في إطار مبادرة الحزام والطريق، وضع كل من المغرب والصين، الحجر الأساس لتعاون اقتصادي جديد يصبو إنشاء أكبر مصنع لصناعة السيارات الكهربائية ويُعد الأول والأضخم من نوعه في القارة الأفريقية، بكلفة مالية استثمارية قُدّرت بـ 65 مليار درهم(6.5 مليار دولار تقريبا)، ومن شأنه إحداث ما يناهز 30 ألف منصب شغل في غضون 10 سنوات.
وبدأ المغرب منذ أشهر، عرض اهتمامه الكبير بصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، من خلال العمل على جذب استثمارات أجنبية في هذا المجال الذي يشهد منافسة عالمية، ما جعله يرسو على بر توقيع مذكرة تفاهم بين حكومة المملكة المغربية، والمجموعة الصينية – الأوروبية “غوشن هاي تيك”، لتحديد معالم مشروع مصنع ضخم، الأول في إفريقيا، ومنظومته المندمجة بالمملكة، وذلك على هامش معرض “جيتكس” أفريقيا، الذي تحتضنه عاصمة النخيل مراكش خلال الفترة الممتدة ما بين 31 ماي و2 يونيو.
وتروم هذه المذكرة، التي وقع عليها بالأحرف الأولى الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجزولي، والمدير العام لشركة “غوشن هاي تيك”، لي زهن، خلال حفل، تعزيز التعاون في المجالات المرتبطة بالطاقات المتجددة واستعمالها، أساسا، في إنتاج سيارات كهربائية، و الانضمام إلى فاعل رئيسي في قطاع الطاقات المتجددة، الذي تعد مجموعة فولسفاغن لصناعة السيارات أحد مساهميه المرجعيين.
ومن جانبها تعتزم المجموعة الصينية – الأوروبية “غوشن هاي تيك”، الرائدة في قطاع الحركية الكهربائية، إرساء منظومة صناعية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، ومنظومات تخزين الطاقة بالمغرب، الذي يُعد رائدا في المجال ودو صيت عال وتقدير محترم لدى الشركة، التي انتقت المملكة على وجه الخصوص لعدّة اعتبارات مهمة.
لي زهن، وفي تصريح صحفي، قال إن المغرب بلد لا يتمتّع فقط بسمعة سياحية واقتصادية طيبة في العالم، ولا يمتاز فقط بمناظره الآسرة للقلوب، وإنما بمؤهلات بنيوية واستراتيجية واقتصاديه مهمة في مجال الطاقات المتجددة تجعل منه قطبا استثماريا هاما، وبوابة مؤهلة للقارة الأفريقية، وهذا يؤكد أن اختيرانا للمغرب ليكون مركزا لهذا المشروع الاستثماري الضخم، لم يأت اعتباطا.
وعلى غرار امتلاكه احتياطات وفيرة من المواد الخام التي تدخل في تصنيع البطاريات الكهربائية مثل الكوبالت والفوسفات، إلى جانب توفر مصادر إنتاج الطاقة الخضراء، وغيرها من الامتيازات أشار المتحدث في تصريحه إلى أن المملكة تملك استراتيجية طاقية مهمة تتماهى وتتقاطع مع مساعي المجموعة الصينية – الأوروبية “غوشن هاي تيك”، لدعم الطاقات النظيفة، مبرزا في الآن ذاته، أن التوقيع على المذكرة المذكورة، يروم تعزيز الانتقال من الطاقات الأحفورية إلى الطاقات النظيفة ومنزوعة الكربون.
ولفت المتحدث إلى أن المملكة تتوفر أيضا، على موارد طاقية مهمة، شمسية وريحية في حاجة للتخزين ولا يمكن إهدارها بأي شكل من الأشكال، وهو ما تسعى المجموعة إلى الاستثمار فيه من خلال بلورة مشروع استثماري يهم التخزين، وتوفير الطاقة الخضراء لعموم السكان، والإسهام في التنمية الاقتصادية بالمغرب، إضافة إلى تنفيذ الاستراتيجية العالمية بشأن نزع الكربون”.
من جانبه، قال الجزولي، في تصريح مماثل للصحافة، إن الأهمية التي تكتسيها هذه المذكرة، تتعلق بتوطين مصنع ضخم لصناعة البطاريات المخصصة للسيارات الكهربائية بالمغرب”.
وكشف أن “مذكرة التفاهم هي بمثابة مرحلة أولى من التعاون”، مشيرا إلى أن المرحلة الموالية تتعلق بالعمل “يدا في يد بين الفرق المغربية والصينية وعموم الشركاء، من أجل الخلوص إلى بروتوكول اتفاقي، يمكن هذه المجموعة الضخمة من مباشرة أعمالها الاستثمارية بالمغرب”. وأفاد الوزير بأن من شأن توطين هذا المصنع بالمغرب أن يحدث 30 ألف منصب شغل خلال 10 سنوات، موضحا أن هذا المصنع سيتطلب مبلغا استثماريا قدره 65 مليار درهم في أفق العام 2030.
وتجدر الإشارة إلى أن “غوشن هاي تيك” تشغل حوالي 20 ألف عامل عبر العالم، موزعين على العديد من المواقع في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، وحققت المجموعة خلال سنة 2022 رقم معاملات بلغ 2ر3 ملايير دولار، بارتفاع بنسبة 59ر122 بالمئة بالمقارنة مع سنة 2021.
وتعد هذه المجموعة رائدة في المجال الصناعي، في كل ما يرتبط ببعض التكنولوجيات الرئيسية. هذا، في الوقت الذي تعد المملكة المغربية رائدة على الصعيد القاري في إنتاج السيارات مع قطاع مندمج كليا في سلسلة قيمة السيارة العالمية. ويتوفر قطاع السيارات المغربي على طاقة ينتظر أن تصل إلى 1 مليون سيارة في السنة. ويتم تصدير 90 بالمئة من إنتاج السيارات إلى أزيد من 75 بلدا عبر العالم.
وتميز حفل التوقيع بعرض شريط مؤسساتي يبرز العوائد الإيجابية للاستثمار في الطاقات النظيفة، والتركيز على محاور التعاون المغربي- الصيني، لاسيما في المجالات الاقتصادية، بحسب ما تنص عليه “مبادرة الحزام والطريق”، إضافة إلى النتائج المتوخاة من إحداث هذا المصنع الضخم، والتي تتجلى، أساسا، في تحقيق إنتاج سنوي يلبي احتياجات مليوني سيارة كهربائية من البطاريات وحلول التخزين.
ويسعى المغرب من خلال دخول غمار تصنيع البطاريات الكهربائية محليا، إلى ولوج سوق الكبار واحتلال مكانة مهمة في مجال إنتاج السيارات الكهربائية ومواكبة التحولات التي يشهدها سوق السيارات العالمي وخاصة الأوروبي الذي يستقبل 90 بالمئة من الصادرات المغربية.
وتراهن المملكة المغربية على أن تصل طاقتها الإنتاجية في قطاع السيارات الكهربائية إلى 120 ألف سيارة خلال 3 سنوات، بينما تتراوح قدرته الإنتاجية الحالية بين 40 إلى 50 ألف سيارة سنويا.