اي استثمارات والعقار كإحدى أكبر الإشكاليات التي تواجه مغاربة العالم في وطنهم الأم.
وإذا كانت تحويلات المهاجرين تعتبر من بين الموارد الأساسية للعملة الصعبة في الاقتصاد اقليم الخميسات، فإن قطاع العقار يأتي في طليعة المجالات التي يستثمر فيها مغاربة العالم في بلدهم الأصلي ويستأثر بنسبة كبيرة من مساهمات الجالية في التنمية باقليم الخميسات والمغرب عامة، باعتبار العقار قيمة مضمونة في حالة الرجوع المحتمل للإقامة في المغرب، وهو ما يؤكد الإقبال المتزايد لأفراد الجالية المغربية على معارض العقار التي أصبحت تنظم بشكل دوري في مجموعة من بلدان الإقامة.
إلا ان هذه القيمة المضمونة سرعان ما تصطدم ببعض المشاكل والإكراهات التي تؤرق كاهل المهاجرين المغاربة، والتي تتطلب فتح نقاش عمومي والوقوف على أفضل الحلول الممكنة لتجاوزرها.
إن طول مدة الغياب عن أرض الوطن واقتصارها على العطل السنوية يدفع بعض الأشخاص إلى استغلال الوضع والاستيلاء على الممتلكات العقارية لمغاربة العالم، ويجعل ثمار سنوات من العمل والتعب بعرق الجبين الممزوجة بمرارة الغربة والبعد عن الاهل عرضة لعمليات نصب واحتيال.
كما أن بطء الإجراءات المسطرية وما تتطلبه الدعاوى القضائية من وقت وتنقل بين المكاتب، يجعل أحيانا المهاجر يمضي عشرات السنين بين المحاكم دون أن يتمكن من استصدار الحكم، وأحيانا لا يتمكن المواطنين المغاربة في الخارج من استرداد أملاكهم عن طريق المحاكم، بالرغم من صدور الاحكام القضائية في ذلك، كتنفيذ حكم إفراغ المكترين على سبيل المثال؛ هذا بالإضافة إلى أن القوانين التي تحدد حق الطعن في الأحكام في أربع سنوات، تفوت الفرصة على مغاربة العالم الذي لا يتمكن بعضهم من العودة باستمرار إلى أرض الوطن.
هناك صعوبات أخرى تواجه أفراد الجالية المغربية في المجال العقاري باقليم الخميسات، متعلقة أساسا بتعقيد المساطر الإدارية وكذا التماطلات التي تسجيل على مستوى الجماعات المحلية فيما يخص استصدار الرخص وإكمال إجراءات التهيئة…زد على ذلك المسائل المرتبط بالتمويل البنكي خصوصا بالنسبة للمغاربة المقيمين في بعض الدول الإفريقية والعربية التي تعمل بنظام الكفيل، والتشديد الذي تمارسه المؤسسات البنكية على هذه الفئة لاستحالة إثباتهم إقامتهم الدائمة في هذه الدول.
لقد كان للجالية دور أساسي في إنعاش الوعاء العقاري باقليم الخميسات، حيث أن هناك مدن بأكملها في منطقتي الريف وسوس، مثلا، التي بناها المهاجرون أو ساهموا في توسيعها، لذلك فمن الضروري أخذ إشكالياتها في مجال العقار بعين الاعتبار، واستحضار الإكراهات التي تواجهها بكافة الابعاد، وعدم إقصائها من النقاشات التي يعرفها المغرب، والتي كان آخرها المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة، التي احتضنتها مدينة الصخيرات شهر دجنبر من سنة 2015.
وفي هذا الإطار، حان الوقت للمضي نحو إيجاد حلول شاملة وملموسة لهذه لقضية الإشكالات العقارية لمغاربة العالم، من خلال العمل على تسهيل المساطر الإدارية والقانونية وتكييفها مع خصوصيات الجالية المغربية، واستحداث قسم قضائي في المحاكم المغربية متخصص المنازعات العقارية التي يكون مغاربة العالم طرفا فيها، وإيجاد آلية قانونية لتسريع الأحكام وتنفيذها في هذا المجال، وكذا الضرب بيد من حديد على المتلاعبين وكل من تورط في قضايا النصب والترامي والإستيلاء على أملاك المواطنين المغاربة في الخارج، لما في ذلك من مس بحق دستوري هو الحق في الملكية الذي يضمنه الفصل 35 من دستور 2011.