المسؤول عن النشر و الاعداد
أعلن المغرب والكوت ديفوار عزمهما عقد اجتماع رفيع المستوى للجنة المشتركة المغربية الإيفوارية نهاية 2024، مع خلق قنوات جديدة للاتصال بين هيئات القطاع الخاص بغرض إحياء فريق التنمية الاقتصادية.
البلدان اتفقا أيضا على إحياء آليات الحوار السياسي الموجودة بين الدبلوماسيتين داخل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وكل ذلك في إطار تجدد مساعي البلدين في تعزيز علاقات التعاون التي تعود إلى أكثر من 60 عاما، وتندرج ضمن الرؤية المشتركة والاحترام المتبادل ومبدأ المنفعة المتبادلة.
وتعد العلاقات المغربية الإيفوارية الضاربة في القدم، “نموذجا ومرجعا يُحتذى على مستوى القارة الإفريقية” وفق تعبير ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج الذي استقبل بعد زوال اليوم الأربعاء بالرباط، نظيره وزير الشؤون الخارجية والتكامل الإفريقي والإيفواريين بالخارج في جمهورية كوت ديفوار، كاكو هواجا ليون أدوم، الذي حل بالمملكة في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ تعيينه رئيسا للدبلوماسية في بلده.
ونوه المسؤولان الحكوميان، بحجم العلاقات الثنائية التي تربط المغرب بالكوت ديفوار لاسيما وأنها “تجاوزت كونها شراكة، لتصل مرحلة التحالف الاستراتيجي النموذجي” حسب بوريطة، الذي شدّد على أن العلاقات هي مرجعية في التعاون بين الدول الإفريقية إذ ليس لديها فقط عمق تاريخي وإنساني لكنها علاقة متكاملة على مستوى الجانب الاقتصادي وأيضا الاستراتيجي الامني، فضلا عن التنسيق الدبلوماسي.
وقال وزير الخارجية المغربي “الملك محمد السادس، والرئيس الحسن عبد الرحمن واتارا أعطيا زخما كبيرا للعلاقات، لعل أهميتها تترجمها أيضا عدد الزيارات المتبادلة إذ زار الملك هذا البلد الشقيق 6 زيارات كما زار رئيس الكوت ديفوار المغرب 3 مرات”.
وحسب بوريطة، فإن المغرب والكوت ديفوار طوّرا طيلة العقود الماضية الآليات الأهم في إفريقيا للتنسيق السياسي، وآليات الشراكة الاقتصادية، عبر اللجنة المشتركة الذي أنشئت منذ 2014 وكانت إطارا للاجتماع بشكل خاص، كما أفرزت شراكة لا مثيل لها وعلاقة خاصة ومتميزة في إطار قانوني غني تُرجم بحوالي 130 اتفاقية بين البلدين شملت كل مجالات التعاون المشترك”.
الزيارة الرسمية لوزير الخارجية الإيفواري للمغرب، كانت شرطا لترجمة الإرادة السياسية للقائدين والطموح المتزايد للعلاقات الثنائية، وفق بوريطة، الذي أكد أنه اتفق مع نظيره الإيفواري على عقد اجتماع للجنة المشتركة قبل نهاية السنة الجارية 2024، مع الشروع في التحضير لها من الآن خصوصا على المستوى التقني، وإحياء لجنة فريق التنمية الاقتصادية على مستوى القطاع الخاص وتحريكها والدفع بها، من خلال خلق قنوات الاتصال بين هيئات القطاع الخاص في البلدين.
وتناول المسؤولان الحكوميان أيضا خلال مباحثاتهما موضوع التنسيق السياسي والدبلوماسي، حيث أكد بوريطة اتفاقهما على إحياء آليات الحوار السياسي الموجودة بين الدبلوماسيتين داخل المنظمات الأممية والإقليمية، على غرار الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وكذا وضع مبادرات مشتركة مغربية إيفوارية في قضايا إقليمية أو قارية والعمل على التفاعل المشترك في التحديات التي تواجهها القارة.
