عز الدين السريفي
يشكل إعلان الملك محمد السادس بفشل النموذج التنموي المغربي صرخة مدوية من أجل التنقيب عن إمكانية وجود نموذج تنموي فعلي في المغرب، ثم بعد ذلك نبحث في أسباب فشله؛ كما تؤشر ذات الصرخة الملكية على فشل الترياق الملكي الذي أعلنه من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على أساس أن تعمل على خلق التوازن وسد الفجوات فيما يخص المجالات (مناطق وطبقات اجتماعية) التي لم تستفد من التنمية.
قبل أن يعلن الملك عن هاته المبادرة والاحتفاء منقطع النظير الذي حظيت به من طرف الإعلام الرسمي، لا بد من الإشارة إلى أن الملك كان قد طلب تقريرا حول التنمية في المغرب وهو التقرير الذي سمي بتقرير الخمسينية وفيه تم تشريح المجالات والمناطق التي تم إسقاطها من قطار التنمية في العهد السابق.
وشكل هذا التقرير في فلسفته وفي إجرائه جرأة كبيرة، كان الهدف من ورائها إعادة ضبط التنمية في المغرب لتصبح تنمية تشمل كل المجالات الاقتصادية والجغرافية وتشمل أيضا كل الفئات.
كثير من المسؤولين يتحدون أوامر الملك ويتصدرون قائمة الوقاحة، ويدعون حماية الدولة والحقوق ومحاربة الفساد والخونة وهم قدوة فيما يدعون حمايته.. وجلالة الملك عمم مخاطبة هؤلاء ولم يستثن.. حافظوا على عهد المسؤولية أو غادروها.. وكأنه إنذار قبل العقاب..
إن تغاضي بعض المسؤولين بعمالة اقليم الخميسات عن توجهات الملك محمد السادس تجاه خونة المسؤولية النظيفة المختبئين وراءها ووراء سلطتهم المطلقة التي بلا حسيب ولا رقيب، ويأتون بالأفعال التي تعصف بالمال العام كما يعصف الغراب بعش العنكبوت، مثل ما يفعله بعض مسؤولين الذين يحكمون ويقررون لفائدة سلطة المال والجاه والنفوذ وحقوق الفقير تذهب إلى الجحيم..
هل يعود رئيس قسم العمل الاجتماعي ليثير الجدل من جديد، من خلال توزيع كعكة المال العام بمنطق الوزيعة، معتمدة معايير لم تعد خفية على العام والخاص، و الذي يستحق عن جدارة واستحقاق نيل لقب ماستر شاف خلال فترة العامل قرطاح، حيث تحولت مشاريع المبادرة إلى كعكات تقدم قربانا لنيل عطف هذا الفساد أو ذاك من المحظوظين، في وقت كان من الطبيعي أن توزع بمنطق يراعي تقليص الفوارق الترابية أو بالأحرى احترام العدالة المجالية.
راهن الملك محمد السادس على إشراك المجتمع المدني في عملية سد ثغرات التنمية من خلال تمويل مشاريع في إطار المبادرة، يكون هدفها هو مساعدة ذوي الدخل المحدود على الدخول في الدورة الاقتصادية الليبرالية؛ غير أن هذا الرهان لم يكن مشتركا بين جميع مكونات عمالة اقليم الخميسات، فلقد كان لقسم العمل الاجتماعي رهان آخر من خلال المبادرة الوطنية يبتعد كثيرا عن طموح ملك المغرب.
إن استمرارية قسم الاجتماعي اليوم كرهينة لثلة من الفاشلين، فإن الانتقال على أعلى مستوى بالولاية سيبقى محفوفا بالمخاطر، وعليه، فإن تغيير الفاشلين وعلى رأسهم رئيس القسم الاجتماعي هو الحل الوحيد لإنقاد ما يمكن إنقاده.
وفي هذا الإطار، يمكن اعتبار اقليم الخميسات من المناطق التي تستدعي تدخلا استعجاليا للعامل الجديد عبد اللطيف النحلي للوقوف عن أسباب فشل أغلب المشاريع، وإغلاق اغلب المحلات، وبيع المستلزمات التي قدمت للمستفيدين وعن دواعي هذا الفشل، وعن مدى تطبيق توجهات الدولة خاصة في الشق المتعلق بالمراقبة والمواكبة، وعدم الاقتصار فقط على اخد صور لبعض المشاريع والاعتماد عليها كدليل لصياغة التقارير في ظل أزمة خانقة يعيشها حاملي المشاريع.بالمقابل مابين 2020 – 2024 تم رصد مبالغ مالية هامة لدعم مشاريع ليس لها الأن اي أثر. لتنضاف هذه المرحلة من المبادرة لمثيلتها من المراحل السابقة والتي لم تكن اية نتيجة إيجابية للمشاريع المنجزة في ظل غياب المراقبة ومواكبة مشاريع تقاوم وقد تؤول هي الأخرى لنفس المصير، في ظل أرقام وصلت إلى مئات المشاريع مقابل حصيلة هزيلة لواقع المشاريع الموجودة حاليا على أرض الواقع مما ينذر بحصيلة كارثية.