رئيس التحرير
عاد الكونغرس البيروفي من جديد للتأكيد على أهمية وضع علاقات “وطيدة” بين ليما والرباط، مبنية أساسا على احترام سيادة الدولتين ووحدتهما الترابية، لتواصل بذلك السلطة التشريعية بهذا البلد اللاتيني نهج “سياسة تصحيحية” لأخطاء الرئيس السابق، والمعزول، بيدرو كاستيلو.
ويبقى موقف الرئيسة الجديدة دينا بولوارتي من قضية الصحراء المغربية “غير واضح”، في وقت يتسارع التعاون البرلماني بين الرباط وليما، خاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد رفيع المستوى من الكونغرس البيروفي، وتهدف إلى إنشاء مجموعة خاصة بدعم مبادرة الحكم الذاتي.
وفي وقت تعيش بيرو أوضاعا داخلية “متأزمة” سياسيا، تنظر الرباط إلى أن العلاقات بين الطرفين تتأثر بموقف ليما من الاعتراف بالبوليساريو، وهو الموقف الذي لم يتم التراجع عنه منذ عزل الرئيس السابق كاستيلو، ما يعرقل بحسب النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، “سبل التعاون بين البلدين، كما أنه موقف لا يساهم في حل قضية الصحراء المغربية”.
وأكد رئيس “مجموعة دعم وتأييد المبادرة المغربية للحكم الذاتي” داخل الكونغرس البيروفي، كارلوس إرنيستو بوستامانتي دونايري، أمس الأربعاء بالعيون، أن مخطط الحكم الذاتي يعد الحل الوحيد الموثوق والعملي والسلمي من أجل تنمية مستدامة وشاملة بالأقاليم الجنوبية.
وأضاف بوستامانتي دونايري، في تصريح للصحافة عقب مباحثات أجراها مع كل من والي جهة العيون – الساقية الحمراء عامل إقليم العيون عبد السلام بكرات، ورئيس المجلس الجماعي للعيون مولاي حمدي ولد الرشيد، أن زيارته إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة، مكنته من الوقوف عن قرب على الدينامية التنموية الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها هذه الجهة.
وأشار إلى أن هذه الزيارة شكلت فرصة للوفد، الذي يضم أعضاء من مجموعة الصداقة البرلمانية البيروفية – المغربية، للاطلاع على مناخ الأمن والسكينة والاستقرار الذي يسود الجهة، وأخذ فكرة عن الجهود المبذولة لتعزيز البنيات التحتية الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والرياضة.
وأبرز أن ساكنة الأقاليم الجنوبية تتمتع بنفس الحقوق والواجبات، على غرار باقي جهات المملكة، وذلك في إطار من الحرية والديمقراطية.
وذكر بوستامانتي دونايري، الذي يترأس الوفد البيروفي، بأنه تم تشكيل “مجموعة دعم وتأييد المبادرة المغربية للحكم الذاتي” داخل الكونغرس البيروفي، التي تعد تقريرا حول مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية.
من جهتها، أعربت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس البيروفي، ماريا ديل كارمن ألفا برييتو، عن رفضها لقرار الرئيس السابق للبيرو، بيدرو كاستيلو، الذي قرر الاعتراف بالكيان الوهمي.
وقالت “نحن نعارض هذا الموقف السياسي المتخذ في عهد الرئيس السابق ونجري مناقشات مع وزارة الخارجية البيروفية والحكومة الجديدة لتغيير هذا القرار وسحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية، وذلك من أجل عودة العلاقات الثنائية مع المغرب إلى نفس مستواها السابق”.
وأشارت إلى أن هذه الزيارة مكنت أعضاء الوفد من أخذ فكرة واضحة عن مبادرة الحكم الذاتي، والتي ستمكنهم من تسليط الضوء على هذه المبادرة عند عودتهم إلى البيرو.
