برز المغرب في السنوات الأخيرة، كقوة صاعدة افريقيا، وقاطرة للاقتصاد والتنمية في القارة، بفضل الدينامية التي يعرفها نموذجه الاقتصادي ونظامه السياسي المستقر، ما يؤهله ليصبح مستقبلا “القوة” الأولى في القارة السمراء.
وفي وقت تواجه فيه عدد من الدول الافريقية، تحديات اقتصادية هائلة، في خضم التغيرات العالمية السريعة. حقق المغرب تقدما ملحوظا، سواء من حيث الإصلاحات الاقتصادية أو السياسية، مُظهرا قدرة عالية على الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي يوفرها “نظام العولمة”، وكذا الموارد البشرية والمالية في المنطقة.
وتظهر الاحصاءات والتقارير، استحواذ المغرب بشكل رئيسي على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في القارة، وهو ما أكده تقرير “مناخ الاستثمار”، الصادر عن “المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات”، سنة 2021.
في مقابل ذلك، انتقلت استثمارات المملكة المباشرة في دول افريقيا جنوب الصحراء، من 907 ملايين درهم عام 2007 إلى ما يناهز 7.5 مليار درهم عام 2021.
وعلى الرغم من مغاردة المغرب لمنظمة الوحدة الإفريقية عام 1984 ، إلا أن المملكة، تداركت الأمر من خلال اعادة ارتباطها بهويتها الإفريقية، وعودتها الى الاتحاد الإفريقي في 30 يناير 2017.
هذا الانصهار ساهم بشكل أساسي، في تقوية النفوذ الدبلوماسي المغربي، بما يخدم القضايا الوطنية للمملكة، اعتمادا على المنهج القائم على مقاربة “رابح-رابح”، وتنفيذ مشاريع تنموية وشراكات مندمجة مع دول القارة.
وفي الوقت الحاضر، يتبع المغرب منطق التقارب الأمثل مع أشقائه الافارقة، من خلال رؤية مشتركة حول التحديات الكبرى التي تواجه “افريقيا”، ما مكنه من تحقيق نجاحات متميزة وإنجازات مشهودة على مختلف الاصعدة، واضعا نصب عينيه، بأن تحقيق نهضته التنموية، لن تكون بمعزل عن تحقيق نهضة شاملة للقارة ككل، في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وعلى الصعيد السياسي، بات المغرب اليوم، نموذجا مثيرا للاهتمام، بفضل قدرته على الجمع بين نظام حكم تقليدي مبني على ملكية دستورية عريقة ترتكز على امارة المؤمنين، و “تبني مشروع ديمقراطي حداثي”، واضعا في الآن ذاته قطيعة نهائية، مع العشوائية في التدبير السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
فيما تمكن على الصعيد الدبلوماسي، من الجمع بين القوة الصلبة (تعزيز قدراته العسكرية وتطويرها) والقوة الناعمة (الأداء الدبلوماسي، والاقتصادي والانفتاح الدولي) لتحقيق الأهداف الوطنية والعالمية، على الرغم من التحديات العميقة التي يواجهها.
أما تنمويا، فيواصل المغرب تنفيذ خطط واستراتجيات رائدة، لتحسين حياة مواطنيه، وهو ما عبر عنه من خلال صياغته لنموذج تنموي جديد، يهدف إلى خلق المزيد من الثروة وتعزيز مكانة المواطنين، وتطوير مهاراتهم وقدراتهم، الى جانب إثراء اقتصاد الدولة على مدى السنوات الإثنا عشر المقبلة، للوصول الى “مغرب الغد”، أو “المغرب المتوقع”، في أفق عام 2035.