئة حكامة، أو جهة رسمية ما، طرحت الأسئلة و دقت ناقوس الخطر … !!!
هل تعلمون ماذا يعني أن يكون رقم 300.000 تلميذ منقطع عن الدراسة، رقما سنويا ؟؟ هل تدركون معنى ذلك ؟؟
معناه أنه، منذ الموسم الدراسي 2020 – 2021 مثلا، مجموع الذين انقطعوا عن الدراسة هو 1.200.000 تلميذ …
و منذ سنة 2011، سنة الدستور الجديد، يكون مجموع من انقطعوا عن الدراسة هو 4.200.000 تلميذ …
فهل هنالك من بإمكانه أن يخبرنا أين ذهب هؤلاء الأطفال و المراهقين و الشباب … و شنو دارت بهم الأيام ؟؟؟
هل هنالك جهة حكومية تابعت وضعيتهم، و واكبتهم اجتماعيا و نفسيا، لتخبرنا ماذا فعلت الظروف الصعبة بهؤلاء الأطفال والشباب بعد أن صاروا خارج منظومة التعليم، وفي الغالب هم لا يستفيدون من التكوين و لا يخضعون لأي تدريب مهني، و من يشتغل منهم فهو في القطاع غير المهيكل، حيث الهشاشة في كل شيء … ؟؟؟
طيب، ماذا يمكن لمن لا يدرس و لا يتكون و لا يتدرب و لا يشتغل، و ليس له مشروع صغير، و ليس عضوا في تعاونية إنتاجية، أن يفعل ليحقق ذاته .. ؟؟؟ و كيف يمكن أن يتمالك نفسه أمام إغراء “الحياة السعيدة” بعد “الحريك”، الذي يمكن أن يتعرض له عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو بفعل عصابات الهجرة السرية والاتجار في البشر … ؟؟؟
الوضع مؤسف و لا حاجة لمزيد من الشرح كي يستوعب البعض أن الوضع الاجتماعي دقيق جدا، على الأقل في شقه المرتبط بغرق آلاف الأسر في رعاية أطفال و شباب عاطلين عن العمل بلا شواهد، لا يكفي دليلا على أن واقع الطفولة و الشباب المغربي ليس على أحسن ما يرام …
طبعا، بالتأكيد أن الهجرة غير الشرعية ليست هي الحل لمشاكل الشباب و العاطلين، حيث المطلوب هو أن نحتضن أولاد بلادنا و نحيي في نفوسهم الأمل من خلال مواكبتهم ليحققوا ذواتهم في الوطن الأم … و على السلطات العمومية المعنية بقضايا الإدماج أن تبادر و تسارع إلى محاولة حل المشكل بمنهجية جديدة و كفاءات مهنية حقيقية و خطط عمل رصينة.