وبعدما أعربت عن امتنانها لدعوة البرلمان المغربي، أوضحت ألفا برييتو أنه تم تشكيل فريق عمل ضمن مجموعة الصداقة البرلمانية البيروفية – المغربية، بهدف صياغة تقرير مفصل عن الوضع الحقيقي في الأقاليم الجنوبية.
وبهذه المناسبة، عقد أعضاء الوفد البيروفي لقاء مع رئيس المجلس الجماعي للعيون، حيث تابعوا عرضا حول البرنامج التنموي لمدينة العيون، الذي يشمل مختلف المشاريع المندرجة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس سنة 2015، كما اطلعوا على دور هذه الهيئة المنتخبة في تدبير الشأن المحلي.
وخلال هذه الزيارة، تابع أعضاء الوفد عروضا، كما قاموا بجولة ميدانية في عدد من الأوراش والمشاريع التنموية، للوقوف عن قرب على مؤهلات وإمكانات الجهة، والبنيات التحتية الرياضية والاجتماعية والاقتصادية التي تندرج في إطار النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية.
كما توقف الوفد، خلال اللقاء الذي عقده مع والي جهة العيون – الساقية الحمراء، عامل إقليم العيون، بحضور سفير المغرب بالبيرو أمين الشودري، عند الطفرة التنموية التي تشهدها الجهة في مختلف المجالات، وعلى آخر التطورات في قضية الوحدة الترابية للمملكة، وأهمية مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وكان الوفد البيروفي، الذي يضم أعضاء “مجموعة الدعم والمساندة للمبادرة المغربية للحكم الذاتي” التي تم تشكيلها مؤخرا داخل الكونغرس البيروفي، والذي يقوم حاليا بزيارة عمل للمغرب، قد أجرى مباحثات في الرباط، مع كل من رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي، ورئيس مجلس المستشارين النعم ميارة، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ورئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (كوركاس)، خليهن ولد الرشيد.
ويضم وفد مجموعة الصداقة البرلمانية البيرو-المغرب، كلا من رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ورئيسته السابقة ماريا ديل كارمن ألفا برييتو، وخوصي إيرنستو كييتو أسيرفي رئيس لجنة المخابرات، وروزنجيلا أندريا باربران رييس رئيسة لجنة الاقتصاد والمالية والبنوك والذكاء المالي، وييسيكا روسيلي أموروز ديلانتو رئيسة اللجان الخاصة المكلفة بإجراء التحقيقات والدراسات القانونية.
في القريب القربي
رشيد فارس، الكاتب العام للمواطنة بالحزب العمالي الإسباني بكتالونيا، يرى أن “بيرو سوف تقدم موقفها الواضح من قضية الصحراء المغربية في القريب العاجل، لأن الرئيسة الحالية تعي جيدا أهمية الموقف المغربي”.
وتابع فارس غي تصريح صحفي، بأن “العديد من الدول اللاتينية أصبحت تعرف المد الوردي اليساري، الذي يذهب في اتجاه إعادة الاعتراف بالجماعات الانفصالية، ويأتي في ظل دعم مالي جزائري غير مسبوق؛ لكن كل هاته المحاولات باءت بالفشل نظرا للعمل الدبلوماسي الكبير الذي يقوم به السفراء المغاربة بهاته الدول”.
“بيرو ستسير على نهج البرازيل، التي عرف رئيسها الجديد لولا دا سيلفا ضغطا كبيرا من أجل إعادة الاعتراف بالبوليساريو، لكنه فضل تقوية العلاقات مع الرباط خدمة لمصلحة الشعبين”، يستطرد الكاتب العام للمواطنة بالحزب العمالي الإسباني بكتالونيا، مبينا في الوقت عينه أن “الدبلوماسية البرلمانية بين البلدين ستعمل على إعادة أواصر المودة والتعاون بين ليما والرباط”.
وخلص المتحدث إلى أن “المغرب مطالب بتعزيز تواجده الدبلوماسي بالمنطقة اللاتينية من أجل إبعاد المد الجزائري الذي يستغل ورقة الغاز من أجل تغيير مواقف هاته الدول، التي تسعى شعوبها إلى الوحدة والتكامل”.