صارت أزمة الملاعب الرياضية تؤرق معظم الأندية المغربية، بشكل أسبوعي، في زمن يسمى تجاوزا بـ”الاحتراف”، وفي ظل حلم تنظيم المغرب لنهائيات كأس العالم 2026، بعد وضع ملف ترشحه رسميا، في صراع مفتوح مع الملف الثلاثي المشترك بين دول أمريكا الشمالية، الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.
ولعل هذا الواقع المطروح، بكل تناقضاته وتضارباته، من شأنه أن يجعل المهتم الرياضي أمام علامات استفهام كبرى، في صيغة تساؤلات محرجة، والتي هي بحاجة إلى أجوبة مقنعة، لاسيما أن أزيد من نصف عدد الفرق الوطنية (9 من أصل 16 فريق) تجد نفسها تعيش “رحلات العذاب” أسبوعيا، في البحث عن ملاعب رياضية لاستضافة مبارياتها، وفي انتظار الذي قد يأتي بصعوبة، وقد لا يأتي بالمرة، وما يفرضه ذلك من إرجاء مواعيدها إلى “وقت لاحق” كـ”لازمة غريبة” صارت محفوظة لدى الخاص والعام، وتثير نوعا من الشفقة على الأندية الوطنية، كما على أنصارها ومشجعيها، التي تجد ذاتها أشبه بـ”رحل”، هنا وهناك، على نحو يولد التقزز والاستفزاز، لغاية الأسف.
عزوف الجمهور… ناقوس الخطر
تراجع المستوى ومشاكل الملاعب وحل “الإلترات” أهم الأسباب
جرت أغلب مباريات الشطر الأول من البطولة أمام مدرجات فارغة، بما في ذلك مباريات الأندية التي لها قاعدة جماهيرية واسعة، كالوداد والرجاء واتحاد طنجة والجيش الملكي والكوكب المراكشي.
وإذا تأثر فريقا الرجاء والوداد بابتعادهما عن جمهورهما بسبب إغلاق ملعب محمد الخامس، فإن باقي الفرق دفعت ثمن مجموعة من الأسباب التي كانت وراء عزوف الجمهور.
ومن هذه الأسباب، سوء تدبير ملف “الإلترات”، من قبل جامعة كرة القدم ووزارتي العدل والداخلية، عندما حملتها مسؤولية أحداث الشغب، وقررت منع أنشطتها وملاحقة أعضائها، عوض التواصل معهم، والبحث عن سبل محاربة الظاهرة.
وأدى منع “الإلترات” إلى عزوف أعضائها عن تشجيع الجمهور على الحضور، وصنع الأجواء الاحتفالية في المدرجات، خوفا من المتابعة، فتراجعت نسبة الإقبال الجماهيري بشكل لافت.
وإضافة إلى ذلك، يعتبر تراجع المستوى العام للبطولة الوطنية من أسباب العزوف، إذ لم تستطع أغلب الأندية تقديم نجوم قادرين على صنع منتوج كروي يرضي شغف المشجعين، بفعل عدة أسباب، أبرزها ضعف نسبة الاستثمار في التكوين وضعف مستوى التسيير، وتراجع القوة الشرائية للأندية لجلب لاعبين جيدين، بفعل الأزمة المالية التي تعانيها، ونهج سياسة التقشف.
وأدى ضعف المستوى إلى تراجع نسبة المنافسة على الألقاب، التي انحصرت على فرق معدودة، فيما تكتفي باقي الفرق بلعب أدوار ثانوية، والمنافسة على تفادي النزول.
ولم تعد الأندية الوطنية قادرة على الحفاظ على لاعبيها البارزين القادرين على رفع المستوى، وتقديم الإضافة.
ارتباك البرمجة… حدث ما كان متوقعا
الدورات الأربعائية أنهكت الأندية والمؤجلات قتلت التشويق
لم يخالف المسؤولون عن البرمجة التوقعات، وعجزوا عن التعامل مع إكراهات إجراء كأس العرش بنظام الذهاب والإياب، وأزمة الملاعب، والتزامات الأندية والمنتخبات الوطنية، وبطولة إفريقيا للاعبين المحليين.
