ثريد بكبش مشوي كامل صنع للإمام الشيخ القرافي، حيث أرعبه رأس الكبش المشوي جاحظ العينين ، و يروى من مقالب طلبة المرابطين أنهم يقومون على العادة بتبجيل أستاذهم الجليل شهاب الدين القرافي ، ونحروا له كبشا سمينا وعملوا به شواء طهي في التنور ( الفرن )، وصنعوا خبزا و فتتوه فتاتا ، ثم صنعوا له ثريدا ( رفيسة ) وقدموه في قصعة كبيرة ، وسقوه بمرق ساخن ، وتحلق الجميع على مائدة الغذاء .
لكن النظر إلى الرأس المشوية راقدة في القصعة تتوسد الثريد، وهي تحدق في الإمام القرافي أثارت رعبه وصرخ حانقا معاتبا أحد طلابه : ” يا أخي، ألا اخبرتنا ألا قلت لنا ! لقد طارت عقولنا .. ” ، وكان هذا نوع من التندر و المزاح المعهود بين الطلبة و الفقهاء .
جاء في الأثر كلام عن الإمام شهاب الدين القرافي الصنهاجي
…فقال القرافي حانقا و معاتبا :” يا أخي ، ألا أخبرتنا ! ألا قلت لنا ! لقد طارت و عقولنا ” ، وسرعان ما قام الغلام بذبح الكبش المخيف ، وسلخه و إعداده وطهيه في التنور الذي أضرمه بالحطب ، وأنضج الخبز فيه ، وجعله فتاتا في قصعة كبيرة ،وصب عليه المرق الساخن ، ثم قدمه ، فتحلق الجميع حول مائدة الغداء ، لكن النظر لرأس الخروف المشوية ، راقدة على الصحفة الواسعة ، تتوسد الثريد ، وكأنها تحدق في الإمام القرافي ثانية ؛ كان مثيرا للضحك و يندر بهذا الرعب الذي عاشه الإمام …
بقلم المرحوم الشاف الهواري الحسين
……………………………………..
* الإمام القرافي الصنهاجي : هو أحمد بن عبد الرحمن القرافي شهاب الدين الصنهاجي ، من علماء المالكية ، نسبته إلى صنهاجة من أمازيغ المغرب عاش في مراكش وعاصر حقبتي المرابطين والموحدين، وكان عالم زمانه بل أحد الأعلام الكبار ، انتهت إليه رياسة المالكية في عصره ، وبرع في الفقه ، والأصول ، والعلوم العقلية ، والتفسير ، ولا عجب ، فهو تلميذ العز بن عبد السلام النجيب؛ الذي عاش فقيراً ، ونشأ في أسرةٍ مغمورةٍ ، ثم بعلوِّ همَّته، وجدِّه ، وعزيمته التي لا تلين ملأ الدنيا علمه ، تخرج على يديه عدد من العلماء الأفاضل ، وكتب ، وألَّف؛ حتى أصبحت كتبه أعلاماً للسالكين ، ومن أجلِّها: «الذخيرة» و«الفروق» و«شرح التهذيب» وغيرها.
* عن كتاب طبقات الأصوليين بعدوتي المغرب و الأندلس
يونس بن عبد الخالق العدلاني
* و كتاب حكايات إندلسية احمد محمد الشرقاوي