رشيد موليد / الرباط
الحدث في تعاضدية المظفين: مراكز تربوية نفسانية للأطفال المعاقين ودور للراحة وللعجزة قريبا
يقف المتتبع للمسار الإداري الخاص بتسيير وتدبير عمل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية في المدة الأخيرة، على فارق كبير، يفصل بين عهدين. العهد السابق الذي فرض تدخل الحكومة لحله وانهائه بمقتضى الفصل 26 من الظهير الشريف رقم 187-57-1 الصادر بتاريخ 12 نونبر 1963. والعهد الجديد الذي يقوده مولاي إبراهيم العثماني الرئيس المنتخب يوم 10 يناير الماضي.
بمجرد انتخاب الرئيس الجديد، وانتخاب المكتب المسير، بادرت الأجهزة المسيرة الحالية للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بعد عقد أول مجلس إداري لها، إلى ملاءمة انتشارها الاداري مع التقطيع الجهوي الترابي الرسمي للمملكة المغربية. من خلال فتح مندوبيات ومكاتب قرب حسب الخصاص وحسب معطيات كل جهة من جهات المملكة. وبهذه الملاءمة، وفرت التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية أرضية قانونية وأدبية للعمل وفقها، مع مراعاة خصوصية التعاضدية العامة والانتشار الجغرافي للمنخرطين.
وهكذا أصبحت الجهات الإثنتى عشر، في صلب اهتمام الجهاز المسير دون استثناء، لينطلق التفكير في خلق مشاريع إجتماعية ملموسة تلبي احتياجات المنخرطين وتحقق العدالة الاجتماعية والمجالية بين المناطق أو بين منطقة وأخرى في ذات الجهة. وانطلق العمل لتيسير الولوج للخدمات الإدارية والإجتماعية والصحية المقدمة من طرف التعاضدية العامة على قدم المساواة. ومن مظاهر التيسير، عدم تحميل المنخرط أعباء مالية إضافية، جراء التنقل إلى المركز في الرباط، أو حتى إلى الجهة التي تتوفر على وحدات تابعة للتعاضدية العامة، قد تكون بعيدة بمئات الكيلومترات.
ويأتي هذا السعي الحثيث لتحسين الخدمات وتقريبها وتجويدها، في إطار المسلسل الإصلاحي الهيكلي الكبير الذي باشرته الأجهزة المسيرة الحالية للتعاضدية العامة برئاسة مولاي إبراهيم العثماني من أجل القطع مع الإختلالات والنواقص التي شابت فترة تسيير الأجهزة السابقة، وذلك بسن نظام أساسي للتعاون المتبادل، وعيا من القيادة الجديدة للتعاضدية، رئاسةً ومكتباً مسيراً، بحساسية المرحلة وانخراطها في ورش الجهوية المتقدمة التي يراهن عليها المغرب، من أجل تحقيق الحكامة الترابية والإقلاع التنموي المنشود في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة؟
انطلاقا من كل ما سبق، وتنفيذا للمخطط الإستراتيجي الخماسي 2021-2025 في الشق المتعلق بتنزيل مخطط الجهوية المتقدمة وسياسة القرب، وفي إطار الإستجابة للمطالب المشروعة والملحة للمنخرطين والمندوبين المنتخبين الذين يمثلونهم تم إحداث وكالات لخدمات القرب ومديريات جهوية تتوفر فيها جميع معايير الاستقبال وجودة الخدمات في تجاوب وتناغم تامين، مع أهداف ومرامي الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة المغربية، وتمت تعبئة جهود جميع مكونات التعاضدية العامة من مسيرين وإداريين واتخاذ جميع الترتيبات والإجراءات الإدارية والمالية والبشرية الضرورية لتغطية جميع التراب الوطني ورفع الحيف عن المنخرطين الموجودين بالمناطق النائية.
