في الوقت الذي تتوالى فيه المواقف الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي، والمنسحبة من معسكر دعم أطروحة الانفصال، تصر جنوب إفريقيا على معاكسة مصالح المغرب، ومعاداته من خلال الاستمرار في دعم البوليساريو والمس بالوحدة الترابية للمملكة كلما سنحت لها الفرصة بذلك. آخرها، ما جاء في خطاب وجهه سيريل رامافوزا، الرئيس الجنوب إفريقي، إلى شعب بلاده، الأحد الماضي، قال فيه إن بلاده “تدعم وستواصل دعم الشعب الصحراوي في سبيل نيل استقلاله والانفصال عن المملكة المغربية”، على حد تعبيره.
وتثير المواقف الجنوب إفريقية المعادية للمغرب، عديد التساؤلات عن العائد الذي تجنيه بريتوريا من دعم الجماعات الانفصالية، وخاصة البوليساريو، في وقت تتجه فيه دول العالم نحو التكتل والوحدة، وعن الخلفية التي تحكم مواقفها السلبية تجاه المملكة على الرغم من المنطق الإيجابي الذي يحكم سلوك المملكة في تعاملها مع جنوب إفريقيا، والذي أدى في وقت سابق إلى استئناف العلاقات بين البلدين، في محاولة لبعث الدفء فيها من جديد، وتجاوز نقط الخلاف، وهو الأمر الذي لم تحرص بريتوريا، من جانبها، على تحقيقه.
يرى أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، أنه ” يمكن تفسير المواقف السياسية للدول في الغالب الأعم عبر محددين اثنين، الأول وهو الأكثر عقلانية والشائع أيضا في العالم، ويتعلق الأمر بالمصالح الاقتصادية والاستراتيجية، وهو المحدد الرئيس الذي تتبناه معظم الدول الديمقراطية”.
أما الثاني، يضيف نور الدين موضحا بالقول إنه “مرتبط بالاصطفاف الإيديولوجي الذي قد يجعل في بعض الحالات بلدا يضحي بمصالحه من أجل خياراته الدوغمائية، وأعتقد أن موقف جنوب إفريقيا المعادي لوحدة المغرب وسلامة أراضيه من هذا الصنف الأخير”.
واعتبر المتحدث أنه “لا المصالح الاقتصادية ولا الأمنية ولا الاستراتيجية ترجح كفة إعداء المغرب”، مشيرا أن “المبادلات التجارية على سبيل المثال بين بريتوريا والرباط تعادل أو تفوق ست مرات حجم المبادلات التجارية مع الجزائر. وعلى المستوى الاستراتيجي هناك مراكز للدراسات الاستراتيجية حتى من داخل جنوب إفريقيا تدعو حكومة بريتوريا إلى تعميق الشراكة والتعاون مع المغرب بناء على مؤشرات ديناميكية الاقتصاد المغربي داخل إفريقيا على وجه الخصوص بالإضافة غلى مؤشرات أمنية وغيرها”.
ولفت نور الدين إلى أن “أصل الداء فيما يحدث اليوم في مؤتمر “البريكس” الذي دُعي اليه زعيم الانفصاليين “ابن بطوش”، هو نفس ما حدث في تونس بمناسبة مؤتمر تيكاد-8 السنة الماضية”، مردفا أنه “من مساوئ الصدف أنه انعقد في مثل هذا الشهر وكاد أن يكون في نفس اليوم، وكانت هناك محاولة الشهر الماضي لإقحام “جمهورية تندوف” الوهمية في قمة روسيا إفريقيا لولا رفض موسكو القاطع، وهناك سوابق أخرى مع الاتحاد الأوربي وغيره، وقد قلنا هذا الكلام وكتبناه في مقالات عدة مرارا وتكرارا”.
وحذر المتحدث من “استمرار النزيف ما لم تتحرك الخارجية المغربية لطرد الكيان الوهمي من الاتحاد الافريقي، لأن مقعدها كعضو في هذه المنظمة الافريقية هو الذي يعطيها الصفة لحضور مؤتمرات خاصة بالدول وليس بالتنظيمات”، معتبرا أن “تقاعس وزارة الخارجية المغربية غير مفهوم بعد 6 سنوات من عودة المغرب إلى بيته الإفريقي، وغير مفهوم هذا الانتظار في ظل عدم اعتراف ثلاثة أرباع الدول الافريقية بكيان تندوف”.
إلى ذلك، يرى الخبير في العلاقات الدولية أن “الخارجية المغربية لم تنفذ تعليمات العاهل المغربي الذي قال في رسالة موجهة للقادة الأفارقة سنة 2016 أن المغرب عاد إلى المنظمة الإفريقية ليصحح الخطأ التاريخي بإقحام كيان لا تتوفر فيه شروط العضوية”، متسائلا: “ماذا تنتظر وزارة الخارجية للتحرك بعد توفر كل الظروف الجيوسياسية والشروط القانونية؟!”.
عن موقع الايام