تبدو مسيرة العالم المغربي رشيد اليزمي استثنائية لحد كبير، فهو الملقب بـ “أبو البطاريات ” ويعود له الفضل باختراع الطابق الناقص في البطاريات الذي أطلق عليه “لانود كرافيك” بين عامي 1979و1980 لتطوير بطاريات الليثيوم القابلة للشحن، هذه الشريحة التي توجد الآن ضمن مكونات بطاريات الهواتف النقالة.
ويعتبر الدكتور اليزمي من الأسماء البارزة في مجال تطوير بطاريات الليثيوم القابلة للشحن في العالم، وقد توصل مؤخرا إلى اختراع جديد يسمح بشحن بطاريات السيارات الكهربائية في وقت قياسي.
وكان من أبرز الباحثين بالمعهد الوطني الفرنسي في باريس، قبل أن ينتقل إلى أميركا للعمل بمعهد “كالتك” لمدة 10 سنوات متعاونا مع وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” لتوظيف البطاريات القابلة للشحن في المركبات الفضائية. وكانت أول بطارية ذهبت للمريخ تتضمن اختراع هذا العالم المغربي “لانود كرافيك”.
ورغم التزاماته الكثيرة، ما زال اليزمي يكرس وقته لتطوير مجموعة الاختراعات والمشاريع البحثية والصناعية بمجال الطاقة وتطبيقاتها في كل من سنغافورة والمغرب، فضلا عن حضوره القوي بالمؤتمرات والمنتديات العالمية، وكان آخرها منتدى “الاستدامة في مجال الطاقة والبيئة” في تايلند يوم 29 نونبر الماضي.
وخلال هذه المسيرة العلمية الحافلة للدكتور اليزمي، تم تكريمه بالعديد من الجوائز العالمية المرموقة بمجال الطاقة، وكان آخرها حصوله على جائزة باسم البروفيسور “ستانلي ويتنغهام” (Stanley Whittingham) الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2019، نظرا لعمله المتميز بمجال البطاريات على هامش منتدى تايلند.
وإحياءا لـ”يوم الصداقة والتواصل”، نظمت جمعية قدماء ثانوية مولاي إدريس بفاس، امس السبت، حفل تكريم لاثنين من أبرز قدماء تلاميذ المؤسسة المذكورة التي تعد أعرق ثانوية إسلامية بالمغرب، ويتعلق الأمر بالعالم المغربي رشيد اليزمي، والراحل محمد الزغاري، أحد الموقعين على وثيقة الاستقلال وواحد من بين رجالات الدولة الكبار بعد الاستقلال.
عرفت هذه المناسبة الاستثنائية حضور عدد من قدماء تلاميذ ثانوية مولاي إدريس، وتم خلالها، فضلا عن الوقوف عند المسيرة العلمية المميزة للعالم رشيد اليزمي، استحضار الذاكرة الحافلة لمحمد الزغاري في النضال ضد المستعمر ومحطات تقلده مناصب حكومية وإدارية عليا في عهد الراحلين السلطان محمد الخامس والملك الحسن الثاني.
وتميزت هذه المناسبة بتقديم البروفيسور رشيد اليزمي مداخلة تحت عنوان “من مولاي إدريس إلى الأكاديمية الأمريكية للهندسة.. مغامرة علمية وإنسانية”، استحضر خلالها تجربته في الدراسة بثانوية مولاي إدريس ومسيرته الدراسية العليا في تخصص الكيمياء خارج المغرب، وذلك قبل أن يستعرض إنجازاته العلمية التي توجت بعدد من الاختراعات، أبرزها بطارية الليثيوم والشاحن السريع غير المسبوق للسيارات الكهربائية.
وفي تصريح صحفي، قال رشيد اليزمي، الذي أعادته المناسبة المذكورة إلى مقعد دراسته بثانوية مولاي إدريس بفاس بعد مرور 52 سنة، إنه حصل بهذه المؤسسة على شهادة البكالوريا في شعبة الرياضيات سنة 1971، مشيرا إلى أنه تأثر كثيرا وهو يلتقي بزملاء له درسوا رفقته بهذه المؤسسة وبآخرين مروا منها قبله أو بعده.
وأضاف اليزمي، متحدثا عن تكنولوجيا البطاريات، أن المغرب يتقدم شيئا فشيئا في هذا المجال من خلال إقامة مشروع ضخم لصناعة بطاريات الليثيوم، لافتا إلى أن اهتمام المغرب بهذا القطاع ينسجم مع اختياراته المتمثلة في الانتقال إلى استعمال الطاقات المتجددة والاستثمار في إنتاج السيارات الكهربائية.
وشدد اليزمي على أن المغرب يجب أن يكون رائدا في إنتاج بطاريات الليثيوم المستعملة في السيارات الكهربائية؛ نظرا لتوفره على كفاءات عالية من مهندسين وتقنيين، فضلا عن غناه بموارد الطاقات المتجددة، وتوفره على الثروة المعدنية التي تحتاجها هذه الصناعة، مردفا أن “كل شيء متوفر، يجب فقط أن تحضر الإرادة”.