تستعد المجموعة المالية المغربية “التجاري وفا بنك” لتمديد شبكة فروعها في القارة الإفريقية، لتصل لأول مرة إلى الدول الناطقة بالإنجليزية أو التي تستعمل هذه اللغة في تعاملاتها المالية والاقتصادية، وذلك تزامنا مع إعلان المؤسسة أرقامها السنوية التي أظهرت أنها حققت أرباحا صافية بقيمة 7,5 مليار درهم (740 مليون دولار) سنة 2023.
ووفق المعطيات، فإن “التجاري وفا بنك” تُخطط لتوسيع تواجدها في إفريقيا الذي يشمل حاليا 15 بلدا، بإضافة دول أخرى أنغلوفونية، تربطها مع المغرب علاقات اقتصادية متنامية، وفي مقدمتها نيجيريا، المرتبطة مع الرباط بمشروع خط الغاز الإفريقي الأطلسي، بالإضافة إلى مشاريع أخرى تتعلق بإنتاج الأسمدة.
ووفق المصادر نفسها، فإنه من المرجح أن يشمل توسيع شبكة فروع “التجاري وفا بنك” إثيوبيا أيضا، البلد الذي يستقبل عدة استثمارات مغربية، والذي تجاوزت الرباط معه، عمليا، خلافاتها السياسية، خصوصا في ملف الصحراء، شأنه شأن نيجيريا، وهو الأمر الذي يؤكد ارتباط حضور هذه المؤسسة المصرفية في بلدان القارة السمراء، بالمصالح الاستراتيجية للرباط.
وقبل أشهر أعلن المدير العام المنتدب المكلف بقطاع الشركات والاستثمارات البنكية في “التجاري وفا بنك”، يوسف الرويسي، أن المؤسسة تتطلع لدخول 3 أسواق جديدة في شرق إفريقيا الناطقة بالإنجليزية لأول مرة، مضيفا، في مقابلة مع قناة “الشرق”، أن المجموعة تبحث أيضا توسيع حضورها إلى مناطق جديدة من العالم.
ويمثل حضور “التجاري وفا بنك” في الدول الإفريقية الناطقة بالإنجليزية، نقلة نوعية بالنسبة للمغرب على مستوى الاستثمار في الخدمات المالية، بعدما كانت المؤسسات المغربية، التي تتعامل أساسا باللغتين الفرنسية في غرب إفريقيا والعربية في الشرق الأوسط، تتفادى ذلك لسنوات، ما يفتح الباب لمنافسة المؤسسات الجنوب إفريقية داخل مناطق نفوذها التقليدية.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالبنك يتواجد حاليا في السنغال والكوت ديفوار والغابون وموريتانيا والنيجر، وبوركينا فاسو وتشاد والطوغو والكونغو والكامرون، والبنين، وهي كلها ذات تعداد سكاني محدود جدا بالمقارنة مع نيجيريا مثلا، التي يبلغ عدد سكانها 213 مليون نسمة، أو إيثيوبيا، التي يقطنها أكثر من 120 مليون شخص، ما يعني عملاء أكثر وفرصا أكبر.
ويرغب البنك المغربي، الموجود حاليا في 26 بلدا في العالم، في توسيع استثماراته بمنطقة الخليج العربي أيضا، إذ قال الرويسي إن المؤسسة بدأت محادثات مع عدد من المستثمرين في الشرق الأوسط، من بينهم مستثمرون بالإمارات والسعودية والكويت، عبر المكتب التجاري في دبي من أجل اقتراح فرص استثمارية عليهم للاستفادة من معرفة البنك بالأسواق والمخاطر والشركاء.
ويتواجد “التجاري وفا بنك” في الدول العربية حاليا من خلال فروعه في مصر وتونس والإمارات والسعودية، كما يتواجد في كندا، وأيضا في الدول الأوروبية من خلال “بنك التجاري أوروبا” الذي تأسس في يناير من سنة 2006، ويتوفر على 73 فرعا في كل من فرنسا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا وسويسرا، ويمتلك حاليا 4306 فروع عبر العالم في المجمل.
ويُمثل هذا البنك إحدى نقاط القوة بالنسبة للاقتصاد المغربي، إذ بالإضافة إلى كونه إحدى عوامل القوة المالية الناعمة، من خلال شراكاته مع مجموعة من الحكومات، وتوفير التمويل للعديد من المشاريع والمبادرات المحلية، فهو أيضا يمنح انسيابية أكبر عمليات نقل الأموال وبالتالي تمويل الاستثمار، ما يضمن سهولة التمدد الاقتصادي المغربي، خصوصا داخل القارة السمراء.
هذه العوامل تفسر بشكل جزئي المسار التصاعدي لأرقام “التجاري وفا بنك”، التي جعلته يتصدر المجموعات البنكية المغربية، حيث حقق مع متم 2023 أرباحا صافية بقيمة 7,5 مليار درهم، بارتفاع بلغ 23 في المائة مقارنة بسنة 2022، محققا ارتفاعا في صافي الدخل المصرفي بقيمة 15,5 في المائة، ليصل إلى حوالي 30 مليار درهم.