جسر بريس من الرباط
رغم أن صحيفة “لوموند” اعتادت التعاطي بازدواجية مع قضية الصحراء المغربية، من خلال العمل على عرض مقالات تعاكس الطرح المغربي؛ و مناصرة طروحات جبهة “البوليساريو”، فإن أرشيف الصحيفة الفرنسية يكشف عكس ذلك، مما يضع مصداقية مقالاتها ضد الوحدة الترابية للمملكة محط تساؤل يصل إلى حد الشكوك في مدى الاستقلالية التي تتبجح بها عن توجهات الدولة الفرنسية.
صحيفة “لوموند” كتبت بتاريخ 30 أكتوبر 1963 ما نصه “عندما وضعت فرنسا أرجلها في الصحراء. كانت الواحات جنوب المغرب كلها تحت نفوذ سلطان فاس…”، إقرار يتعين على فرنسا و الرئيس امانويل ماكرون أن يدركه جيدا، كما يبقى على فرنسا أن تفتح الأرشيف حتى نقف على حجم المؤامرة التي “فرضها” دوغول على الجزائريين من أجل إلحاق الصحراء الشرقية “بالإدارة” االجزائرية.
وانتهى نزاع الصحراء الشرقية، جزئيا بحرب الرمال 1963، حيث ظل الوطنيون المغاربة خلال سنوات الكفاح المسلّح، ينسّقون مع نظرائهم الجزائريين من أجل مواجهة عدو “مشترك” هو الاحتلال الفرنسي. وفي خضمّ هذا التّنسيق العسكري والدّبلوماسي، ظهر لأوّل مرّة مطلب استعادة الصّحراء الشّرقية، وكان ذلك خلال عام 1953، وقد أرجأ السّلطان المغربي محمد الخامس النّظر في هذا الموضوع إلى ما بعد انتهاء المقاومة الجزائرية.
و حاولت الجزائر ضمّ جزء كبير من الأراضي الشّرقية بدون علم السّلطات المغربية، كان ذلك خلال عام 1962، أي مباشرة بعد استقلال الجزائر، خارقة بذلك عهودها والتزاماتها المتضمنة في اتفاقية 6 يوليوز 1961. لتندلع، بعد ذلك، حرب “الرّمال” خلال عام 1963، والتي حقّق فيها المغرب انتصارا مهمّا، وكان قريبا من استرجاع تندوف وكلّ المناطق الحدودية، لولا تدخّل الملك الحسن الثّاني الذي أمر بوقف الحرب.
بعد سنوات من القتال، وبموجب مقتضيات مجلس الأمن الدّولي تم تعيين منطقة عازلة وهي المنطقة الفاصلة بين المغرب والجزائر التي تم إحداثها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، حيث حدد الاتفاق العسكري رقم 1 طبيعة هذه المنطقة وطبيعة الأنشطة التي يمكن أن تكون على هذه الأراضي، وهي أراض مغربية تم التوافق على خضوعها للأمم المتحدة في إطار تدبير العملية السلمية وفقا للاتفاق الأممي، وتضم سبعة مراكز كبرى هي: تيفاريتي، بير لحلو، مجق، مهيرز، امقالة، اغوانت، دوغاج وزوغ.
بعد العملية العسكرية الناجحة للجيش المغربي في الكركرات، تجددت المطالب لدى المغاربة بضمّ كل الأراضي الموجودة ما وراء الجدار، فيما تناور عصابات جبهة البوليساريو لترسيم تواجدها ببير لحلو وتيفاريتي في إطار خطة أعدّها النظام العسكري الجزائري تهدف إلى نقل المخيمات وساكنتها إلى داخل المنطقة العازلة، وإفراغ الأراضي الجزائرية من الساكنة الصحراوية.