وأشاد بوريطة، بالدور الذي تلعبه كوت ديفوار بوصفها فاعلا أساسيا في المبادرات الملكية والأوراش التي يُطلقها عاهل البلاد على المستوى القاري، لافتا إلى أنها عضو في المبادرة الإفريقية الأطلسية للمغرب، وتلعب دورا مهما أمنيا واقتصاديا وبيئيا لكي يكون الفضاء الأطلسي، فضاء للتعاون المشترك وتدبير النتائج وهيكلته بشكل مباشر وخلق فضاء للتعاون بين الدول الـ 23 الأعضاء المطلة على المحيط الأطلسي.
وأشار وزير الخارجية المغربي إلى أن الكوت ديفوار، فاعل مهم في مبادرة أنبوب الغاز المغربي- النيجيري، وهو مشروع يحظى بدعم منقطع النظير من السلطات الايفوارية ورئيس البلد الحسن واتارا شخصيا، باعتباره مشروعا مهيكلا للتعاون كما أنه ليس فقط مشروعا طاقيا وإنما اقتصادي وله آثار اجتماعية للوصول إلى الكهرباء بالنسبة للدول التي سيمر منها في إطار آلية الاندماج الإقليمي بين الدول الـ 13 المعنية بالمشروع.
ولم يُفوّت بوريطة ونظيره الإيفواري فرصة المباحثات الثنائية، دون التطرق لواقع الاستقرار في منطقة الساحل وشمال ٌفريقيا كون الأوضاع في المنطقة مهمة جدا بالنسبة للمملكة، وفق المسؤول الحكومي، الذي أكد أنه ونظيره تقاسما معا نفس الرؤية والمبدأ حول رفض التدخل الأجنبي في ملف دول الساحل، مؤكدا أنه “يجب أن تحل المشاكل والنزاعات بين دول الساحل، والتدخل الأجنبي سيكون سلبيا ويسهم في عدم الاستقرار، كما أن المغرب دائما يتابع باحترام واهتمام قرارات دول غرب إفريقيا باعتبارها الدول التي تتم فيها مناقشة شؤونها”.
وتابع الوزير المغربي: “توجد تقاطعات كثيرة بيننا وبين الكوت ديفوار في مجموعة من القضايا والمسارات والأهم هو كيفية خلق تكامل، وبالفعل الملك محمد السادس، لديه اهتمام شخصي بالتعاون العسكري، لأن استقرار الكوت ديفوار خط أحمر بالنسبة للمغرب وطمأنينة هذا البلد أولوية ومسألة عصية عن التفاوض”.
من جانبه، أشاد وزير الخارجية الإيفواري كاكو هواجا ليون أدوم، بالتطور التنموي والسياسي والاقتصادي “المتسارع والواضح” الذي يشهده المغرب، وفق تعبيره، مؤكدا أن “أبيدجان العاصمة الاقتصادية للكوت ديفوار ستصبح لها صورة أجمل بمساعدة المغرب لإعادة تدبير الساحل، وتطوير مشاريع مختلفة في المنطقة رغم التحديات التي تفرض زيارة أخرى لتسريع وتيرة العمل”.
وأضاف المسؤول الإيفواري “كل ما تحدثنا عنه يعكس رؤيتنا المشتركة والأدوات التي نستعملها لحل المشاكل وسوف نعيد النظر في الأيام المقبلة وسنتقابل مجددا في إيجاد حلول لمواجهة التحديات تنزيلا لخطة التنمية الاقتصادية 2021 -2025” وفق تعبيره.
وشدّد المسؤول الحكومي الإيفواري، على أنه وجب تطوير العلاقة بين البلدين أكثر فأكثر على الصعيد الاقتصادي، في وقت أن الجانب السياسي والدبلوماسي متميز، موردا “نحن مع المغرب قلبا وقالبا، لأننا نتحدث عن علاقات تاريخية، ونتحدث عن رجال عظماء أسسوا لهذه العلاقات التي تفوق الفهم العادي، ودعمنا للمغرب في قضيته الوطنية لا نقاش فيه ولن نتنازل أو نتفاوض فيه كما هو الوضع الأمني واستقرار المملكة وسيادتها على أراضيها”.
وتابع المتحدث بالقول “علاقاتنا الأخوية انعكست إيجابيا بطبيعة الحال على كافة القطاعات، إذ نرى مستقبلا واعدا وزاهرا، فالكوت ديفوار لديها نفس اللغة مع المغرب سياسيا ودبلوماسيا، وهذه الزيارة ما هي إلا تمرين أخوي يؤكد حجم الزخم الذي تشهده العلاقات”.