من أستاذ إلى النائب البرلماني أيت مانة، المنتمي لحزب التجمع الوطني للاحرار، والذي وضع نفسه في موقف محرج لا يحسد عليه خلال جلسة عمومية عقدت في وقت سابق، للمصادقة على اتفاقيات دولية مهمة، وبدا المدعو آيت مانة على الهواء مباشرة، وهو “يتهجى” و”يتمتم” وظل عاجزا عن نطق جملة صحيحة سليمة خالية من الأخطاء.
وبالامس خرج هذا المدعو ل “الاعلام الرخيص” ، قائلا : بصفته رئيس الشركة تابعة للشباب المحمدية لكرة القدم ، إنه تم تحديد أثمنة تذاكر مباراة فريقه ضد الرجاء البيضاوي الأحد المقبل بملعب البشير في إطار ربع نهائي مسابقة كأس العرش، تم تحديدها في 200 درهم و 300 درهم و 2000 درهم.
وقال المدعو ايت مانة إلى بغى يجي يقطع بهاد الأثمنة مرحبا بيه، إلى ما بغاش يدير بحال جمهور الوداد في الديربي” حينما قاطع المباراة.
فالمؤسف أن العنصرية وخطاب الكراهية ما انفكا يتزايدان بشكل لافت في مختلف بلدان العالم، وخاصة منها تلك التي لا تتوقف عن التبجح بالديمقراطية، متجاهلة أن مثل هذه التصرفات المهينة من شأنها التمهيد لاتساع رقعة الصراعات والتوترات والتحريض على العنف وانتهاك حقوق الإنسان. حيث أن خطاب الكراهية لا يعد فقط إنكارا للقيم الإنسانية لمنظمة الأمم المتحدة، التي من بين أبرز مهامها تعزيز حقوق الإنسان ومكافحة كافة أشكال العنف والكراهية، بل يقوض كذلك المبادئ والأهداف الجوهرية لميثاق الأمم المتحدة، مثل احترام كرامة الإنسان والمساواة.
ولعل العنصري “ايت منا” ومن هم على شاكلته يجهلون أو يتجاهلون عمدا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على أن جميع البشر يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وأن لكل فرد الحق في جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها، دون تمييز من أي نوع، ولاسيما بسبب العرق أو اللون أو الموطن الأصلي.
إذ فضلا عن قرار الجمعية العامة وإعلان الأمم المتحدة الصادر في 20 نونبر 1963 حول القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في سائر أنحاء العالم بكافة أشكاله ومظاهره، والحرص على تأمين فهم كرامة الإنسان واحترامها، حيث أنه لا يوجد أي مبرر نظري أو عملي للتمييز العنصري في أي مكان. وأن القصد من عبارة “التمييز العنصري” الواردة في اتفاقية مكافحة التمييز في التعليم التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة سنة 1960 في المادة الأولى: هو أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة العامة.
فإن الإسلام أوجب قبل عقود من الزمان تكريم الإنسان واحترامه قولا وفعلا، ونهى عن السخرية والاستهزاء والانتقاص من الآخرين. وأنه في إطار القضاء على العنصرية أقام “منهجه” على ضرورة بناء الوعي والتغيير الفكري والنفسي في نظرة الإنسان لأخيه الإنسان، حيث لم يكتف بالحديث عن المساواة، بل وضع تشريعات هامة في اتجاه صيانة الكرامة الإنسانية وحفظ حقوق الضعفاء. وفي ذلك قال تعالى في سورة الحجرات الآية 13: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.