بعد القرار المتسرع الذي سقطت فيه حكومة سعد الدين العثماني، بإحالة مشروع قانون رقم 77.19 المتعلق التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية على مجلس النواب منذ أربع سنوات، والمتعلق باتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة في شأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، مُوقَّع منذ 25 يونيو 2019، أرجأت حكومة عزيز أخنوش والبرلمان النظر في مشروع القانون الذي أثار هلعا واسعا في صفوف الجالية المغربية، متعهدة بفتح باب التفاوض حوله.
وقررت لجنة الخارجية بمجلس النواب، أمس الثلاثاء، إرجاء البت في مشروع قانون رقم 77.19 المتعلق التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة، إذ أكدت رئيسة اللجنة البرلمانية، نادية بوعيدة أن اللجنة “سترفع توصية إلى رئاسة ومكتب المجلس تدعو من خلالها إلى اتخاذ القرار بإرجاء البت في الاتفاقتين مع دعوة الحكومة إلى مراجعة بعض بنودهما مع الأطراف المعنية”.
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن المغرب حريص على الحفاظ على حقوق الجالية المغربية عند إبرامه للاتفاقيات الدولية.
وقال بوريطة في تصريح للصحافة، عقب جلسة تشريعية عقدها مجلس النواب، مساء أمس الثلاثاء، وتقرر خلالها، بالإجماع، إرجاء البث في مشروعي قانونين يوافق بموجبهما على الاتفاقين متعددي الأطراف بين السلطات المختصة بشأن تبادل الإقرارات عن كل بلد، والتبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية الموقعين من طرف المملكة المغربية في 25 يونيو 2019، “إن المغرب بقدر ما هو منخرط في المجهود الدولي لمحاربة التهرب الضريبي وتمويل الإرهاب وغسيل الأموال فإنه كذلك، لا يمكنه أن يسير في أي اتجاه من شأنه المساس بحقوق الجالية المغربية المقيمة في الخارج والتي تحظى بمكانة خاصة لدى الملك”.
وأوضح الوزير أن الحكومة تابعت النقاش الذي أثير حول بعض مقتضيات هاتين الاتفاقيتين خاصة بين أفراد الجالية المغربية “الذين كانت لهم تساؤلات مشروعة ومجموعة من المخاوف، وكذلك مجموعة من الملاحظات الوجيهة”.
وأضاف أنه في تفاعل مع البرلمان من خلال مجلس النواب، سواء في إطار لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج أو خلال الجلسة التشريعية، “اتضح أن السادة النواب لديهم هذه الملاحظات، وبالتالي فإن الحكومة كانت واضحة بهذا الخصوص، كون هذه الفئة من المغاربة تحظى بعناية خاصة من الملك”.
وتابع بوريطة قائلا إن المقتضيات مثار النقاش في الاتفاقيتين “إذا كانت تقتضي الشرح فينبغي القيام بذلك، أو إذا اقتضى الأمر أيضا رفع اللبس عنها بهدف تفادي تأويلها مستقبلا أو استعمالها بشكل سيئ، فيجب القيام بذلك”، مردفا أنه “إذا اقتضت الضرورة أيضا التعديل على مستوى بعض المقتضيات لإعطاء ضمانات أكثر، فإن الحكومة ستعمل على توفيرها”.
وخلص الوزير إلى القول إن الحكومة تجاوبت بشكل إيجابي مع إرجاء البث في هاتين الاتفاقيتين وتدقيقهما أو العودة للتفاوض بشأنهما، “لأن الأمور التي تهم الجالية هي أمور مهمة ومهما كانت هذه المخاوف أو الملاحظات والهواجس فيجب أن تؤخد بعين الاعتبار، ولا يمكن المصادقة على أي اتفاقية إلا إذا كانت كل الضمانات متوفرة وأن حقوق الجالية المغربية لن تمس”.
ومن جانبه رحب فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية بالقرار، موضحا: “سنفتح باب التفاوض حتى نرفع كل لبس ولتفادي أي تأويل في القراءات المتعلقة بالتبادل الآلي للمعلومات المالية”، وزاد: ”نحن متفقون أن المملكة منخرطة في التصدي لعمليات تمويل الإرهاب وتبييض الأموال دون تردد”، قبل أن يستدرك ”ولكن المصالح المادية والمعنوية للجالية المغربية لن تمس لا من قريب أو بعيد لأن هذه هذه الاتفاقية غير متربط بذلك”.
وبدَدت الحكومة المغربية التخوف الذي يسود وسط مغاربة العالم إثر إحالة اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات المالية، بين المغرب ومجموعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية والدفاع المدني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، خوفا على ممتلكاتهم وأرصدتهم بالمملكة، بالإضافة إلى العواقب القانونية التي تهددهم.