بشعرٍ رمادي أشعث، يحيط بصلعة برّاقة ملساء، على وجه طويل وملامح مبعثرة، تشبه ملامح “شرشبيل” الشرير في سلسلة الرسوم المتحركة “السنافر”. لم يكن أحد يتوقع وصوله الى رئاسة الجمهورية الجزائرية، ولو من باب المزاح.
إنه “عبدالمجيد تبون”، تجسيدٌ صارخ لغباء جنرالات الجزائر المسنين وغير المتعلمين، الذين يقودون البلاد نحو الهاوية، ويقمعون كل الأصوات الداعية إلى التجديد والتحديث .
رئيسٌ من درجة “كومبارس” في فيلم “تجاري رديء”، ما فتئ يُقدم الدليل تلو الآخر، على جهله وغبائه، وافتقاره إلى اللباقة، والثقافة السياسية، وحتى افتقاره للثقافة تمامًا. مثلما تؤكد ذلك خرجاته الاعلامية الشهرية، التي تفجر سخرية عارمة، بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب استعماله لمفردات ومصطلحات سوقية، لا تليق بشخص يفترض فيه أنه رئيس دولة.
سنة 1999 أخرجهُ الراحل بوتفليقة من “التقاعد المبكر”، وعينه وزيراً للاتصالات، قبل أن يكلفه بمناصب أخرى حتى عام 2002. بعد عشر سنوات عاشها شبه منبوذ، تم استدعاؤه إلى الحكومة عام 2012 ليشغل منصب وزير “السكن والعمران” في حكومات “عبدالمالك سلال” الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، قبل أن يتولى في 2017 رئاسة الوزراء.
صورة كاريكاتورية للبيروقراطي/التيكنوقراطي المثالي، الذي لا يفقه شيئا في أبجاديات السياسة أو الدبلوماسية، لكنه بشكل أو بآخر، يمثل “البروفايل” المناسب والمثالي، بالنسبة للكبرانات، كشخصية تتوفر على جميع المواصفات اللازمة للعب دور “الدمية /الماريونيت” بكل اخلاص وتفان، توازيا مع تنفيذ جميع الأدوار الأخرى، بدءً بـ “التشيات” و صولا الى الرقص على “وحدة ونص”، إرضاء لأصحاب الأحذية العسكرية السوداء.
بصيغة أخرى، “عبدالمجيد تبون”، نموذج حي لشخصية “زينهُمْ” في “مسرحية الزعيم”، والذي وجد نفسه فجأة رئيس جمهورية، بعدما اختاره رجال الرئيس “الميت ” “زيمباوي” “ورستم رستم” ، من أجل حكم البلاد باسمه ومن خلاله.
شخصيته وأذواقه وطريقته في القيادة وعلاقاته وآرائه يكتنفها ضباب كثيف، فيما يتفق الجميع أنه ” أضعف شخصية وصلت الى منصب الرئاسة في الجزائر”.
وبعمر 76 سنة تقريباً، تبون الرئيس “الثامن” للجزائر، وربما “المُثمّن” أيضا، بالنظر الى ادمانه الشديد على الكحوليات كما يحكي مقربون منه، لا زال يدخن بشراهة حتى في الاجتماعات الرسمية، بشكل يعكس توتره الشديد.
تتبع مسار حياته، يشبه إلى حد ما الاطلاع على تاريخ بلاده قبل الاستقلال وبعده. تاريخ هجين ومضطرب، بلا هوية، ينضاف الى ذلك معاناته من مرض سرطان الحنجرة، وأمراض اخرى في الجهاز التنفسي.
وعلى غرار باقي الفاسدين في الجزائر، الذين يصفهم الصحفي الجزائري المعارض هشام عبود بـ “العصابة الحاكمة”، عمل “تبون” منذ وصوله، على تمكين أبنائه من التسلل إلى المناصب الحكومية الرفيعة، وتمكينهم من الصفقات والامتيازات.
في خضم كل ذلك، يظل “سعيد شنقريحة ” هو الحاكم الفعلي للجزائر، متبنيا استراتيجية حكم البلاد من وراء الكواليس، باسم رئيس الدولة “ضعيف الشخصية”، الذي رضيَ بلعب دور “الكومبارس” برغم الصلاحيات الواسعة التي يمنحها له الدستور.