نبيل هرباز
في الكثير من الأحيان أكتب في مقالاتي، أو أذكر في فيديوهاتي أنني أحمد الله وأشكره أنه خلقني مغربيا ولم يخلقني جزائريا،…وأنا إذ أفعل ذلك، فأنا لا أجامل أو انافق ، بل اشكره بالفعل على نعمته التي أنعم بها علي عندما أعطاني شرف الإنتماء إلى شعب ذكي، متبصر ، راقي، عظيم، يسمى اناسه المغاربة…. وعندما اقول شعب راقي ، عظيم فأنا اعرف ما تحمله هاتين الكلمتين من معاني وأقصدها بالفعل….أنا طبعا لا أزكي بها كل المغاربة وأقول أنهم كلهم ملائكة، لا يأتيهم الباطل لا من بين يديهم ولا من خلفهم ، كما يحلو للبعض أن يعاتبني عى ذلك في تعليقاته لينتقدني عليه ، ويذكرني بحالات بعينها تثبت أننا ايضا كمغاربة ابتلينا بمن هم من بني جلدتنا ويسلكون ما يضرون به بلدنا، أنا أقر وأعترف أنه من بيننا، ومنا أناس انحرفوا عن تربيتنا ، وأخلاقنا في شتى المجالات ، لكنهم يبقون قلة إذا ما قورنوا بعامتنا …أما السيرة الذاتية لأكثر المغاربة وهي الأهم فتبقى طيبة ومطمئنة ، وتقول لكل من يريد أن يسمع أن شعب المغرب من أفضل الشعوب في العالم ،ولا أظن أنني في حاجة لأذكر بالمقال تاريخ وحضارة وتراث شعب المغرب، الذي يشهد له بها القاصي والداني ، والذي يقول ويؤكد أن شعب المغرب شعب متميز ،و متطور، ومتجدد، ميال إلى الخلق والإبداع، شعب راقي ذو ذوق فريد في جميع المجالات …في الوقت الذي يوجد على مقربة منه شعب جار خمول على النقيض منه ، وهو أقرب في الوصف لتجمع بشري وجد بالصدفة هائم على وجهه، لا يعرف ماذا يفعل وماذا يريد ، ماذا يقدم وماذا يؤخر ، منه لشعب واع منظم و متحضر ، تجمع بشري اقتضت إرادة فرنسا مخطأة أن تصنع منه شيئا وهو لا شيء ، ومنذ أن أهدته دولة كاملة مكمولة سنة 1962، وهو يعبث فيها ولا يعرف حتى الآن كيف يديرها ، لأنه عاش كل تاريخه فوق أرضه عيشة الدواب من البهائم في قطعان ترعى في طبيعة أرض الله لا تفكر ولا يشغل بالها غير البحث عما ترعاه من خشاش الأرض ونباتها ، وما تشربه من مائها، وغير ذلك من التدابير ، تترك أمرها للرعاة الذين يتناوبون على رعاية القطعان فوق أراضيها، ولا يهم من يكون الراعي ،مغربيا ،اسبانيا، عربيا ، او عثمانيا مسلما انتهازيا ، أو حتى فرنسيا كافرا متنورا استغلاليا، أو عسكريا جاهلا لكنه لصا عنيفا لا يكفيه الضرب بالعصا ليمنع شرود القطيع ، ولكنه مستعد لإحراقه عن آخره إن طالب الراعي بإطعامه من خيرات نباتات الأرض، بدلا من التبن الذي دأب على تغذيته به، ليضل القطيع يعيش في الحديقة التي تجاورنا والتي نحمد الله أنها مقفلة من جهتنا حتى لا يدخلوها بحوافرهم بعض دواب القطيع ، من أجل خيرات المأكل والمشرب ، والعلف حتى التخمة ، ثم يملؤون شوارعنا بروثهم ، وفضلاتهم و روائحهم الكريهة …
وأنا أقرأ مقال الشروق الذي في الصورة علاه ، والذي يزف للجزائريين خبرا يبدو أنه يفرحهم كثيرا عندما كتب ( ….صفعة جديدة لإسبانيا في الجزائر قد تخسرها 544 مليون أورو )، قرأت المقال على جريدة الشروق ، والذي كان مدخله …(تجرعت إسبانيا صفعة جديدة في الجزائر، وجاء الدور هذه المرة على شركة “دورو فيلڭورا ” التي تخلت عن مشروع بولاية الجلفة بقيمة 544 مليون أورو، لإنجاز محطة لتوليد الكهرباء ..)
