قال جلالة الملك محمد السادس إنه لن يكون هناك أي تهاون مع “التلاعب بمصالح المواطنين”، وذلك بعد أيام من رفع المجلس الأعلى للحسابات تقريرا له عن تأخر إنجاز مشروع كان مقررا لتنمية إقليم الحسيمة.
وشهد الإقليم الواقع في الريف بشمال المغرب احتجاجات في الفترة الأخيرة بعد مقتل بائع أسماك ومطالبات بتنمية الحسيمة ومحاربة الفقر والبطالة.
وقال جلالة الملك في خطاب وجهه إلى نواب الشعب مساء أمس الجمعة 13 أكتوبر 2017 بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان: “لم نتردد يوما في محاسبة كل من ثبت في حقه أي تقصير في القيام بمسؤوليته المهنية أو الوطنية”.
وأضاف: “لكن الوضع اليوم أصبح يفرض المزيد من الصرامة للقطع مع التهاون والتلاعب بمصالح المواطنين”.
وتابع الملك: “إجراء هذه الوقفة النقدية التي يقتضيها الوضع ليس غاية في حد ذاته ولا نهاية هذا المسار، وإنما هو بداية مرحلة حاسمة تقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة، والعمل على إيجاد الأجوبة والحلول الملائمة للإشكالات والقضايا الملحة للمواطنين”.
وقال إن الغرض ليس “النقد من أجل النقد، ثم نترك الأمور على حالها. وإنما نريد معالجة الأوضاع وتصحيح الأخطاء وتقويم الاختلالات”.
وكان جلالة الملك قد استقبل في مطلع هذا الشهر رئيس المجلس الأعلى للحسابات، وهي هيئة مراقبة المالية العامة بالمملكة، إلى جانب وزيري المالية والداخلية، وطلب من المجلس التقصي خلال عشرة أيام في تأخر إنجاز مشروع لتنمية إقليم الحسيمة كان قد وقع أمامه في أكتوبر 2015 أي قبل عام من اندلاع الاحتجاجات.
وطلب المجلس تمديد فترة التحقيق في تأخر المشروع أسبوعا آخر.
نظام التعليم
وفي سياق متصل، اعتبر جلالة الملك أن النموذج التنموي المغربي أصبح حاليا “غير قادر على الاستجابة” لمطالب شعبه، داعياً الحكومة إلى “إعادة النظر فيه”.
وقال محمد السادس أمام البرلمان إن “المغاربة اليوم، يريدون لأبنائهم تعليما جيدا (…) كما يتطلعون لتعميم التغطية الصحية، ويحتاجون أيضا إلى قضاء منصف وفعال، وإلى إدارة ناجعة”.
وأضاف أن “النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية”.
وأكد جلالة الملك “أن التقدم الذي يعرفه المغرب لا يشمل مع الأسف كل المواطنين وخاصة شبابنا، الذي يمثل أكثر من ثلث السكان”، داعياً إلى بلورة “سياسة جديدة مندمجة للشباب”.
وكانت مدينة الحسيمة والمناطق المجاورة منذ قرابة العام مسرحاً لحركة احتجاج شعبية تطالب بتنمية هذه المنطقة. واندلعت احتجاجات غير مسبوقة هناك عند مقتل بائع الأسماك محسن فكري في أكتوبر 2016 دهساً في شاحنة لطحن النفايات بعد أن حاول استرجاع أسماكه المصادرة بحجة صيدها على نحو غير مشروع.
وتحولت الاحتجاجات على مقتله إلى مطالب بمحاربة الفقر والبطالة وتنمية الإقليم الذي يعتمد على تحويلات أبنائه العاملين في الخارج وعلى الدخل من السياحة.
واعتبرت هذه أقوى احتجاجات في المغرب بعد احتجاجات شبان في شوارع المملكة في عام 2011 أسوة بما حدث وقتها في المنطقة العربية ككل، لكن الاحتجاجات المغربية كانت تطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد وليس إسقاط النظام وأسفرت عن إقرار دستور جديد تنازل فيه الملك عن بعض سلطاته الشكلية.