احمد نورالدين ، خبير في العلاقات المغربية الجزائرية
بلاغ العسكر الجزائري او ما يسمى بوزارة الدفاع، هو محاولة للهروب إلى الأمام والتنصل من المسؤولية الجنائية الدولية خاصة بعد تحريك دعوى قضائية من عائلة الشهيدين قيسي، وبعد تحرك الجمعيات الحقوقية، وتجاوب الإعلام الدولي الذي استنكر هذه الجريمة الشنيعة المتمثلة في اغتيال وحشي لشباب في مقتبل العمر كانوا يلعبون بدراجات مائية في عرض شاطئ السعيدية المغريية حيث لا يفصلها عن شاطئ بن مهيدي الجزائري غير أمتار لا تتجاوز الخمسين، والمصطافون بامكانهم أن يتبادلوا الحديث عبر طرفي الحدود. وبالتالي من الوارد جدا أن يتيه شباب في عرض البحر ويدخل إلى المياه الإقليمية في هذا الاتجاه او ذاك عن غير قصد. وهناك حالات كثيرة قام فيها الدرك الملكي باعتقتل متسللين إلى المياه الإقليمية المغربية واعادتهم إلى الجزائر عبر نفس المكان الذي دخلوا منه دون حتى المرور عبر القضاء ترجيحا للجانب الإنساني في هذه النوازل بين بلدين جارين، وهذا يحسب للمغرب لأننا في مكان سياحي ومن الصعب على المصطافين عند توغلهم في عمق البحر أن يحددوا بالضبط الحدود بين البلدين، خاصة وأن هناك دائما تيارات بحرية قد تجرفك في هذا الاتجاه او ذاك كما هو معروف عند كل من يسبح في البحر.
وبالتالي حين أدرك النظام العسكري الجزائري خطورة الفعل الاجرامي الذي قام به، وتأكد من استنكار المجتمع الدولي لهذه الجريمة المتكاملة الاركان بعد التغطية الاعلامية الدولية، وأيقن العسكر الجزائري أنه وقع في مأزق دولي وأنه خرق كل الاتفاقيات الدولية سواء المتعلقة بقانون البحار أو بحماية أرواح البشر في البحر، او بإنقاذ التائهين في البحر وضرورة تقديم المساعدة اللازمة للتائهين ومن هم في حالة حرجة، وأيقن بالتالي أنه سيتعرض للمساءلة الجنائية، أصدر بيانه المتهافت والمضطرب في محاولة يائسة لنفي التهم الثابتة التي تدينه بارتكاب جريمة إعدام ميداني لشباب تائهين في البحر.
وآية الاضطراب في بلاغ العسكر الجزائري ثلاثة نقاط: الأولى تأخر البلاغ أربعة أيام بعد الجريمة النكراء، ولو كان الأمر كما زعموا لأصدروا بلاغهم في نفس يوم وقوع الحادثة.
والثانية، انهم حاولوا خلط الأوراق من خلال الإشارة إلى تهريب المخدرات وهي التهمة الجاهزة التي تروجها آلة البروبكاندا الجزائرية منذ نصف قرن للمغرب، بينما الواقع يثبت ان جنرالات الجزائر متورطون في تجارة المخدرات الصلبة من امريكا اللاتنية عبر موانئ ومطارات الجزائر كما حدث في حادثة تهريب 750 كلغ من الكوكايين التي أدين فيها المدير العام للأمن الجزائري الجنرال الهامل وادين فيها ابن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ايضا، قبل ان يطلق الرئيس سراح ابنه.
والنقطة الثالثة: هي محاولة تحسين السمعة السيئة للجيش الجزائري، والتي يزعم البلاغ انها “سمعة مشرفة”، والحال أن الجيش الجزائري قتل في العشرية السوداء ربع مليون جزائري ومتورط في قضايا الفساد المالي، ومتورط في الاغتيالات وقمع الحراك الشعبي الجزائري واعتقال ما لا يقل عن 300 ناشط حقوقي وإعلامي جزائري خلال السنة الماضية مازالوا خلف القضبان، بالإضافة إلى صراع الأجنحة داخل الجيش الجزائري بدليل وجود 30 جنرالا جزائريا في السجن وآخرين في حالة فرار منهم قائد الدرك الجزائري الذي فر إلى اسبانيا ولازال متواجدا بها إلى اليوم. فعن اي “صورة مشرفة” للجيش الجزائري يتحدث بلاغ العسكرالجزائري؟!
وختاما اهيب بالمغرب كدولة وكمنظمات حقوقية أن يراسل كل المؤسسات الدولية من الأمم المتحدة إلى الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وصولا إلى مجلس حقوق الانسان وغير ذلك من المؤسسات الدولية السياسية والقضائية والحقوقية من أجل فضح النظام الجزائري وإدانته على نطاق وايع، او على الأقل من أجل توثيق جرائمه حتى لا يضيع ارشيف هذه الجريمة كما ضاع او كاد أن يضيع أرشيف آلاف الجرائم التي ارتكبها النظام الجزائري في حق المغاربة وعلى رأسها جريمة طرد 350 الف مغربي في يوم عيد الأضحى من سنة 1975، والذين جردوا من اموالهم وممتلكاتهم بغير إثم او جريرة.