قدمت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تصورها لإصلاح قطاع الصحافة بمجلس النواب يوم 21 من الشهر الجاري، بمناسبة الذكرى العاشرة للحوار الوطني حول الإعلام.
إن الدعم العمومي للصحافة المغربية مسلسل عرف تطورات منذ سنة 1987 عندما كان محصورا في دعم الصحف الحزبية بناء على عدد مقاعدها في البرلمان إلى اليوم الذي ما نزال نعيش فيه في إطار الدعم الاستثنائي المرتبط بجائحة كورونا.
والفيدرالية تعتبر هذا النقاش الصاخب حول الدعم وخلفياته السابقة وتوصيفاته ومحاسنه ومساوئه تمرينا ديموقراطيا محمودا، إلا أنه لا يخلو من مزايدات، ومن تأثير يعتقد البعض أنه بالحديث عن اختلالات مفترضة سيكسب على حساب طرف مهني آخر، إلا أن المعضلة تكمن في كون الثقة المهزوزة بيننا وبين الرأي العام ستزداد اهتزازا خصوصا وأن النزاهة والإنصاف والموضوعية هي الضحية في تقييم هذا الدعم العمومي وليست طرق تدبير الدعم هي المشكلة. وفي هذا الإطار توضح الفيدرالية مواقفها من هذا الدعم بالشكل الآتي:
– الدعم الذي تم إقراره منذ 2005 شارك في بلورته والتوافق عليه وتدبيره الجميع: فيدرالية الناشرين التي كان يترأسها السيد عبد المنعم دلمي، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية ووزارة الاتصال وكان من أهم مكاسبه توقيع اتفاقية جماعية غير مسبوقة لقطاع الصحافة المكتوبة آنذاك.
– عرف هذا الدعم تعديلا جوهريا ساهمت فيه الأطراف المذكورة آنفا عندما كان السيد خليل الهاشمي رئيسا للفيدرالية الممثلة الوحيدة آنذاك للناشرين وكان الدعم متطورا ومحسنا.
– عرف هذا الدعم مرة أخرى تطورا عندما كان السيد نور الدين مفتاح رئيسا للفيدرالية في عقد برنامج جديد أخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي أظهرتها الممارسة وتقرير لجنة الافتحاص لوزارة المالية.
– عندما تم التنصيص على الدعم في مدونة الصحافة لسنة 2016 لم يعد للعقد البرنامج محل من الإعراب وأصبح لزاماً إصدار قرار وزاري مشترك يحدد معايير جديدة بناء على التطور الطبيعي الذي تعرفه أي تجربة، فكلما تطور التطبيق إلا وبرزت ضرورة التحسين.
– تناوب على تدبير الدعم العمومي منذ 2005 الوزراء نبيل بنعبد الله وخالد الناصري ومصطفى الخلفي ومحمد الأعرج وحسن عبيابة وعثمان فردوس ومحمد المهدي بنسعيد وكلهم كانوا المسؤولين الأولين عن طرق صرف الدعم العمومي للصحافة ومراقبته بمساعدة لجنة ثنائية مكونة من 13 عضوا تضم ناشري صحف منتخبين وممثلي وزارات بما فيهم وزارة المالية.
– لم يسبق للمجلس الأعلى للحسابات في تقريره الفريد حول الدعم العمومي أن اتهم أحدا باختلالات جسيمة، بل إنه راقب فقط كيفية تدبير الوزارة لهذا الدعم بمقارنة العقد البرنامج مع التطبيق.
– إن الدعم العمومي للصحافة ظل دائما مبنيا على فلسفته السامية وهي مواكبة التأثير كمقياس للدور المجتمعي ولم يخرج أبداً إلى الاهتمام بالصحافة كرأس مال، لأن هذا المعيار لا يبرر الدعم وإلا لكانت كل القطاعات الاقتصادية مدعومة من ميزانية الدولة.
– إن إعادة النظر في تصور الدعم العمومي ليس مطلوبا فقط، بل إنه كان مسلسلا ولن ينقطع، وتصور الغد لابد وأن يعدل بعد غد لأنها سنة التطور وبالتالي فالصدامية حول هذا الموضوع لن تكون لا منتجة ولا منصفة ولن تعمل إلا على التدليس المهني بدل السعي للمساعدة على إنقاذ قطاع مكلوم.
– إن أول تصور قدمه السيد الوزير محمد المهدي بنسعيد لممثلي المهنيين كان في أيامه الأولى بالوزارة حيث قال لنا إنه تصور متفق عليه مع السيد وزير الميزانية فوزي لقجع، وقد قبلناه وقدمنا بشأنه مذكرة مفصلة إلا أنه لم ير النور لحد الآن.
– لقد تواصلت المشاورات حول هذا التصور، إلا أن تعذر الاستجابة لمطلبنا البسيط، ونحن المنظمة الأكثر تمثيلية، في جمع المعنيين على طاولة واحدة للتوافق على معايير في تصور الدعم الجديد لم تتم لحد الآن.
