جسر بريس من الرباط
عاد السجال بين المملكة المغربية والجزائر في ما يتعلق باتهامات الأولى للأخيرة بتوفير بيئة لجمهورية إيران عبر “حزب الله” اللبناني، للتسلل إلى الصحراء المغربية من أجل دعم وتدريب وتزويد جبهة (البوليساريو) بالسلاح، وذلك عبر تصريحات السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، عمر زنيبر، آنذاك، بشأن وجود أفراد من “حزب الله” في منطقة تندوف لتدريب مقاتلين من جبهة “البوليساريو”؛ الأمر الذي اعتبرته الجزائرُ عاريا عن الصحة، حيث نفته مجلة الجيش الجزائري، واعتبرته “مجرد كذبة”.
وبعد حوالي 6 سنوات، على قرار المغرب، قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، بسبب دعمها للبوليساريو، جددت طهران، على لسان مندوبها لدى الأمم المتحدة، عن موقفها الداعم لأطروحة الجبهة المدعومة من الجزائر.
ونقلت تقارير موالية لجبهة “البوليساريو”، أن ممثل إيران، جدد أمام “لجنة الأربعة والعشرين” (C24) التابعة للأمم المتحدة، موقف طهران بشأن “أطروحة البوليساريو”، وأعاد تكرار تسويق مقولة “حق تقرير المصير”، فيما يخص النزاع المفتعل حول قضية الصحراء.
وأضافت التقارير ذاتها، أن ممثل طهران بالهئية الأممية، ” أعرب عن دعم بلاده لعملية المفاوضات الجارية وشدد على الأهمية القصوى للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم وشامل ومقبول وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.
بيد أن الثابت في هذا الخصوص، هو أن الكثير من المؤشرات تدعم إمكانية ما ذهب إليه السفير المغربي لدى المنظمة الدولية، ففي عام 2016 رفضت الجزائر الموافقة على قرار مجلس وزراء الداخلية العرب باعتبار “حزب الله” اللبناني، منظمة إرهابية، وأنها تعتبره حركة سياسية عسكرية لها أهمية في التوازنات داخل لبنان، وهذا ما دعمه لاحقاً تصريحُ الناطق الرسمي الأسبق باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، عبدالعزيز بن علي الشريف، بأن “حزب الله” حركة سياسية عسكرية تشكِّل جزءاً لا يتجزأ من المشهد الاجتماعي والسياسي في لبنان.
وفي السياق نفسه، كان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اتهم عام 2018، الجزائر بأنها “وفرت تغطية ودعماً عملياً لوجود إيراني داعم لجبهة البوليساريو، عندما رتبت اجتماعاتٍ في العاصمة الجزائر بين مسؤولين في (حزب الله)، وعناصر من الجبهة الانفصالية”، وهذا ما تأكد في مقابلةٍ له مع مجلة (جون أفريك)، متهماً الجزائر بتوريط إيران عن طريق “حزب الله” في قضية الصحراء المغربية، موضحاً أن حلقة الوصل بين الأطراف هو المستشار الثقافي في سفارة إيران أمير موسوي، الذي اتهمه أيضاً بالإشراف على عملية تشييع في العالم العربي وإفريقيا، وهذا ما نفاه الأخير نفياً قاطعاً، وبناءً على هذه الاتهامات، قرر المغرب، في ماي 2018، قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، وطردت السفير الإيراني لديها.
من جهتها، وصفت المملكة المغربية الخطوة الإيرانية، بأنها ستزيد من حجم الشرخ في علاقات البلدين المتأزمة منذ عقود، إذ تعد قضية الصحراء في قمة القضايا الوطنية بالنسبة إلى الرباط، وأن من يدعم البوليساريو إنما يضرب السيادة المغربية ووحدة أراضيها.
ويُشار في هذا الصدد، إلى أنه تاريخياً، كانتِ المملكة المغربية جمدت علاقتها بإيران عام 1981، عندما اعترفت بجبهة البوليساريو في 1980، لاحقاً عادت العلاقات بين البلدين إلى الحد الأدنى، لكنها ما لبثت أن تراجعت عام 2009 عندما أعلن المغرب دعمه مملكة البحرين في مواجهة التغول الإيراني، حينها، بيد أن العلاقات بين البلدين ما لبثت أن عادت مجدداً إلى ذات الحد الأدنى، قبل أن يقرر المغرب أنه لا جدوى من ذلك، ويقطعها مرة أخرى في 2018 بدعوى دعم الأخيرة جبهة البوليساريو، عبر حزب الله اللبناني والسلطات الجزائرية، بينما أكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في وقتٍ سابق، أن العلاقات بين البلدين لن تعود إلى طبيعتها إلا بعد أن تكفَّ طهران عن دعم الانفصاليين، والمساس بأمن المغرب.