نبيل هرباز
لا شك أن الكثير منكم سبق له أن قرأ او على الأقل سمع المثل العربي المختصر في التداول بكلمة : (ما هكدا تورد الإبل)، وأصل الحكاية أنه في أيام الجاهلية كان هناك شخص إسمه مالك إبن زيد، وكان آبلا ، أي يحترف تربية الإبل ..وكان له أخ إسمه سعد، و سعد هذا كان مولعا بتربية الخيول، وحصل أن تزوج مالك وسافر لزيارة أهل زوجته في ديار بعيدة ، وترك إبله في عهدة أخيه سعد إلى حين عودته ، ولما عاد من السفر على حين غفلة ، وجد إبله عجفاء، أي تعاني من الجفاف ، وأخاه نائما في الفراش مطمئنا ومغطى، ولما بحث عن سبب جفاف إبله والماء موجود ، اكتشف أن سعد يعاملها معاملة خيله، عندما يسقيها ماء لتشرب، كما وكيفا ، مما أضر بها ، لأن معاملة الخيل في شربها، تختلف عن معاملة الحمير والبغال والإبل، فلكل خصائصه، فقال مالك في أخيه ما يلي:
اوردها سعد وسعد مشتمل …ما هكدا يا سعد تورد الإبل،….. ومعناه سقاها سعد الماء و ذهب لينام ويتغطى مطمئنا ، ما هكذا ياسعد تشرب الإبل، وسبب اقتباسي للعنوان، وإسقاطه على عبد الإله بنكيران والجزائر، هو خرجة عبد الإله بنكيران التي اعتبرتها غير موفقة ، و التي خرج بها اليومين الأخيرين، ليقول كلاما ، مللنا نحن المغاربة من تكرار سماعه منه، ولم يمل هو من كثرة تكراره واجتراره ، كلما أراد أن يخاطب ود الجزائريين حكومة وشعبا، والأدهى من هذا أنه نعتهم بإخوته وقال بأنهم سيضلون إخوته رغما عنهم، حتى وإن رفضوا أخوته …عندما قال لهم أنتم إخوة لنا شئتم أم أبيتم ….يعني يفرض عليهم أخوته هو بالقوة …أما أخوة المغاربة حتى وإن أشار إليها في معرض كلامه ،فهو لا يملك أمرها….لإنها أغلى وأشرف من أن ترمى وتهدى هكذا لمن لا يستحقها ….بل تعطى فقط لمن يثبت بالفعل أنه أهلا لها ….والجزائر والجزائريين في نظري …آخر من يستحقون منا أن نجود عليهم بها …لأنهم أثبتوا لنا بالدليل القاطع أنهم غير جديرين بها بالمرة …وبرر بنكيران عدم تنازله عن أخوة الجزائريين رغم المشاكل التي قال أنهم يتسببون لنا فيها، بأن أمه رحمها الله، قالت له متلا دارجا حكاه، وهو : ( إن اخوك حتى وإن مضغك ، فهو لن يبلعك). والحقيقة تقال أن خرجة عبد الإله بنكيران لم تعجبني ،وأنا شخصيا ضدها، خصوصا عندما أقحم الملك في كلامه، واظهر نفسه بمظهر من لا زال يستشار من ملك البلاد في اتخاذ القرار ، وأن الملك يرسل له من يبلغه بأنه لن يضر الجزائر ، علما أن الملك سبق ان وجه هذا الكلام علنا للجزائر، وفي خطاب رسمي، ولا يحتاج أن يخص به بنكيران، ويبعث له رسولا خاصا ليبلغه له ، كما ذكر بنكيران بأن الخلاف بدأ كخلاف بين نظامين، وهذا كلام غير مقبول و مردود عليه ، لأن الجزائر كانت دائما ولا زالت تستهدف وحدة أراضي المغرب التي هي دائما مسألة شعب ، ولم تكن يوما مسألة نظام فقط ، وبالإضافة لكل ما قلت.. انا ضد ما جاء على لسان بنكيران للأسباب التالية:
