اليوم، على فرنسا إدراك أن المغرب تعب بعد نصف قرن من الاستنزاف من لَيِّ ذراعه بقضية الصحراء، وأصبحت له قناعة أن الكثير من العواصم الغربية تجعل من هذه القضية، ملفا احتياطيا يمكن استخراجه ونفض الغبار عنه كلما دعت الضرورة لذلك، كما تم جعله مثل الحصى في حذاء المنطقة المغاربية لكبح أي تطور مستقبلي لِدُولها، بِالإبقاء على “ملف الصحراء” حيّا منذ خروج الاستعمار من المنطقة، وهو الملف الذي دمرّ الحجر وساهم في تغذية أحقاد تاريخية بين البشر، وخرّب أي تكامل للمنطقة المغاربية، وجعل علاقة المغرب والجزائر فوضوية.
وإن كانت الدول الغربية، كما هو حال فرنسا، قد وجدوا لنظامٍ عسكري فاشي في الجزائر قضية ليعيش ويتغذى عليها مثل قضية الصحراء للبقاء في السلطة أطول مُدة مُمكنة،، فالمغرب لم يعد قادرا على المغامرة بالمستقبل بجعل هذا الملف مفتوحا إلى ما لا نهاية، لذا، كان الملك واضحا بشأن “صِدق الصَداقات، ونَجَاعَة الشَراكات” للدول مع المملكة، والتي يجب أن تكون بمواقف واضحة لا تقبل التأويل في قضية الصحراء، وهو ما يَعني فرنسا تحديدا بعد أن أوضحت كل من ألمانيا وهولندا والبرتغال، وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا موقفهم من هذه القضية.
دعوة الملك محمد السادس لفرنسا بإظهار موقفها في قضية الصحراء بشكل واضح لا يقبل التأويل، هو تنبيه أيضا إلى الطابور الخامس في الرباط ممن يشكلون “خلايا نائمة مُفرنسة” تصلي على قبلة باريس وتصر على إغراق المجتمع المغربي بلغة فرنسية لم تعد صالحة لا للعلم ولا للاقتصاد ولا لبناء مستقبل صلب للأجيال المقبلة.
فالدفاع عن القضايا المصيرية للمملكة يحتاج، أيضا، إلى التخلص من الإرث الثقافي الكولونيالي الذي ينعكس على الاقتصاد والوعي الجماعي وهوية الدولة المغربية التي احتفلت بـ 12 قرنا على وجودها.