حمل الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ68 لثورة الملك والشعب الذي وجهه الملك محمد السادس، مساء يوم الجمعة 20 غشت 2021، إلى الشعب المغربي رسائل مباشرة لمجموعة من الدول التي سعت جاهدة للتأثير على المغرب ومحاولة التدخل في شؤونه دون أن تنجح في ذلك، بعدما أكد الملك أن المغرب تغير لكن ليس كما تريد هذه الدول وأنه لن يقبل بالمس بمصالحه العليا من طرف أي كان.
وبعدما نفى جلالته بأن المغرب يتعرض لهجمات منظمة من طرف بعض المنظمات التي تسعى لخدمة أجندات معينة بسبب تغيير توجهه السياسي والاستراتيجي، وطريقة تعامله مع بعض القضايا الدبلوماسية، في نفس الوقت، أوضح بأن هذا الأمر غير صحيح وأن المغرب تغير فعلا، ولكن ليس كما يريدون، في إشارة منه إلى هذه الدول ومنظماتها؛ لأنه لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا. وفي نفس الوقت، يحرص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار.
وخصّ الملك محمد السادس في خطابه الجارة الشمالية، إسبانيا بجزء هام حينما أشار إلى أن علاقات الرباط ومدريد يحكم توجهها اليوم المنطق الذي تحدث عنه والمتعلق بعدم المس بمصالح المملكة العليا، خصوصا وأن العلاقة المغربية الإسبانية كانت تعيش آنذاك أزمة بسبب تورط مدريد في إدخال زعيم ميليشيات البوليساريو بن بطوش إلى إسبانيا بهوية مزورة، خوفا من إيقافه من طرف القضاء الإسباني المطلوب أمامه بتهم التعذيب والاغتصاب.
هذا الأمر الذي أشار له الملك محمد السادس حينما أكد أن العلاقات المغربية الإسبانية مرت في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها، قبل أن يعود للتأكيد على أن الممكلة المغربية اشتغلت مع الطرف الإسباني بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية، مشيرا إلى أنه وبالإضافة إلى الثوابت التقليدية، التي ترتكز عليها، يحرص البلدان اليوم وأكثر من أي وقت مضى على تعزيزها بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين، مؤكدا أنه حرص شخصيا وبشكل مباشر على سير الحوار وتطور المفاوضات مع إسبانيا.
وأكد الملك محمد السادس في خطابه أن الهدف لم يكن هو الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن يتم جعلها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات التي تحكم هذه العلاقات.
لقد كان هذا الخطاب بمثابة رسالة مباشرة للعديد من الدول التي ظلت تلعب على الحبلين وتحاول لي أيدي المملكة المغربية باستعمال ورقة قضية الصحراء المغربية، قبل أن تسارع للتفاعل معه وتتلقف الرسائل التي يتضمنها، خصوصا تلك التي توجد بين السطور، بحيث وما هي إلا أشهر قليلة حتى سارعت ألمانيا لطلب ود المغرب وإعادة علاقاتها معه، بل وأعلنت بشكل مباشر وصريح عن دعم مقترح الحكم الذاتي كحل جاد ونهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
إسبانيا التي ظلت عبر التاريخ فاعلا رئيسيا وجزاء من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بل وظلت ملجأ آمنا لعدد من الانفصاليين المنتمين لعصابة البوليساريو، تلقفت رسائل الملك محمد السادس وتيقنت بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وأن المملكة بقيادة الملك محمد السادس لم تعد تقبل الممارسات التي دأبت مدريد على القيام بها تجاه المغرب، خصوصا في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، الشيء الذي جعلها ترجع عن غيها وتعلن بشكل صريح ورسمي ولأول مرة عن دعمها للوحدة الترابية للمملكة من خلال دعم مبادرة الحكم الذاتي كحل جدي ونهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ما شكل ضربة موجعة للجزائر ودميتها البوليساريو.