واضطر هؤلاء المسؤولون إلى تأجيل عدة مباريات، خاصة تلك المتعلقة بالوداد والفتح، المشاركين في عصبة الأبطال الإفريقية وكأس الكونفدرالية الإفريقية، ما أثر على إيقاع البطولة وإثارتها.
وفي محاولة لإنهاء الشطر الأول من البطولة قبل نهاية دجنبر، لجأت العصبة الاحترافية إلى برمجة دورات أربعائية، مثلما كان متوقعا، ما أثر على أداء أغلب الفرق، التي وجدت نفسها تخوض مباراتين كل أسبوع.
وأصبحت الفرق المعنية بالمباريات المؤجلة تشرك لاعبيها الاحتياطيين، ما أثر بنسبة كبيرة على أدائها في عدد من المباريات.
وفشلت العصبة الاحترافية والجامعة بشكل لافت في تدبير المنافسات، واتخذت قرارات زادت في درجة الارتباك، على غرار إجراء منافسة كأس العرش بنظام الذهاب والإياب، الأمر الذي زاد في الضغط على البرمجة، وقتل عنصري الإثارة والمفاجأة اللذين كانا يميزان هذه المنافسة، التي أصبحت عبئا على البرمجة.
وسقط المشرفون على البرمجة بجامعة كرة القدم في أخطاء كبيرة في ما يخص تدبير هذا الملف، إذ أصبحت المباريات تبرمج في مواعد لا تشجع الجمهور على الحضور، على غرار تلك التي تجرى وسط الأسبوع، في أيام دراسة وعمل، أو تلك التي تجرى الأحد في السابعة مساء.
وتبرمج بعض المباريات في توقيت واحد، ما يصعب تسويق المنتوج الكروي، ويضعف نسبة التشويق في البطولة.
وعجزت البرمجة عن ضمان سير عاد للمنافسات، وسقطت في أخطاء عديدة، في ما يخص التأجيلات، وتغيير مواعد وملاعب المباريات.
وتورطت البرمجة في فضيحة مدوية، عندما لم تبرمج مباراة الديربي والوداد خلال مرحلة الذهاب.
تغييرات المدربين… سقوط الكبار
الشطر الأول عصف بمدربين سابقين للمنتخب وآخر فاز ببطولتين
عصف الشطر الأول من البطولة بسبعة مدربين من الأطقم التقنية لفرقهم.
أزمة الملاعب… ضريبة “الشان”
تسعة أندية دفعت الثمن والوداد والرجاء وملعب الرباط أكبر المتضررين
دفعت البطولة الوطنية ثمن إقامة بطولة إفريقيا للاعبين المحليين بالمغرب، بعدما أغلقت ملاعبها لإعدادها لاحتضان مباريات هذه التظاهرة.
وعانت أندية الوداد والرجاء والراسينغ البيضاوي واتحاد طنجة والكوكب المراكشي مشاكل كبيرة في تدبير أزمة الملعب، إذ اضطر الوداد والرجاء إلى اللجوء إلى ملعب مولاي عبد الله بالرباط، الذي تأثر كثيرا بضغط المباريات، فيما لجأ الكوكب المراكشي إلى ملعب المسيرة الخضراء بآسفي، والراسينغ البيضاوي إلى ملعب نجم الشباب البيضاوي، وقبله ملعب حي مولاي رشيد، واتحاد طنجة إلى الملعب البلدي بالعرائش.
واستقبل نهضة بركان منافسيه في الشطر الأول من البطولة بالملعب الشرفي بوجدة، بسبب إغلاق ملعبه الذي زرع فيه عشب طبيعي، فيما تنقل المغرب التطواني بين ملاعب سلا والعرائش ومولاي عبد الله، بسبب إغلاق ملعب سانية الرمل الذي زرع فيه عشب اصطناعي جديد.
وعانى الجيش الملكي جراء إغلاق ملعب مولاي عبد الله في وقت سابق، ما فرضه عليه خوض مباراة بملعب مراكش وأخرى بملعب الفتح.
واستقبل سريع وادي زم منافسيه بالملعب البلدي بقصبة تادلة، قبل الترخيص له باللعب في ملعبه بداية من الدورة 12.