ويذكر في هذا السياق، أنه تم إحداث وكالات خدمات القرب للتغطية عن قصور الغالبية العظمى من مكاتب القرب المعتمدة في العهد الأسبق عن تحقيق الأهداف المتوخاة من وراء إحداثها، وذلك لأسباب موضوعية وقانونية صرفة، تتلخص أساسا في كون الموظف المشرف على مكتب القرب، لم يكن مستخدما بالتعاضدية العامة، وبالتالي لا يمكنه الحصول على القن السري الذي يخول له الولوج للنظام المعلوماتي “إسكيف”.
إن اعتبار هذه المكاتب في العهد السابق مجرد نقطة ربط فقط، لتجميع الملفات دون تسجيلها، كان يعرضها للضياع، ولم تكن تلك المعطيات موضوع صون وحفظ طبقاً لمقتضيات القانون 09.08 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، من خلال تمكين أفراد غير عاملين بالتعاضدية العامة من معالجة بيانات خاصة بالمنخرطين وذوي الحقوق.
نفس الشيء ينطبق على المديريات الجهوية حيث يتم تخصيص مقر غير تابع للتعاضدية العامة لإيواء وحدة إجتماعية وصحية، وفي بعض الأحيان في أماكن بعيدة عن مركز المدينة، مما يصعب معه التنقل إليها خاصة بالنسبة للمنخرطين من كبار السن والمرضى. وهذه من جملة النواقص التي طبعت التسيير القديم، وكان لا بد من اعتبار هذا الوضع وتجاوزه من قبل الرئاسة والمكتب الجديدين. وهو ما حصل بالفعل. إذ، صادق الجهاز المسير على إعطاء انطلاقة مشروع تعاضدي جهوي ضخم، وتم تنزيله على أرض الواقع في وقت وجيز، لرفع تلك الإكراهات الخدماتية والمرفقية، باحداث وكالات خدمات القرب بالمدن التالية:
المحمدية، قرية با محمد إقليم تاونات، جرسيف، تاوريرت، شفشاون، أصيلة،سيدي سليمان، الرماني، تيفلت، طرفاية،
تزنيت، تارودانت، الدريوش، جرادة وبوعرفة. ولنفس الهدف حصل افتتاح أقطاب ومديريات جهوية وإقليمية بكل من مدن:
أكادير،فاس، طنجة، العيون، مراكش، وتمارة، وقريبا في وجدة والناظور.
ومن حسنات هذه الثورة الجهوية المتقدمة في مجال الخدمات، تحقق أهداف اعلى هامشها وتتمثل في:
– توفير سيارات المصلحة بالأقطاب الجهوية التي تضم مجموعة من الجهات من أجل تأمين نقل ملفات المرض بعد تسجيلها وتقديم وصلات الإيداع لمستحقيها، وبالتالي الحرص على تفادي ضياعها بالدرجة الأولى، خلاف ما كان يحصل سابقا.
– نقل بعض الاختصاصات الإدارية والطبية التي كانت حكرا على المركز الرباط إلى الأقطاب الجهوية كالمراقبة الطبية للملفات المرضية والتحصيل والاحتياط الاجتماعي والتدبير الجهوي للشكايات.
ويبقى مسلسل تنزيل الجهوية التعاضدية في صلب استراتيجية الأجهزة المسيرة الحالية، وسيتم قريبا تعزيز الجهات بمشاريع إجتماعية مماثلة بكل من مدن سلا والفقيه بن صالح وخريبكة، فضلا عن الشروع في إحداث مراكز تربوية نفسانية للأطفال في وضعية إعاقة ودور للراحة ودور العجزة بمجموعة من القطع الأرضية التي تم وضعها رهن إشارة التعاضدية العامة من طرف السلطات المحلية، في مشهد يكرس التنسيق المشترك والوثيق بين الدولة والفاعلين في القطاع التعاضدي والصحي لتنزيل الورش الملكي المجتمعي الضخم المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لجميع المغاربة.