جسر بريس. الرباط / رشيد موليد
تميز اجتماع المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بكلمة حادة وجادة للرئيس مولاي إبراهيم العثماني عرض فيها منجزات الشهور الثمانية الماضية من جهة وتوعد بها من جهة ثانية، عناصر في المؤسسة يفسدون ولا يصلحون.
ونظرا لخطورة وفداحة الأخطاء المرتكبة ضد سريان عمل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية في إسداء خدماتها لفائدة 453000 من المنخرطين وذويهم، فقد توعد الرئيس بـ”التصدي بكل حزم ومسؤولية ونكران ذات، لبعض الانفلات والإختلالات الصادرة للأسف العميق من داخل التعاضدية العامة، بإيعاز وتشجيع من بعض الأزلام من أعداء الخارج (….)، بهدف خلق البلبلة وزعزعة وحدة المكتب والمجلس الإداري، والتشويش على الإنجازات الجبارة التي تحققت في عهدكم”.
وبنبرة حازمة، شدد مولاي ابراهيم العثماني في كلمته التي افتتح بها عمل المجلس الإداري واللجان المنبثقة منه، الملتئم بمدينة المهدية خلال يومي 23 و24 شتنبر الجاري، بكون المجلس “سيغير اتجاه مساره ونظرته الإيجابية المبالغ فيها، إن لم أقل العمياء غير المتبصرة للأمور، وسيراجع إستراتيجيته في تدبير الرأسمال البشري بصفة عامة، وتدبير الإدارة بصفة خاصة”، بعد فساد بعض الموظفين ممن تورطوا في تسريب أجواء العمل الداخلي للمؤسسة إلى خارجها.
وتأسف مولاي ابراهيم العثماني بشدة لكون “إنجازاتنا الكبيرة والثمينة لم تشفع لنا اتجاه العنصر البشري والرأسمال البشري للمؤسسة، وما قمنا به في إطار تحسين الوضعيات الإدارية والمالية والاجتماعية وحتى النفسية، وكذا إطلاق مسلسل جبر الضرر الذي استهل بإرجاع المستخدمين المطرودين ضدا على القانون، ومنح الترقيات في الدرجة والرتبة المتوقفة منذ سنة 2016، وتنظيم امتحانات الكفاءة المهنية المتوقفة هي أيضا منذ سنة 2013، وسد حاجيات المؤسسة من الأطر والكفاءات لسد الخصاص المهول في الوحدات المركزية والجهوية”.
إن ما قامت به الإدارة في عهدها الجديد ورغم قصر مدة توليها المسؤولية، أشبه بنفخ الروح في جسد متهالك، إذ كان كل شيء شبه متوقف منذ حوالي عقد من الزمن، وكان الطرف المتضرر هم الموظفون الذين تجمدت ترقيتهم، وتوقف إجراء امتحانات نيل الكفاءة في حقهم، وتم حبس ترقياتهم، لهذا كان وقع خيانة الأمانة مؤلماً لمقابلة كل هذه الجهود بالجحود والخيانة والطعن في الظهر.
يقول مولاي ابراهيم العثماني “لم تشفع لنا هذه الإصلاحات والإنجازات كلها، والتي تصب مجملها في مصلحة المستخدمات والمستخدمين، من الوقوع في جريمة خيانة الأمانة التي قام بها البعض، حيث تم تسريب جملة من الملفات والوثائق والمستندات الإدارية لبعض المواقع الإلكترونية التي تبحث عن زلاتنا إن حصلت، هذا الخرق الخطير للمادة 12 من النظام الأساسي الموحد للمستخدمين، والذي تم عن طريق بعض المستخدمين من عديمي الضمير المهني، وفلول العهد البائد، بمباركة وإيعاز ومشاركة من أعداء النجاح من داخل وخارج أسوار المؤسسة، هدفهم الأوحد والوحيد هو إحداث شرخ في وحدة المؤسسة إدارة وجهازا منتخبا، وبالتالي فرملة قطار الإصلاح والتأهيل والتطوير بغاية إشاعة الفتن وزعزعة استقرار التعاضدية العامة، وإضعاف ثقة المنخرطين بها وبمسيريها”.
