يعد سليمان العمراني من ركائز حزب العدالة والتنمية، إذ يحظى بالكثير من الثناء وله شعبية تضاهي تلك التي حظي بها عبد الله بها، الذي شغل منصب نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وكان بمثابة الذراع اليمنى لبنكيران قبل أن يتوفى سنة 2014..
وبالنسبة لأعضاء الحزب، فإنهم يرون في العمراني صورة طبق الأصل عن عبد الله بها، حسب تقرير لصحيفة جون أفريك الفرنسية.
وفي هذا السياق، وصفه العديد من الناشطين في الحزب أنه “رجل كتوم ويتميّز بالصرامة، ويبحث عن أرضية مشتركة بدل خلق الخلافات. كما أنه لا يقبل بأن يتم تجاوز قوانين الحزب الداخلية”.
وضع حزب العدالة والتنمية على الخط
قضى العمراني، البالغ من العمر 57 سنة، قرابة 40 سنة من حياته في النشاط السياسي، حيث تقلد عدة مناصب هامة في الحزب الإسلامي منها عضو مجلس شورى حركة التوحيد والإصلاح. في المقابل، بدأ ثقله السياسي جلياً أكثر، خلال التحاقه بحزب العدالة والتنمية، وفقاً لما جاء في تقرير المجلة الفرنسية.
وفي هذا الإطار، حل العمراني، يوم 10 أيار/مايو 2017، محل بنكيران حينما قام الأخير بعمرة.
وفي الواقع، تخلى بنكيران عن رحلته نظراً لالتزامه بحضور فعاليات الأمانة العامة للحزب التي سيتم خلالها النظر في التنازلات التي يمكن تقديمها بهدف التمتع بالأغلبية في تركيبة الحكومة المغربية الجديدة.
وكان بنكيران قد قاد حزبه ليفوز للمرة الثانية على التوالي بالانتخابات التشريعية التي جرت يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016، حيث احتل المرتبة الأولى بحصوله على 125 مقعداً، يليه حزب الأصالة والمعاصرة بـ102 مقعد، وذلك من أصل 395 مقعداً هي إجمالي مقاعد البرلمان المغربي.
وبالتالي فقد رفع الحزب في عهد بنكيران عدد مقاعده من 107 في انتخابات 2011، إلى 125 في انتخابات 2016.
واستقبل الملك محمد السادس بنكيران في قصره بالدار البيضاء يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 2016 وكلفه بتشكيل الحكومة، احتراماً لبنود الدستور المغربي الذي ينص على أن الملك يختار رئيس الحكومة من الحزب الذي فاز بالمرتبة الأولى في الانتخابات.
غير أنه منتصف شهر مارس/آذار 2017، أعفى الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران من تشكيل الحكومة، وتم تكليف القيادي بالحزب سعد الدين عثماني.
واشتهر سليمان العمراني، بدفاعه عن بنكيران، مؤكداً أنه لم يفشل في مهمة تشكيل الحكومة، وإنما تم إفشاله، واصفاً ذلك بأنه أمر مؤلم ومضر بمسار البناء الديمقراطي، حسب تعبيره.
تدرج العمراني في تقلده لعدة مناصب في حزب العدالة والتنمية، فقد عمل كعضو بارز في تشكيلة الأمانة العامة سنة 2004. بعد ذلك، تدرج ليصبح ثالث نائب أمين عام للحزب سنة 2008، وحصل على ولاية ثانية خلال سنة 2012.
تحديث الخطاب الإسلامي
ومنذ سنة 2013، كلف العمراني بمهمة صياغة وتحديث الخطاب الإسلامي للحزب، ويشغل في الوقت الحاضر منصب رئيس شركة “العدالة ميديا”، ومقرها الرباط.
وتختص هذه الشركة في تحسين العلاقات العامة لحزب العدالة والتنمية. وعموماً، كُلّلت مسيرة العمراني بالنجاح، حيث أصبح للحزب موقعٌ رسميٌ على الإنترنت، فضلاً عن راديو إنترنت وقناة إلكترونية.
كذلك، يمتلك كبار كوادر الحزب مواقع رسمية على الفيسبوك وبرامج التواصل الرقمي. وقد مكّنت هذه النقلة النوعية الحزب الإسلامي من التقدم خطوات كبرى على حساب باقي الأحزاب السياسية الأخرى، وقد بدا ذلك جلياً عندما ظفر حزب العدالة والتنمية بنتائج انتخابات سنة 2016 ليحتل المركز الأول في البرلمان.
شخصية مقربة من بنكيران
مع مرور الوقت، أضحى العمراني مقرباً من بنكيران. وقد أكد ذلك بنفسه عندما صرح قائلاً: “أنا أعرف بنكيران منذ سنة 1982، تحْديداً عندما قاد موجة الإصلاح في الحركة الإسلامية الناشئة. وقد أفضت العملية الإصلاحية إلى تأسيس جماعة إسلامية سنة 1983”.
وفي نفس الفترة، كان العمراني ينشط جنباً إلى جنب مع رئيس الحكومة الحالي، سعد الدين العثماني. وفي هذا الإطار، ذكر أحد كوادر حزب العدالة والتنمية أن “العمراني يجسد التيار السياسي الذي جاء به بنكيران، وهو رجل قادر على التوصل إلى وفاق وتسوية داخل حزبه”.
ومن جهته، أكد باحثٌ مختص في الشؤون الإسلامية أنه “بفضل رجال من أمثال العمراني، حافظ حزب العدالة والتنمية على صلابته وتنظيمه السياسي، وتجنب أي انقسامات داخلية من شأنها أن تدفعه نحو شفير الهاوية”. وبحسب ما ذكره الباحث، يعدّ العمراني نموذجاً للقيادي الإسلامي الذي قاد حزبه نحو تحقيق نجاحات سياسية.
لماذا لم يتقلد أي مناصب وزارية وهل يخلف بنكيران؟
لم تشفع حنكة العمراني السياسية ولا ترشحه لمجلس النواب لثلاث مرات متتالية، في ذكر اسمه بقوة كخليفة لبنكيران في منصب الأمانة العامة للحزب، والذي سيتم الإعلان عنه خلال المؤتمر العام للحزب مطلع هذا الصيف. ويعود سبب ذلك، حسب أحد أعضاء حزب العدالة والتنمية، إلى أن “العمراني لم يُعرب عن نيته في خلافة بنكيران”. وأشار عضو آخر إلى أن العمراني قد رفض سابقاً تقلد منصب وزاري، تحديداً في الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة.
الأهم أن العمراني يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على تماسك حزب العدالة والتنمية، الذي يعد أقوى أحزاب المملكة. بالإضافة إلى ذلك، سيستفيد الناشطون من كاريزمته فضلاً عن موقفه ومشورته في عدّة قضايا.