– بعدما تم رفع شعارات دعم الاستثمار وحدد لهذا الدعم أهداف أخرى من مثل الدفاع عن صورة المغرب في القارات الخمس، لم نر لحد الآن أي مسودة مطروحة لمناقشتها رغم مطالبتنا بذلك عشرات المرات كتابة وفي اللقاءات الرسمية وغير الرسمية.
– إن الفيدرالية إذ تثمن مجهودات السيد الوزير الذي صرح بأن الدعم العمومي قد ارتفع إلى 200 مليون درهم لتدعو إلى الشروع الفوري في مناقشة تصور هذا الدعم بالملموس مع كل الشركاء فلكل اختلاف نقطة التقاء.
– إن تصورنا في الفيدرالية المغربية لناشري الصحف حول الدعم مبني على أن يظل منسجما مع الفلسفة الواضحة في المادة 7 من قانون الصحافة والنشر التي تنص على أن «قطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع تستفيد من الدعم العمومي بناء على مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص والحياد بهدف تنمية القراءة وتعزيز التعددية ودعم مواردها البشرية».
– إننا مع إضافة بعد الاستثمار للدعم العمومي مع الاحتفاظ بمعيار الانتشار والموارد البشرية وتكاليف الإنتاج، على أساس ألا يكون معيار رقم المعاملات حاضرا في الاحتساب لأنه معيار تجاري مخالف لفلسفة الدعم.
– إن الفيدرالية مع أن تصنف الصحف إلى ثلاثة أصناف حسب انتشارها وتكاليف إنتاجها على أساس أن لا تتجاوز نسبة الدعم 20٪ من مجموع تكاليف الإنتاج عندما تتجاوز 10 مليون درهم وأن تصل إلى 30٪ عندما تتراوح ما بين 5 و10 مليون درهم وأن تحدد في 50٪ عندما تقل عن 5مليون درهم.
– تطالب الفيدرالية بوضع سقف للمبلغ الإجمالي المسموح أن تستفيد منه مجموعة صحافية على ألا يتجاوز 6 مليون درهم، وألا يكون هناك من شرط للولوج للدعم العمومي إلا ما هو منصوص عليه في المادة 5 من قانون المجلس الوطني للصحافة ومرسوم الدعم العمومي.
– ترى الفيدرالية الحفاظ على دعم التعددية بشروطه السابقة نظرا لفلسفته المنصوص عليها صراحة في القانون وتدعو لإدماج الصحافة غير المتوفرة على شروط المادة 5 من قانون المجلس الوطني للصحافة، وخصوصا الصحافة الجهوية، في إطار التأهيل كما فعلت تلقائيا وزارة التواصل بمبادرة منها خلال الدعم الاستثنائي.
– تدعو الفيدرالية إلى الحفاظ على آليات تدبير الدعم في إطار اللجنة الثنائية على أساس أن يحدد نظامها الداخلي بدقة ما يقر تجنب حالة التنافي.
– ترى الفيدرالية ضرورة تخصيص دعم خاص بالصحافة في الجهات الحدودية للمملكة نظرا لوجود الإعلام هناك على خطوط التماس في جبهة الدفاع عن القضية الوطنية.
– تعتقد الفيدرالية أن أهداف الدعم يجب أن تحدد في إطار مدى الاقتراب من تلبية حق المواطن في الإعلام أوّلا، وكذا تأثيره على الانتشار مع الالتزام الصارم بأخلاقيات المهنة.
– تؤكد الفيدرالية على تخصيص جزء من هذا الدعم العمومي لمشروع صندوق تنمية قراءة الصحف الجاهز لدى المجلس الوطني للصحافة والذي سيرفع، بكلفة متواضعة، أرقام انتشار الصحافة إلى الضعف.
– تعتقد الفيدرالية أن توصيات التقرير الذي أصدره المجلس الوطني للصحافة، كهيئة تَجْمَع كل المكونات المهنية، حول تصور الدعم العمومي تعتبر توافقية ويمكن تبنيها حيث تنص على:
– «وضع تصور لدعم الصحافة مبني على معايير جديدة ومنصفة لكي يكون أحد الرافعات الأساسية لتطوير الصحافة المغربية حتى تنهض بدورها المجتمعي.
– تخصيص الدعم العمومي للصحف المهنية والأخلاقية بناء على انتشارها وتأثيرها، بدل أن يكون الدعم مخصصا لإبقاء بعض الصحف على قيد الحياة بشكل اصطناعي.
– دمج مشروع المجلس الوطني للصحافة حول صندوق تنمية قراءة الصحف كجزء من الدعم العمومي مما سيرفع بشكل مباشر من انتشار الصحافة المغربية ويضخ الدماء في دورتها الاقتصادية، ليكون الدعم العمومي قريباً من فلسفته التأهيلية بدل أن ينزلق إلى دعم التوازن المالي للمقاولات الصحافية».