أمام هذه الجريمة التي اقترفها من سماهم مولاي ابراهيم العثماني بـ”عديمي الضمير المهني، وفلول العهد البائد” يرى أنه “آن الأوان لاجتثاث هذه العناصر الخبيثة من التعاضدية العامة، والتضييق عليها وعلى حركاتها وأعمالها الدنيئة، التي تدخل في خانة الأخطاء الجسيمة التي تستوجب الفصل والمتابعة القضائية، وشد الخناق على من يحركونهم خارج المؤسسة، ربما لأهداف وغايات لها امتداد سياسي ومصلحي محض”. في أشارة منه الى حزب سياسي ينشط فيه الأعضاء المناوئون.
وأعطى الأمر للإدارة من أجل “التحري والبحث، عن المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن هذه التسريبات، ومعرفة جميع عناصر الشبكة الإجرامية والعلاقة والمصالح التي تربطهم بأعداء النجاح. وكان طبيعيا أن يتم توجيه انتقادات لاذعة من قبل أعضاء في المجلس الإداري للمدير العام، بخصوص هذا الانفلات وما نتج عنه من تسريب للشان الداخلي، بحكم أن المدير، هو من يتحمل المسؤولية المباشرة على أخطاء موظفيه، وهو من عليه معرفة تفاصيل كل هياكل المؤسسة.
وحدد الرئيس “مهلة شهر واحد للقيام بما يستوجب، من إصلاح وتطهير للإدارة، وذلك بغية استئصال جميع العناصر التخريبية، مع التزام كل المسؤولين الإداريين وعلى رأسهم السيد المدير العام، بتحمل مسؤولية أي تسريب يقع بعد هذا اليوم وداخل هذه الآجال”.
يذكر أن موضوع هذا الورم داخل التعاضدية العامة لموظفي الادارات العمومية والذي يجب استئصاله أخذ وقتا كثيراً، لكنه لم يطغى على إبراز المنحى الإيجابي الذي تسير عليه أشغال التعاضدية العامة في مختلف جهات التراب الوطني. وهو ما تدله عليه مؤشرات الشهور الثمانية الماضية، أي من يناير 2022 الى غاية متم غشت الماضي. من قبيل استفادة 40554 منخرطة ومنخرط من العلاجات المقدمة من طرف عيادات طب الأسنان مركزيا وجهويا، وتصفية ملفات المرض بنسبة زيادة بلغت 12%، وتسجيل 38.323 ملف بوكالات خدمات القرب منذ افتتاحها، وهو ما يمثل 8% من مجموع الملفات المسجلة.
وبخصوص مجموع الملفات المرجوعة من مركز الأرشفة والتوثيق في إطار عملية تطهير قاعدة البيانات بلغ 1354 ملف، تمت تصفية 839 ملف أي بنسبة معالجة بلغت 62%. كما تم تسجيل 7594 منخرط جديد مقابل 5879خلال نفس الفترة من سنة 2020 أي بزيادة 22%، وتحيين 6775 بطاقة انخراط. إلى ذلك، جرت عملية معالجة ما مجموعه 2733 شكاية، بنسبة بلغت 80 % بالنسبة للمنخرطين، و90% بالنسبة للمؤسسات، وذلك داخل آجال معقولة.
وختم مولاي ابراهيم كلمته بقوله إن كل ما جاء على مسامعكم، من إنجازات ملموسة وواقعية، تزكيها الأرقام والنتائج المتحصل عليها، إنما هي ثمرة نجاح هذا المجلس الموقر، ووجاهة قراراته التي تصب دائما في إتجاه خدمة الصالح العام، والنهوض بالتعاضدية العامة إلى مصاف المؤسسات الرائدة في المجال التعاضدي على المستوى الوطني والإفريقي والدولي.