الردّ المُفحِم الذي أدلى به السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، على السفير الجزائري عمار بن جامع خلال مؤتمر لجنة الـ24 المنعقد مؤخرا في كاراكاس بفنزويلا كان ضروريا ودرسا مفيدا للطرف الجزائري الذي اعتاد المناورة والتلاعب عندما يتعلّق الأمر بقضية الصحراء المغربية. لقد كان من الضروري أن يفضح السفير المغربي ممارسات النظام الجزائري عبر سفيره الذي عمد إلى ترهيب الوفود الداعمة لمغربية الصحراء خلال هذا الاجتماع. لم يعد نظام الكابرانات يخفي ممارساته الابتزازية ضد الدول التي تعرب عن دعمها للموقف المغربي في هذه القضية، حتى لو تطلّب الأمر توجيه تهديدات مباشرة بمقايضة مواقفها عند مناقشة قضايا حكومات هذه الدول.
لقد اتضح وفقا لما أكده عمر هلال خلال الاجتماع المنعقد لمناقشة قضية الصحراء في إطار هذه اللجنة أن السلطات الجزائرية عمدت إلى توظيف خبيث لولايتها في مجلس الأمن من أجل ابتزاز البلدان الصديقة التي يبحث المجلس قضاياها، إذ تعمد إلى مقايضة دعمها لهذه البلدان بتغيير هذه الأخيرة لموقفها من قضية الصحراء المغربية. وقد أكد السفير المغربي أن الأمر لا يستحق العناء لكون هذه الدول لا تهاب الجزائر بأي حال من الأحوال. ولعلّ الضربة القاضية التي وجّهها عمر هلال إلى السفير الجزائري تذكيره بالموقف المتناقض لبلاده تّجاه القضية الفلسطينية، وتعرية المفارقات التي يغرق فيها هذا النظام المسكون بشعارات دعائية لا قيمة لها في ميدان العمل الدبلوماسي المؤثر.
لقد خاطب هلال نظيره الجزائري قائلا: “أنتم تتباهون بالدفاع عن فلسطين في مجلس الأمن، هذا دوركم كممثل للبلدان العربية داخل هذه الهيئة، لكنكم تبخسون شعبكم حق التظاهر نصرة لفلسطين، لأنكم خائفون من الشعب الجزائري حين يخرج إلى الشوارع. وعلى عكسكم، فإن المظاهرات الداعمة للفلسطينيين في غزة لا تعرف أي قيود في المملكة المغربية”. إذا كان نظام الكابرانات مستعدا فعلا لدعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والتنديد بما يتعرّض له من عدوان في قطاع غزة: فلماذا يخاف من خروج المتظاهرين المدنيين الجزائريين إلى الشوارع لتنظيم المسيرات والوقفات الاحتجاجية؟ هذا سؤال محرج للغاية للدبلوماسية الجزائرية أمام المنتظم الدولي ولا سيّما أنها حاولت استثمار الولاية التي حصلت عليها في مجلس الأمن لترويج بطولات مزعومة.
إذا كان بيتك من زجاج فلا تحذف الناس بالطوب. هذا المثل هو الذي يعبّر بجلاء عن واقع نظام الكابرانات اليوم وطريقة إدارة الدبلوماسية الجزائرية لاختياراتها الخارجية والدولية. من المستغرب بل من عجائب الأمور أن يزعم هذا النظام حرصه على القضايا العربية بينما يعمل ليل نهار على النيل من الوحدة الترابية للمغرب، ومن المخجل أن يستغل موقعه اليوم في مجلس الأمن للضغط على دول وحكومات أخرى ودفعها إلى تغيير مواقفها الداعمة لمغربية الصحراء والوحدة الترابية لبلادنا. ولعلّ هذا الحرص الشديد على استغلال هذه الولاية هذا الاستغلال الخبيث نابع بالأساس من إدراك النظام الجزائري أنّ قضية الصحراء المغربية قد انتهت إلى غير رجعة، وأنّ المحاولات اليائسة لحصد بعض المواقف المجامِلة للموقف الجزائري أمام اللجنة الأممية المذكورة أكبر دليل على هذه الهزيمة النكراء.