وبعد أن قرأت هذا الخبر ورأيت كيف زفت الجريدة خبر نجاح الجزائريين في إفشال إستثمار اجنبي كبير وبالملايين في بلدهم ، واعتبر عندهم إنجازا تاريخيا..، وتذكرت العديد من الإنجازات التاريخية العظيمة، التي يحققها دائما النظام الجزائري، ويسميها صفعات على وجه المغرب والتي تعود بالنفع والخير العميم على شعب الجزائر ، أذكر منها صفعه للمغاربة باحتظانه لدولة وهمية بجنوب الجزائر لمدة خمسين سنة كاملة ، وصرفه عليها ملايير الدولارات من ميزانية الشعب، دون فائدة ، ومنها إقصاء فريق اتحاد العاصمة من لعب نصف نهاية كأس الكونفدرالية الإفريقية، وإضاعة كل مجهوداته البدنية والمالية السنوية ، من أجل توجيه صفعة للمغرب ، عن طريق حجز قمصان فريق نهضة بركان بالمطار بدعوى أنها لا تتطابق مع قوانين اللعبة ، والإصرار على حجزها حتى بعد توصل النظام الجزائري من الإتحاد الإفريقي الوصي على التنظيم بما يفيد أن هذه القمصان قانونية و معتمدة لديه ، مع اجتهاد النظام الجزائري العبقري في صناعة أقمصة بديلة للفريق الضيف من اختياره، وعلى ذوقه هو ، ليلعب بها ضده دون اكتراث لحقوق المستشهرين على نهضة بركان المضمونة بعقود لا تقبل الإخلال بها، صفعة أخرى وجهها النظام الجزائري لشركة فياط التي يحسب إدخالها للجزائر إنجازا لتبون ، والذي أدى ثمنها غازا غاليا لإيطاليا بثمن رمزي ، و هلل الإعلام الجزائري لسيارة فيات كثيرا وأعد مميزاتها حتى أصبح الجزائري إن سألته عن أفخم، وأفره ، وأفخر وأجمل سيارة في العالم ، سيقول لك دون تردد وعن يقين أنها سيارة فيات، التي أصبحت حلم كل الجزائريين ،…قلت بشر تبون الشعب الجزائري بقدومها للجزائر لتباع في أسواقها ، ولتصنع في مصانعها ، ومقابل ذلك أعطى إعفاءَات جمركية لشركة فيات لتدخل بحرية ، ولتباع للجزائريين بأثمنة رخيصة لا تنافس ، لكن بمجرد أن وصلت شحنات من هذه السيارات لميناء الجزائر لتلبي طلبات زبائن الشركة بالداخل ،حتى تم التحفظ عليها بالميناء ، ومنعها من مغادرته حتى تؤدي الرسوم الجمركية المبالغ فيها ، ولما احتجت شركة فيات بأنها معفات من هذه الرسوم الباهضة …وادلت بالعقود التي تربطها بالجزائر وتثبت ذلك …أخبرت بأن تلك العقود أبرمت في ظل قوانين مالية سابقة، وأن قانون المالية الجديد لم يستثني أي نوع من السيارات من أداء الرسوم .. ، مما جعل شركة فيات تترك سياراتها بالميناء مهملة لأنها إن دفعت الرسوم الخيالية اللتي فرضتها دولة الجزائر فإن ثمن تكلفة السيارة الواحدة سيتجاوز بكثير قيمة ثمن البيع المتفق عليه مع الزبون الجزائري …..لكن إن أردتم معرفة سبب فرض الجزائر فجأة على شركة فيات رسوم خيالية …عوض الإعفاء المتفق عليه ….فهو اكتشاف الجزائريين أن شركة سيلانتس التي تملك بيع علامة فيات وبوجو سيتروين وغيرها، تنشط بالمغرب ..، وأنها تدمج في سيارات فيات المصنعة بإيطليا والمصدرة للجزائر العديد من قطع الغيار المصنعة بالمغرب .. ، وهذا يعني أن الصفعة التي وجهتها الجزائر لشركة فيات كان المقصود بها هو الإضرار باقتصاد المغرب حتى لا ا يستفيد من أموال الجزائر ،…مما جعل الإتحاد الأوربي الذي توصل بعدة شكايات من الشركات الإيطالية والإسبانية وغيرها ..يستدعي تبون لقمة جي 7 عن طريق رئيسة وزراء إيطاليا …ليوجه إنذارا شديد اللهجة للجزائر التي تضر بالإستثمارات الأوربية خارقة اتفاق الشراكة المبرم بينهما ، وخارقة الإتفاقات التي تبرمها الجزائر مع شركات دولية، و هذه اللقطات التي ذكرت بهذا المقال ماهي إلا لقطات قصيرة جدا لفيلم طويل عريض من الصفعات التي يظن النظام الجزائري أنه يوجهها للمغرب في حين أنه يحرق بها بلاده بلا رحمة ولا شفقة …وفي الوقت الذي تتنافس فيه دول العالم على استقطاب الإستثمارات الجديدة لأراضيها…لإحداث فرص شغل لشعوبها ، ولدوران اقتصادها ….نجد الجزائر ..تطرد الشركات التي اختارت خطأ أن تستثمر في الجزائر ، وتعاقبها أشد عقاب على ذلك، بتغيير القوانين ونكث العهود ، ولتزيد الطين بلة تفرح بطردها من البلاد و تشمت في خسارتها بمقالات كالذي تصدر صفحات الشروق ، لترسل الجزائر رسالة للعالم بأنها دولة لا تصلح للاستثمار ، تعمل و تفرح لخسائر الشركات التي وضعت يوما ما ثقتها في الجزائر كدولة محترمة ملتزمة بعقودها، لتستحق بعد ذلك أن تسمى بين المستثمرين الأجانب دولة الخسائر لا دولة الجزائر ، كل هذا الذي قلت لا يفاجئني عند الجزائر ، بقدر ما يفاجئني أن أرى وزراء الخسائر يطالبون الدول والشركات للقدوم والإستحمار عندهم عفوا أقصد للإستثمار عندهم….هزلت.