وقع المغرب ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، صباح اليوم بالرباط، اتفاقية تهدف إلى حماية التراث المادي واللامادي في إفريقيا.
تأتي هذه الاتفاقية، التي ترأس مراسم توقيعها وزير الشباب والثقافة والتواصل مهدي بنسعيد، والمديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، على هامش أشغال اللجنة الحكومية الدولية السابعة عشرة لصون التراث الثقافي غير المادي المنعقدة في المغرب.
وشددت أودري أزولاي، في تصريح لوسائل الإعلام، على أن الاتفاقية ستسمح للمغرب بمساعدة اليونسكو والدول الإفريقية في تدريب الخبراء على حماية وإدراج مواقع جديدة في قائمة التراث العالمي، خاصة الدول الإفريقية الاثني عشر التي ليس لديها أي مواقع معترف بها.
وأضافت أن “المغرب يمثل نموذجا في حماية وصون التراث الثقافي في إفريقيا، وستسمح له خبرته بتدريب فاعلين جدد لتحديد وإدراج مواقع جديدة”.
من جانبه، قال مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، إن هذه الاتفاقية ستجعل الخبرة التي اكتسبها المغرب في مجال حماية تراثه متاحة لدول جنوب الصحراء.
وأضاف بنسعيد، في تصريح لوسائل الإعلام، أن “المغرب وقع اتفاقية مهمة مع منظمة اليونيسكو، وهي اعتراف ضمني بأن المغرب له تجربة كبيرة في مجال التراث المادي واللامادي نتيجة السياسات التي يتبناها تحت الرعاية الملكية”.
وشدد المسؤول الحكومي المغربي على أن “المملكة تولي أهمية بالغة للمدن العتيقة والتراث المادي واللامادي”، مبرزا أن “التحدي المطروح اليوم هو نشر الخبرة المغربية في مجال تدبير التراث على المستوى الإفريقي”.
وقال إن “الإعلان عن المركز الوطني للتراث الثقافي اللامادي يقوي مكانة المملكة من أجل الحفاظ على تاريخنا والتراث اللامادي المغربي، وهو ما سيكسب المملكة اعترافا دوليا متزايدا”.
واستطرد الوزير بأن “مجال الثقافة مهم في مجال السياحة الوطنية، فهي غير مبنية على السواحل والجبال بل حتى الثقافة والتراث الذي يجب الحفاظ عليه”.
وكان الملك محمد السادس دعا، الاثنين، إلى إحداث مركز وطني للتراث الثقافي غير المادي، مهمته تثمين المكتسبات المحققة في هذا المجال ومواصلة الجرد المنهجي للتراث الوطني في مختلف مناطق المملكة.
جاء ذلك في رسالة وجهها العاهل المغربي إلى الدورة 17 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التي تعقدها منظمة اليونسكو.
وأشارت الرسالة الملكية إلى أن من مهام هذا المركز أيضا “إنجاز قاعدة بيانات وطنية خاصة، وتنظيم تكوينات علمية وأكاديمية، والعمل على تربية الناشئة والتعريف بالتراث الثقافي”.
وأضافت الرسالة الملكية أن الهدف هو الحفاظ على العناصر المغربية المدرجة في التراث العالمي، وإعداد ملفات ترشيح خاصة بالمغرب.
وأعرب الملك محمد السادس، امس الاثنين ، عن شكره للمديرة العامة لليونسكو “أودري أزولاي”، نجلة المستشار اندري ازولاي، على جميع الجهود التي تبذلها من أجل الحماية والمحافظة على التراث الثقافي للأمم، والذي يكون عرضة للاستيلاء من طرف بلدان أخرى، أو التقليد من قبل ثقافات أخرى، وذلك خلال اللقاء الذي جمع جلالته، بالمسؤولة الأممية أمس الإثنين، وذلك على هامش تدشين جلالته للمحطة الطرقية الجديدة للرباط.
جلالة الملك وخلال هذا اللقاء، أشاد بجودة الشراكة بين اليونسكو والمغرب، مشيرا جلالته إلى التعاون المتميز القائم بين المنظمة الأممية والمملكة من أجل المحافظة على التراث الثقافي غير المادي وصون الثقافة والتقاليد التي تنتقل من جيل إلى آخر.
كما حرص جلالته على ضرورة المحافظة على التراث الثقافي للأمم، لاسيما وأن عددا من الدول تقوم باستيلاء غير مشروع، وتقليد أعمى للتراث الثقافي لدول أخرى، وهو النقاش الذي طرح مؤخرا على الساحتين الوطنية والدولية، عندما قامت شركة «أديداس» بتصميم قميص المنتخب الجزائري مستوحى من الزليج المغربي. خطوة استفزت شعور المغاربة، ودفعت الشركة المذكورة، إلى الاعتذار رسميا للشعب المغربي، والصناع التقليديين المغاربة، معترفة في بلاغ رسمي لها بأن تصميم قميص المنتخب الجزائري مستوحى فعلا من الزليج المغربي.
هذه القضية، تطرح مشكلا كبيرا يواجه الدول والبشرية جمعاء، يكمن في استيلاء غير مشروع، لتراث عدد من الدول، بتاريخها و حضارتها الضاربة في عمق التاريخ.
كما أن هذه الإشكالية، طرحها جلالة الملك من خلال رسالته السامية الموجهة للمشاركين في أشغال الدورة 17 للجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، لليونيسكو، والمنعقدة بالرباط، حيث دعا جلالته إلى ضرورة التصدي لمحاولات الترامي غير المشروع على الموروث الثقافي والحضاري للدول الأخرى، لاسيما وأنه من الضروري العمل على إبراز إشعاع التراث غير المادي الذي تتوفر عليه الدول، والخروج بتدابير للحفاظ عليه، من خلال النهوض بأهداف الاتفاقية الصادرة سنة 2003.