ففي نشرات على مواقع التواصل نجد كل طرف يدعي أولويته لهذه الوجبة المغربية القديمة ، ألا وهي الزميطة او تازميط، وهي طعام من الشعير وبعض الحبوب والنباتات كانت مؤونة وزاد الرحل والمسافرين .
ونجد أن أول من أشار إلى الزميتة المغربية هو الإنجليزي توماس بيلو الذي عاش في المغرب لفترة طويلة 1704 ، وشرح في كتابه (مغامرات في المغرب) ماهو طعام الزميتة وكيف يصنعه سكان الأطلس الكبير ، حيث قال : ” هو طعام سكان الأطلس المصنوع من القمح والشعير الذي بعد يحمص وبعد تحميصه يُطحن ويغربل ثم بعد إزالة النخالة يخلط بأعشاب متنوعة والماء ويأكل “.
كلمة الحماس أصلها من التحميص التحماس/ يحمس يحمص ، كانت الطريقة المغربية الأصلية تحضر بشكل مختلف عن عصرنا ، حيث تقوم السيدات بتنقية الحبوب المختلفة التي ستستعمل في الخليط من قمح وشعير وحبوب البطيخ والقرع وغيرها من الأوساخ ، وتنظف جيداً وتغسل .
وتؤخذ كمية من الماء وتوضع على النار حتى درجة الغليان، وتسكب على الشعير ، وتترك فترة من الزمن. ثم نضع الملح على الحبوب وتوضع في قماش أو الخيش وتتركه حتى الصباح مع وضع شيء ثقيل عليه ، و في الصباح تقمن بطرح الحبوب في الشمس حتى تجف قليلا ، بعد ذلك تحمص في الفراح أو تقلي في الحمّاس وتحمس ( تحمص ) قليلا، ويراعى في ذلك عدم احتراقها ، وبعدها تدق بمهراس النحاس أو الخشب حتى تزال القشور منها ، ثم تغربل و ( تنسف ) النخالة منها ، بعد ذلك تبدأ عملية الطحن سواء في الطاحونة اليدوية أو الرحى الحجرية أو عند صاحب المطحنة، وبعد أن تطحن المواد كل على حدة تخلط وتصبح زميطة تغربل و تشوطط في الشطاطو ( الغربال الرقيق ) وتحفظ لحين الإستعمال ، عند الحاجة تخلط الزميطة بالماء وزيت الزيتون أو زيت الأرغان والعسل والسمن البلدي والزبدة المسالة .
أثناء تحضيرها للأكل ، تقدم الزميطة كل حسب ذوقه مع الشاي بالنعناع المغربي أو الحليب.
والزميطة هي إرث قديم ، وكان سكان الأطلس يصنعونها للسفر و الترحال كغذاء وطعام في الصحراء و المسافات الطويلة ، لكونها سهلة الحمل و سهلة التحضير ومغذية وصحية، وليس لها بديل في تلك العصور القديمة ، خاصة للوقاية من الجوع خلال أيام السفر والتغرب.
وقد أصبحت الوصفات العصرية تختلف في طريقة تحضيرها عن الزمن القديم كما تختلف صناعة “الزميطة” حسب المناطق والمدن .
يغسل الشعير والقمح وجميع المقادير جيداً بالماء ، ثم تجفف في الشمس ، و تنقى التوابل من الشوائب والحصى جيداً، وتحمص على نار هادئة مع الأعشاب، تطحن المقادير جيداً، يخلط الكل جيداً ، ويترك في مكان جاف يمكن استهلاكه بعد خلطه بالعسل وزيت الزيتون..
بقلم المرحوم الشاف الهواري الحسين
………………………………..
* توماس بيلو (1704) مؤلف إنجليزي، اشتهر بقصة طويلة أسيرة بعنوان تاريخ الأسر الطويلة ومغامرات توماس بيلو يروي كتاب بيلو العديد من مغامراته الماضية خلال 23 عامًا من الأسر (صيف 1715 – يوليو 1738) ، ويقدم وصفًا مفصلًا عن حياته في المغرب ، وتجاربه في عهد السلطان مولاي إسماعيل حتى هروبه من المغرب.
وصف توماس بيلو في مؤلفه قصصا مختلفة حصلت له في الأسر ظ كما ذكر أماكن مختلفة من المغرب ،وتفاصيل عن كثير من العادات والتقاليد المغربية في تلك الحقبة التاريخية.