خلال أسبوع واحد امتد من 08 إلى 14 غشت الجاري، خلفت حوادث السير في المناطق الحضرية، مصرع 20 شخصا، واصابة 2244 آخرون بجروح، إصابات 76 منهم بليغة، في 1577 حادثة سير.
أرقام صادمة لآفة مؤرقة أبت أن تتوقف بفعل أسباب مختلفة، رغم كل الجهود المبذولة من السلطات المعنية من زجر، وتحسيس وتوعية، والنتيجة شاهدتها اليوم الأربعاء مجددا خلال انقلاب حافلة لنقل المسافرين بين بني ملال وخريبكة، خلفت مصرع 19 شخصا، واصابة آخرون بجروح متفاوتة الخطورة.
تختلف أسباب حوادث السير سواء في المدار الحضري أو خارجه، لكن المعطيات الرسمية تؤكد بأن عدم احترام قانون السير هو السبب الرئيسي في حوادث مميتة تخلف ضحايا، وعاهات جسدية ونفسية كل سنة.
يشير بلاغ سابق للمديرية العامة للأمن الوطني الى أن الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وقوع هذه الحوادث، حسب ترتيبها، هي عدم انتباه السائقين، وعدم احترام حق الأسبقية، والسرعة المفرطة، وعدم انتباه الراجلين، وعدم ترك مسافة الأمان، وتغيير الاتجاه بدون إشارة، وعدم التحكم، وتغيير الاتجاه غير المسموح به، وعدم احترام الوقوف المفروض بعلامة “قف”، والسياقة في حالة سكر، وعدم احترام الوقوف المفروض بضوء التشوير الأحمر، والسير في يسار الطريق، والتجاوز المعيب، والسير في الاتجاه الممنوع.
خسائر حوادث السير لا تتوقف فقط عند فقدان العنصر البشري، الذي يبقى هو الخاسر الأكبر في هذه الآفة المؤرقة لجميع المعنيين، باختلاف مجالات تدخلهم، ومستوياتهم، بل لهذه الحوادث، أيضا تكلفة اقتصادية واجتماعية باهظة تقدر بـ1.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل 19.5 مليار درهم سنويا، بحسب معطيات صادرة عن “الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية”.
ولم تفلح أول إستراتيجية وطنية للسلامة الطرقية بالمغرب، التي تم اعدادها سنة 2003؛ في وقف نزيف “حرب الطرق”، فيما تشير التقديرات إلى أنه تم إنقاذ أكثر من 10000 حياة بشرية بفضل تنفيذ الإستراتيجيات الوطنية للسلامة الطرقية منذ 2004.
المعطيات تتحدث عن تمكين هذه الإستراتيجية من إنقاذ 2700 حياة ما بين 1996 و2015، و2800 حياة ما بين 2015 و2021، بتراجع قدر بناقص 25 في المائة؛ وسط توقعات بأن تنقذ حتى 2026 حوالي 1900 حياة، أي بتقليص نسبة الوفيات جراء حوادث السير بناقص 50 في المائة.
وأمام تنامي حوادث السير، خاصة في فصل الصيف، تبذل السلطات المغربية مجهودات كبيرة بداية بتعزيز حظيرة الرادارات الثابتة بأكثر من 650 رادارا، منها 552 من الجيل الجديد، تمكن من رصد مخالفات عدم احترام الضوء الأحمر وتجاوز الخط المتصل والسير على الممرات الممنوعة للسير؛ كما تسمح بالتمييز بين مركبات الوزن الخفيف والثقيل في ما يخص السرعة المسموح بها لكل فئة، وكذا مراقبة السرعة المتوسطة للمركبات بمقاطع طرقية تمتد لعدة كيلومترات على مستوى الطرق السيارة.
كما تم في ذات السياق، اعتماد البرنامج الخاص بهيئات السلامة الطرقية بميزانية 2.2 مليار درهم، ثم برنامج تجديد وتكسير مركبات النقل الطرقي، بميزانية 250 مليون درهم سنويا طيلة الفترة ما بين 2019 و2023، وأيضا برنامج تكوين السائقين المهنيين بميزانية 100 مليون درهم.
غير أن كل هذه الإجراءات، و التدابير الزجرية والوقائية والتحسيسية على أهميتها، تبقى دون جدوى ما دام العنصر البشري، ممثلا في مستعملي الطريق هو “الفاعل” الذي بيده الحل النهائي للحد من حوادث السير بالمغرب، لكونه هو السبب والنتيجة في آخر المطاف.