فاطمة البودالي / كاتبة مغربية
ان اجتياح كرونا للكرة الارضية ليس اول الأوبئة التي عرفتها البشرية، قد تكون أعنفها و لكن حتما ستنتهي بإذن الله تعالى ، سوف نتجاوز هذه الأزمة كباقي الأزمات التي عرفها العالم و لكن لن يكون طبعا بدون خسائر مؤلمة تترك اثرها العميق في الذاكرة الانسانية، ما يجب استخلاصه هو أنها درس للبشرية جمعاء في كل بقاع الأرض، فبعد كورونا يجب على الانسان و العالم بأكمله أن يتغير و يغير طرقه و أساليبه في كل شيء، إعادة النظر في سياسات الدول الداخلية و الخارجية و في نظرته للانسان، يجب أن يغير من سلوكاته اتجاه الارض، و العمل على الحفاظ عليها بكل الوسائل و الطرق، لقد خنقناها و لم نترك لها مجالا لكي تتنفس، أهلكناها ازدحاما و تلوثا و استغليناها أبشع استغلال، استنزفنا خيراتها الجوفية و السطحية و لوثنا سمائها بكل أنواع الصناعات التي لا تتوقف امام جشع الإنسان و لهثه وراء كل أنواع الرفاهية التي لا تنتهي و إن كانت لا تحقق السعادة التي يصبو إليها، أصبحت حياتنا مليئة بكل انواع الرفاهية التي لا نجد وقتا للاستمتاع بها و أحيانا و إن وجد الوقت لا نشعر بالسعادة و السمو الروحي إلا و نحن في أحضان الأرض و الطبيعة، لقد بعثرنا جميع قوانينها وعبثنا بها فالفصول فقدت مواعيدها، الربيع فقد دفئه و السماء جفت عيونها من حزنها عليها، اليوم فقط تنفست الصعداء بعدما اجتاحتها الكورونا و أخذت إجازتها من غطرستنا وانانيتنا، فمنذ ظهورنا عليها و نحن نستنزفها، اليوم نحن مرغمون على سجن أنفسنا بأنفسنا بدون أغلال، وباء و خوف و جوع لعلنا نتعض و نأخذ الموعظة و نعود إلى حضن أمنا الأرض و نستمتع بها بدون استنزاف أو خنق ، يمكننا أن نفكر في تغيير أسلوب حياتنا، أسلوب يعيد إلينا إنسانيتنا عوض الآلة التي أصبحنا عليها، يمكننا نخترع أساليب جديدة للعمل عن بعد عن طريق التكنولوجيا الحديثة، و نقلل من التنقل و الاكتضاض و التقليل من وسائل النقل التي لا تنفع سوى أنها رفاهية عديمة النفع، يمكننا أن نستثمر في الانسان بالعلم و المعرفة و نشرهما في كل بقاع الأرض، أن نحارب الفقر بالزراعة و تحقيق الاكتفاء الذاتي بعيدا عن كل ما يمكنه إفقار الأرض بالمبيدات، يمكننا أن نجتهد أكثر و نتطور أكثر من دون تدمير للارض فقط يجب أن ينهض الإنسان داخلنا و تستفيق ضمائرنا و تحيى المبادئ فينا.