نبيل هرباز
منذ سنين ألفنا أن نسمع أصواتا مغربية تخرج من بين ظهرانينا، تعلوا أجواء إعلامنا التواصلي الإجتماعي، ترغي وتزبد … ، يقال انها لنشطاء مغاربة يحاولون عبرها تأليب الرأي العام الوطني وتحريضه ضد الجهات الوصية على إقامة مهرجان (موازين… إيقاعات العالم)، تدعو المغاربة للتظاهر والتعبير عن سخطهم وغضبهم من تنظيمه مع مقاطعته إن أقيم ، …والحقيقة أننا تعودنا منذ زمن أن نرى طلب إلغاء و مقاطعة موازين يشتد ويستعر ويقال جهرا، علنا كلما اقتربت المواعيد المحددة لإقامته، …أصوات لا يمكننا تحديد بدقة الجهة التي تكون ورائها ، لأن مصادرها تبقى غير واضحة المعالم حتى وإن كنا نسمع من هنا وهناك اتهامات تخبرنا بالجهة التي ترى أنها تحركها ، لأننا لايجب أن ننكر أن هناك أيضا مغاربة طيبون لا يشك أحد في حسن نوايا وطنيتهم…..نراهم يعبؤون ، ويقحمون في المعمعة الداعية للمقاطعة، من كثرة العزف لهم على ألأوتار الحساسة، لإثارتهم و تهييجهم، فينضموا بحسن نية لصفوف المنادين بالمقاطعة، وبأهداف نبيلة لا علاقة لها بأهداف الدعاة خدمة لأجندات محددة مسبقا ، ومع انضمام هؤلاء لأولائك..يشاع في الأوساط المغربية أن مطلب المقاطعة مطلبا شعبيا ترتجيه كافة الاوساط المغربية التي فرض عليها هذا المهرجان فرضا وقهرا حتى وإن كانت الحقيقة خلاف ذلك …،
لكني ارى ان بعض طالبي إيقاف أو إلغاء المهرجان من دوي النيات الغير السليمة يجيدون رياضة ركوب الأمواج بكل تنوعاتها وتلويناتها لإقناع المغاربة البسطاء أن موازين هو سبب تدهور حالهم وأحوالهم الإقتصادية، فنسمع كذبا أن ميزانية ضخمة من المال العام رصدت للمهرجان ، وأن هدر هذه الأموال في الرقص والغناء دون أن يرجى من ورائها طائل هو سبب خراب البلاد وضياع العباد …وإنه كان من الأجدر بالحكومة أن تضخ تلك الأموال في ميزانيات ميادين التربية والتعليم، أو الصحة العمومية لإصلاح ما بهما من خلل..، علما أننا نعلم ويقال لنا دائما من الجهات المسؤولة أن لا علاقة لميزانية الدولة بميزانية المهرجان، الذي يبقى تمويله تمويلا ذاتيا خالصا، من عائدات الإشهار، وبيع التذاكر ودعم المؤسسات والشركات التجارية الخاصة التي تجني من وراء إقامته ارباحا كبيرة، ترفع من مداخيلها …
أحيانا أيضا …يتحجج طالبوا المقاطعة، بخصوصية وضعيتنا وهويتنا الدينية و الإجتماعية، فنسمع مثلا : من يقول لنا عار على هؤلاء أن لا يراعوا مرجعيتنا الدينية واعراف وتقاليد المغرب ويستهدفوا مجتمعنا المسلم ويضربوه في الصميم بهذا المسخ، وهذه المهزلة التي يسمونها موازين إيقاعات العالم .. علينا أن نوقف هذا المنكر من العري والإبتذال ، وإختلاط الجنسين من الشباب في الغناء والرقص، الذي ينشره بيننا ضيوف وفنانوا المهرجان الأجانب، ليفسدوا أخلاق أبنائنا وبناتنا ….
