رئيس التحرير
عيّن عاصمي غويتا، رئيس الفترة الانتقالية بمالي، الاثنين المنصرم، فافري كامارا سفيرا جديدا لباماكو في المغرب، في إشارة أخرى قوية إلى استمرار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع المملكة بمالي.
وقالت رئاسة الحكومة الانتقالية بمالي، في بلاغ صادر عنها، إن “تعيين كامار سفيرا في المملكة المغربية الشريفة جاء لتعزيز العلاقات الديناميكية بين البلدين، والتي تعرف ما يصل إلى ستين اتفاقية تعاون”.
وشدد البلاغ ذاته على “ضرورة استئناف اللجنة المشتركة بين مالي والمغرب، والتي تعرف توقفا لبعض الوقت”؛ الأمر الذي يظهر الرغبة الكبيرة لسلطات مالي في عودة العلاقات إلى السكة المعتادة، كما كانت عليه قبل فترة الانقلاب.
ومالي هي عضو آخر قد انضم إلى مبادرة الأطلسي الملكية، التي تهدف إلى ولوج دول الساحل الإفريقي إلى المحيط؛ وهي الخطوة التي من المرتقب أن تفتح طريقا آخر أمام هاته البلدان لتجاوز الوضع الاقتصادي الصعب جراء استمرار تردي الوضع الأمني والاجتماعي، وتنامي مخاطر التنظيمات الانفصالية.
وسجل خبراء من الساحل والمغرب أن وجود سفير مالي جديد بالرباط إشارة تحمل نية كبيرة لدى السلطات الانتقالية في باماكو في التعويل على المملكة المغربية لتحقيق النمو والازدهار والتنمية الاقتصادية وتجاوز الظرفية الصعبة.
سياسة الحياد
إبراهيم زين كونجي، خبير في الشؤون الإفريقية، قال إن “المملكة المغربية هي شريك أساسي وحقيقي، وقطب من أقطاب القارة الإفريقية القارة السمراء في علاقاتها التاريخية والحديثة على جميع المستويات، والتي تهم بشكل أهم منطقة الساحل”.
وبيّن كونجي، أن “المملكة المغربية مشكورة حقا في الكثير من مواقفها تجاه هاته المنطقة”، لافتا إلى أن “الجميل في القارة الإفريقية هو أنه مهما كان هنالك من صراع وتباين تبقى اللحمة والترابط يجمع دولها”.
وأضاف الخبير في الشؤون الإفريقية أن سياسة الحياد التي تنهجها المملكة المغربية في الكثير من الأحداث التي عرفتها المنطقة هي “السياسة الحكيمة التي تأتي بالعوائد الإيجابية في الأخير”.
ولفت المتحدث إلى أن كل دولة في القارة لها سياستها التي تخصها، ولا يقبل أن يكون هنالك طرف آخر يريد التدخل في سياسة طرف آخر، خاصة إذا كان جارا وصديقا لك، مؤكدا أن سياسة الحياد هي المنهج المحترم والمقبول من لدن الجميع.
واستطرد كونجي بأن العلاقات الودية بين المغرب ومالي ومختلف دول الساحل هي متسارعة، كما توجد العديد من المبادرات السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها من جل الدول الكبرى في القارة على غرار المملكة المغربية.
العمق الإفريقي
شريفة لموير، محللة سياسية، قالت إن تعيين حكومة مالي الانتقالية لسفيرها في المغرب “دليل آخر على متانة ما يجمع البلدين، خاصة في هاته الظرفية الانتقالية التي شهدتها البلاد بعد الانقلاب”.
وأضافت لموير، أن كل المبادرات المغربية تجاه شركائها الأفارقة تعكس جدية سياسة العمق الإفريقي التي ينهجها المغرب، وبالتالي ترجمة قوية لهاته العلاقات على الواقع يواجه مختلف التحديات الممكنة.
وأبرزت المحللة السياسية عينها أن “سياسة الحياد التي نهجها المغرب إبان الظرفية الانتقالية التي شهدتها مجموعة من الدول الإفريقية شكلت نقطة فارقة في علاقة المغرب مع هاته الدول، والتي ظهرت نتائجها اليوم”.
وشددت المتحدثة على أنه يجب عدم إغفال أن “المغرب أصبح قطبا قاريا مهما، سواء على مستوى القارة الإفريقية أم على المستوى العالمي”، مبينة أن “توتر الأوضاع الداخلية للدول الإفريقية لم يمنعها من تجديد وتأكيد الروابط التي تجمعها مع المغرب، مع الانخراط في كل المبادرات التي تطلقها الرباط”.