يشكل تنظيم المؤتمر العالمي الأول حول الذكاء الاصطناعي ودوره في تفعيل اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، من 22 إلى 24 أكتوبر الجاري بالرباط، منعطفا حاسما في استكشاف تداعيات التكنولوجيات الناشئة على الأمن الدولي. ويجمع هذا الحدث ممثلين عن حكومات ومنظمات دولية، إلى جانب خبراء وفاعلين في مجال الصناعة الكيميائية لاستكشاف إمكانات وتحديات الذكاء الاصطناعي في سياق نزع السلاح الكيميائي. كما تشكل هذه التظاهرة الرائدة، مناسبة لإرساء أسس تعاون دولي معزز، بهدف تحقيق أقصى قدر من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، مع الحد من المخاطر، بغية تعزيز الالتزام الجماعي بجعل الذكاء الاصطناعي محركا للسلم والأمن والتنمية المستدامة. ويعتبر الانخراط في التفكير في الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي من أجل توطيد الأمن الدولي، واحدا من رهانات هذا المؤتمر. ومن شأن الذكاء الاصطناعي تحسين آليات التحقق والشفافية، لكن إساءة استخدامه من قبل فاعلين غير حكوميين يمثل خطرا كبيرا. لذا، فإن إرساء أطر أخلاقية وتنظيمية متينة أمر لا غنى عنه. ويتيح الذكاء الاصطناعي أيضا فرصا جديدة لتعزيز تنفيذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. بيد أنه من الضروري استشراف المخاطر المرتبطة بها وتعزيز التعاون الدولي لضمان استخدامها بشكل آمن وشفاف وأخلاقي. أما الرهان الآخر فيتعلق بإدماج البلدان النامية، خاصة في إفريقيا، حيث لا تزال الفجوة الرقمية واسعة. كما يتعين توسيع نطاق الولوج إلى الذكاء الاصطناعي لضمان التقاسم العادل لفوائد هذه التكنولوجيا. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال النهوض بتطبيقات سلمية للكيمياء. وبذلك، فإن هذا المؤتمر يرسم الطريق نحو حكامة عالمية مسؤولة للتكنولوجيات الناشئة، مع وضع الذكاء الاصطناعي في خدمة السلم والتنمية المستدامة. ويمثل المؤتمر خطوة أساسية في النقاش الدولي حول بناء حكامة دولية تتلاءم وتحديات التكنولوجيات الناشئة، بما يساهم في تحديد إطار شامل للاستخدام المسؤول والأخلاقي للذكاء الاصطناعي.
وفي سياق متصل أشاد المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس، الثلاثاء بالرباط، بـ “رؤية” و”مبادرة” المملكة المغربية لاستضافتها المؤتمر العالمي حول الذكاء الاصطناعي ودورها في تنفيذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
وأعرب أرياس، خلال ترؤسه افتتاح هذا الحدث بشكل مشترك مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن عميق “امتنانه” للمملكة لاستضافتها هذا “المؤتمر الهام الذي يتميز براهنيته”.
وأبرز أن هذا “المؤتمر المنظم بشراكة مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يعد الأهم الذي ينعقد خارج مقرها بلاهاي”، مشيدا بالجهود التي بذلها المغرب لاستضافة هذا “المؤتمر من مستوى عالمي”، بمشاركة عدد كبير من الخبراء رفيعي المستوى.
كما سجل المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن هذا الحدث الوازن، الذي “من المؤكد أنه سيحقق نجاحا كبيرا”، يهدف إلى استكشاف ثأثير الذكاء الاصطناعي على “مهمتنا المشتركة المتمثلة في القضاء على الأسلحة الكيميائية عبر العالم”.
وأوضح فرناندو أرياس أن الهدف يتمثل في فهم أكبر والتعرف بشكل أفضل على مزايا ومخاطر الذكاء الاصطناعي في تنفيذ الاتفاقية وكيفية استجابة المنظمة لذلك.
وبحسب أرياس، فإن خلاصات هذا المؤتمر، الذي يجمع ممثلين عن حكومات ومنظمات دولية، إلى جانب خبراء وفاعلين في مجال الصناعة الكيميائية، ستشكل مرجعا قيما لتوجيه عمل المنظمة وجهودها وكذا كل الدول الأطراف.
وأشار إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي أنشئت سنة 1997 لتنفيذ اتفاقيات حول الأسلحة الكيميائية، حققت العديد من الإنجازات المهمة، مبرزا أن جميع الأسلحة الكيميائية التي أعلنت عنها الدول الأطراف قد تم تدميرها، تحت رقابة صارمة من المنظمة.
وأكد على أنه “على الرغم من أننا بلغنا هذا الإنجاز التاريخي، إلا أن عملنا لم يكتمل بعد”.
ويجمع هذا المؤتمر العالمي الأول حول الذكاء الاصطناعي واتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، الذي نظمه المغرب بشراكة مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أكثر من 150 مشاركا أجنبيا، بما في ذلك ممثلون عن أزيد من 46 دولة طرفا في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى خبراء دوليين في مجال العلوم والصناعة والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.
وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي يبلغ عدد أعضائها 193 دولة، قد حازت جائزة نوبل للسلام سنة 2013 مكافأة لجهودها الاستثنائية في مجال نزع الأسلحة. وتواصل المنظمة الاضطلاع بدور مركزي في الحيلولة دون عودة ظهور الأسلحة الكيميائية وتعزيز استخدام الكيمياء لأغراض سلمية.