1) لأن عبد الإله بنكيران لم يعد مسؤولا رسميا في الدولة. حتى أهضم عن مضض مجاملته للجزائريين، وأعتبر ماقاله جاء من باب ما يفرضه عليه واجب التحفظ في الكلام الذي تمليه عليه طبيعة المنصب الذي يشغله، إذا خرجة بنكيران وهو محرر من أية قيود بذلك الضعف، وتلك الهزالة في الخطاب وعدم تسميته للقذارة بمسمياتها ، وهو يخاطب اولائك الصعاليك ، الذين لاشغل لهم غير الحقد على المغرب ، والجري وراء إيدائه ، لم تكن موفقة بالمرة …
2) لأن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بنكيران بنفس الفعل وبنفس السيناريو … منذ سنين وهو يكرره دون أن يجد كلامه أية أذن صاغية او ردة فعل ممن يهمهم الأمر ، فما الفائدة إذا من اللغط، و الجعجعة دون طحين ؟
3) لأن إبل براري الجزائر التي ترعى في ساحات المزابل، ليست هي خيول المغرب الأصيلة، و محاولتك يا بنكيران سقيها بالماء العذب الزلال الذي يشرب منه خيل المغرب، لن يفيدها في شيء، لأنها تعودت أن تستطعم مياه المجاري العفنة
4) إن صورتك كمصلح أو مرشد ، أو حتى مجرد ناصح التي يراك عليها المغاربة وانت تخرج هكذا خرجات لتخاطب الجزائريين ، بمجرد ما تدخل هذه الصورة للجزائر ، تتحول وتتشوه لتظهرك في صورة إنسان، مستجدي، دليل، يتسول من الهمج عديمي الأخلاق والتربية بأن يرحمونا ويمنوا علينا بفتح أبواب حدود جنة الجزائر التي نقف نحن المغاربة على بابها في طوابير طويلة عريضة، ننتظر بلهفة متى ستفتح لنعيش ونرتاح ، ولا يعرفون أننا نرى عبر شاشاتهم في الجزائر كثرة الازبال والقاذورات التي تملأ ساحات ومساحات بلدهم وشوارعهم بشكل يجعلنا نتقزز ونهرب حتى بأبصارنا من رؤيتها ، فبالأحرى أن ندخل الجزائر لنزكم أنوفنا ونتقيأ ما في بطوننا من عفنها
ومع ذلك أنا أقول لبنكيران، انا لا أشك في مدى صحة المثل الذي ضربته لك الوالدة، لتجعلك تحب أخاك حبا أبديا ، عندما قالت لك ، اخوك يمضغك لكن لا يبلعك، لكن أنا أشكك في فهمك لكلامها ، لأنه لو تمعنت جيدا في كلامها ستجد أمك توصيك بأن تبتعد ولا تآخي من يبتلعك لأن من يفعل ذلك ليس، ولن يكون أبدا أخا لك، ولا يجوز لك أن تتخذه كذلك ، ولا أظن اسي بنكيران أنك تجهل أن الجزائريين ابتلعوا حتى التخمة صحراءنا الشرقية بشهادة العالم وباعترافهم ، بعدما شربوها بجرعة مبدأ الحدود الموروثة عن الإستعمار، ولا أعتقد انك تجهل أنهم يعملون اليوم ما في وسعهم ليبتلعوا صحراءنا المغربية بجرعة ماء تقرير المصير، ونسوا وتناسوا كم وقفنا إلى جانبهم، وأطعمناهم من جوع و آمناهم من خوف وآويناهم في بيوتنا، عندما جاؤونا لا جئين فارين كالجردان من المستعمر الفرنسي فرنسا…
إذا بعد كل هذا ارجوك يا سي بنكيران أن تصمت…حتى لا تقلق الوالدة في قبرها وهي تراك لم تفهم ولم تستفد من كلامها …وهي تراك تلهث وراء أخوة زائفة كاذبة …مع من مضغك وابتلعك، وأنصحك أن لا تعامل الجزائريين بفكر معاملة المغاربة ، لأنهم ليسوا سواء ، ولأن معاملة خيول المغرب الأصيلة لا تناسب معاملة إبل الجزائر الشاردة، ..
وحتى لا تجعلني أقول لك … لا يا بنكيران ما هكذا تورد الجزائر.