وأقول للدي يسمع هذا الكلام ويصدقه، عليه فقط أن يرى اختلاط المغاربة في الأعراس العائلية، ورقصهم بحرية أمام أباءهم وأمهاتهم، وأمام كل الحاضرين حتى وإن كانوا غرباء عنهم، دون أي حرج ،لأن هذا العرس مناسبة لا تكون دائما ، و من حقهم أن يستغلوها ليسرقوا ساعات من الفرح والترفيه عن النفس ليعيشوا حياة سوية طبيعية يتخللها الفرح،
أصوات أخرى تقول ….هذا المهرجان واختيار توقيته مؤامرة حبكت من أعداء لنا داخل وخارج الوطن ، حددوا له عمدا أوقاتا تصادف فترة إمتحانات نهاية السنة لأبنائنا، لتشتيت تركيزهم وإلهائهم عن دروسهم…، ولضياع مستقبلهم …
لكن كل ما قلت في السابق يبقى رأي فيه سجال وحوار بين مغاربة ..وهو شيء مقبول مهما يكن ..ويمكن اعتباره داخل مجال ما يعرف بحرية التعبير ببلدنا …وحق إبداء الرأي ..وتقبل الرأي الآخر المخالف ….بين مغاربة .. لكن الذي أثارني وادهشني هذه السنة ، والشيء الذي لن أقبله كمغربي بتاتا ، هو أن يقحم بعد المحسوبين علينا للأسف، مأساة حرب غزة، ويطلعوا علينا سعداء و فرحين بفيديوهات لفلسطينيين، من بينهم أطفال ملفوفين داخل وشاحاتهم المشهورة، يأمروننا أو يطلبوا منا مقاطعة مهرجان موازين …ويتجرأ البعض منهم ليقول لنا دون حياء أو إستحياء لا ترقصوا على جراحنا … وهذه في رأيي منتهى الوقاحة …أي عاقل مغربي ليست له قرون فوق رأسه، سيعرف أن هؤلاء الأطفال مدفوعين لذلك و لا ينطقون بهكدا كلام إنطلاقا من أنفسهم ..بل منا، أو من أعدائنا من يحاول استغلال مأساتهم للركوب عليها ، وفرض علينا القيام بشيء يخصنا فقط كمغاربة بإسم فلسطين، حتى وإن كان هذا الشيء لا علاقة له، لا من بعيد ولا من قريب بمأساة غزة بفلسطين .. تم هل يمكن أن يصدق عاقل ..أن هناك بفلسطين أطفال…يعرفون ويهتمون بمهرجان إسمه موازين ينظم في آبعد دولة عربية مسلمة إسمها المغرب .وأن تنظيم أو عدم تنظيم هذا المهرجان ..يمس شعورهم سلبا أوإيجابا ..تم إذا كنا كمغاربة لا نسمح قانونا حتى لأبنائنا المغاربة القصر الذين لم يبلغوا سن الثامنة عشر من العمر ، بإن يشاركوا في الإنتخابات لإ ختيار من يشرع للسياسات العمومية التي تؤثر على مستقبل بلادنا وهم مغاربة …فكيف لنا أن نسمح..لأطفال مهما كانت قيمتهم عند المغاربة …لكن يبقون أجانب عن المغرب ..كيف نسمح لهم بأن يتدخلوا في شؤون سياستنا الداخلية ..ويملون علينا ما يجب ، أوما لا يجب أن نفعله داخل بلدنا ..ألهذه الدرجة يستصغرنا البعض ممن يروج لذلك الفيديو بيننا..ويتشاركوه على مواقع حساباتهم الإفتراضية ليهينوا بلدهم ،… أنا لا أنكر أن ما فعلته وتفعله إسرائيل بغزة شيء فظيع كلنا ضده وندينه…وإسرائيل تتحمل وزره ….لكن في نفس الوقت على الكل أن يحترم نفسه، و يلزم حده …..لأنه من وجهة نظري ليست إسرائييل وحدها من تتحمل كل مسؤولية ما جرى بغزة ،هناك أيضا جهات أخرى إقليمية ومن فلسطين تتحمل نصيبها من المسؤولية ولا أود الخوض فيها ….لأن الشأن شأن فلسطيني ..وهم من يسيرون بلدهم …وهم من يحصدون نتائج سياساتهم …أما نحن كمغاربة فما علينا إلا التضامن معهم …ومساعدتهم بما قدرنا عليه الله من إحسان…. والدعاء لهم من قلوبنا بأن يخفف الله عنهم ما نزل بهم.