قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، إنها ناقش مع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربي، اليوم الثلاثاء خلال اجتماع بينهما في مقر الاتحاد الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، تطورات الوضع في الشرق الأوسط، وذلك عقب ما وصفتها بـ”الهجمات الإرهابية” التي شنتها حركة “حماس” ضد إسرائيل.
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي موقف جديد بخصوص هذه التطورات من طرف رئاسة الحكومة المغربية، بعد الموقف الذي سبق أن عبرت عنه يوم السبت الماضي وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، والذي يدين قتل المدنيين من طرفين، قالت المسؤولة الأوروبية إنها تطرقت إلى الوضع الإقليمي مع أخنوش بعد “الهجمات الإرهابية التي شنتها حماس ضد إسرائيل وشعبها”.
واعتبرت فون دير لاين أن اللقاء مع أخنوش كان جيدا، حيث تركز النقاش على سبل تعزيز الشراكة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، كما تطرق الطرفان إلى مساهمة بروكسيل في عمليات إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية، إثر الزلزال العنيف الذي ضرب إقليم الحوز والأقاليم المجاورة له يوم 8 شتنبر 2023.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية قد أعلنت، يوم السبت الماضي، عن إدانتها “بشكل لا لبس فيه” الهجوم الذي نفذته حماس ضد إسرائيل، موردة أن “لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد مثل هذه الهجمات الشنيعة”، على حد تعبيرها، في حين قال بيان لجوسيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، إن “الاتحاد الأوروبي يتضامن بشكل ثابت مع إسرائيل في هذه الظروف العصيبة.
ومباشرة بعد شروع حركة “حماس” في عملية “طوفان الأقصى” عبر المغرب، عبر المغرب عن “قلقه العميق جراء تدهور الأوضاع واندلاع الأعمال العسكرية في قطاع غزة”، وأعربت المملكة، وفي بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، عن “إدانتها استهداف المدنيين من أي جهة كانت”.
وقالت الخارجية المغربية إن الرباط، التي طالما حذرت من تداعيات الانسداد السياسي على السلام في المنطقة ومن مخاطر تزايد الاحتقان والتوتر نتيجة لذلك، إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والعودة إلى التهدئة وتفادي كل أشكال التصعيد التي من شأنها تقويض فرص السلام بالمنطقة.
وحسب البلاغ فقد أكدت المملكة المغربية، التي يرأس عاهلها الملك محمد السادس، لجنة القدس، أن نهج الحوار والمفاوضات يظل السبيل الوحيد للوصول إلى حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية، على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين المتوافق عليه دوليا.
وأول أمس الأحد دعا المغرب إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، وذلك “للتشاور والتنسيق بشأن تدهور الأوضاع في قطاع غزة، واندلاع أعمال عسكرية تستهدف المدنيين”، وفق ما أوردته الخارجية، مضيفة أن الاجتماع يهدف أيضا إلى “بحث سبل إيقاف هذا التصعيد الخطير”، مؤكدة وجود “مشاورات مكثفة تُجرى لعقد الاجتماع خلال هذا الأسبوع بمقر الجامعة بالقاهرة.
في ذات السياق، ناقش رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، ووزير الخارجية، ناصر بوريطة، مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، العلاقات المغربية الأوروبية وسبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية.
وحسب تقرير لوكالة المغرب العربي للأنباء، فإن الجانبان شدد على صلابة العلاقات التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي، وسبل تعزيز شراكتهما الاستراتجية، خاصة في السياق الحالي، قبل أن تشير الوكالة بأن المملكة المغربية تعد الشريك الاقتصادي والتجاري الأول للاتحاد الأوروبي على مستوى القارة الإفريقية، كما يعد الاتحاد الأوروبي أول شريك تجاري للمملكة، بنسبة مبادلات تجارية تفوق 60 بالمائة من إجمالي المبادلات.
ولم يتم الاشارة إلى الملفات التي تم التطرق إليها بين الطرفين المغربيين والطرف الأوروبي، مثل قضية الصيد البحري، غير أن المؤشرات تدل على أن هذه المباحثات تطرقت إلى هذه القضية، خاصة أن الأنظار تتجه إلى محكمة العدل الأوروبية في الأيام المقبلة بشأن اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، أن محكمة العدل الأوروبية، ستعقد في 23 و24 أكتوبر الجاري، جلستين من أجل النظر في الطعون المقدمة من طرف دول أوروبية ضد قرار الإلغاء السابق للاتفاقية من طرف المحكمة، حيث كانت الأخيرة قد أصدرت قرارا بإلغاء الاتفاقية لكونها تضم إقليم الصحراء.
ويُطالب الاتحاد الأوروبي من المحكمة إلغاء قرارها، مقدما دلالا على أن إدراج إقليم الصحراء في الاتفاقية الشاملة مع المغرب، جاء بعد الحصول على على الموافقة من سكان إقليم الصحراء، في الوقت الذي تنفي فيه جبهة “البوليساريو” الانفصالية ذلك، وتدعي بأن الصحراويين المتواجدين في مدن الصحراء، هم مغاربة وليس صحراويين.
وتخشى الجبهة أن تؤدي الضغوطات الأوروبية إلى تغيير المحكمة قرارها، أو إيجاد صيغة جديدة للاتفاقية تشمل إقليم الصحراء، وهو الأمر الذي يبقى هو الأقرب إلى التحقق، وقد ظهر هذا في إصرار الاتحاد الأوروبي في الشهور الماضية على إيجاد حل لقرار المحكمة.
وكان ممثلو “البوليساريو” هم الذين تقدمو بدعوة لدى المحكمة الأوروبية يطالبون فيها بإلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، بدعوى أنها تتضمن المياه الإقليمية لـ”الشعب الصحراوي”، وأن الاتفاقية لم تحصل على موافقة سكان المنطقة، وقد قررت المحكمة في شتنبر 2021 بإلغاء الاتفاقية، لكن دون تنفيذ القرار على أرض الواقع إلى غاية انتهائها في 17 يوليوز 2023، حيث تقرر عدم تجديدها بسبب هذه القرار.
وكانت جبهة “البوليساريو” قد أعربت عن امتنانها وفرحتها بقرار المحكمة الأوروبية في شتنبر 2021، إلا أنها هذه المرة، وبالرغم من عدم تجديد الاتفاقية، غلب على موقفها “التوجس والانتظار”، وذلك راجع إلى الرغبة الكبيرة التي أعرب عنها المسؤولون الأوروبيون بتجديد الاتفاقية مع المغرب قريبا.
وتُعتبر إسبانيا هي من أكثر البلدان الأوروبية تضررا من عدم تجديد الاتفاق مع المغرب، على اعتبار أنها كانت تحصل على نصيب الأسد من الرخص التي يمنحها المغرب للسفن الأوروبية للصيد في المياه المغربية بموجب اتفاق الصيد البحري، حيث يمنح المغرب 138 رخصة لفائدة السفن الأوروبية، 93 رخصة من إجمالي الرخص تُمنح للسفن الإسبانية فيما تُوزع باقي الرخص على بلدان أوروبية أخرى.
https://twitter.com/vonderleyen/status/1711695398291566775?s=46