هيئة التحرير
نبه جلالة الملك محمد السادس – نصره الله – في خطاب العرش السامي لهذه السنة إلى أن مدونة الأسرة لم تعد كافية ، وقد جاء ذلك في ظل الإرتفاع الكبير لحالات الطلاق في صفوف الأسر المغربية في السنوات الأخيرة منذ دخول المدونة الجديدة عام 2004 حيز التنفيذ ، و أصبحت طلبات التطليق للضرر نادرة جدًّا،مقارنة بنظيرتها من حالات التطليق للشقاق التي تشكل ألأغلبية ، مما جعل كثيرا من الحقوقيين والنشطاء يدقون ناقوس الخطر .
و إن انتشار حالات التطليق بالشقاق مقارنة بنظيرتها من الحالات الأخرى ، ترجع بالأساس إلى كثرة ملفات الطلاق المعروضة كل يوم على المحاكم؛ ما يصعِّب التركيز على عملية الصلح، وضعف مؤسسات الوساطة الأسرية ، و أيضا إلى سهولة مسطرة التطليق للشقاق ، و كذا المحكمة ملزمة بالحكم بالتطليق للشقاق إذا تعذر الإصلاح بنص المادة 97 التي جاء فيها: (في حالة تعذر الإصلاح واستمرار الشقاق، تثبت المحكمة ذلك في محضر، وتحكم بالتطليق وبالمستحقات …)، حتى وإن لم يتبين لها أدنى سبب في التطليق، فإن القاضي ملزم بالحكم بالتطليق للشقاق إذا أصرَّ أحد الزوجين على ذلك ، وهذا ما يفتح الباب أمام كل من سوَّلت له نفسه الافتراق بأن يلجأ إلى هذه المسطرة؛ ما ترتب عنها ارتفاع نسبة الطلاق.
ولا يجب أن نغفل دور تأثير العولمة وتغلغل الفكر الرأسمالي الذي أزال القداسة عن كل المعايير والضوابط الاجتماعية التي كانت تعتبر مقدسة في تحديد شريك الحياة، والتي نتج عنها تفكك الضوابط والمؤسسات التقليدية وهيمنة الفردانية والأنانية على حساب المصلحة المشتركة للزوجين.
وللتقليل من من ظاهرة الطلاق عامة و الطلاق الشقاقي خاصة ، يجب على الدولة العمل على إحداث مؤسسات للوساطة الأسرية بمرجعية دينية ، و إلزامية مرور طلبات الطلاق عامة والتطليق على المجالس العلمية، أو مؤسسات الوساطة الأسرية، أو الحكمين ، و أيضا توسيع دور الحكمين في مدونة الأسرة بأن يتعدى مجرد محاولة الصلح وبيان أسباب الاختلاف، وتحديد المسؤول، و أيضا العمل على تضييق مصطلح الشقاق وحصر أسبابه ، وكذا القيام بتكوين الشباب المقبل على الزواج؛ لمعرفة ما له وما عليه، وتأهيله للحياة الزوجية.
وطبعا ، فإن قانون الأسرة لا يمكن تعديله إلا في إطار المسار الذي عرفه صدوره، من خلال التوافق بين الجهات الدينية والتشريعية والمدنية والسياسية تحت إشراف أمير المؤمنين الملك محمد السادس أولا و أخيرا ، الراعي الرسمي على حفظ مصالح الشعب المغربي الدينية والدنيوية معا.