العثماني ووزراء حكومته وجدوا أنفسهم، ومنذ انطلاق حملة شعبية واسعة تدعو لمقاطعة 3 ماركات تجارية تحتكر السوق المغربية، في مواجهة ضغط متنامٍ وانتقادات لاذعة لطريقة تفاعل مسؤولين حكوميين مع المقاطعين.
تودُّد بعد توعُّد!
عقب التهديدات والألفاظ غير اللائقة التي صَدَرت عن مجموعة من الوزراء المغاربة، أبدى العثماني أسفه أخيراً، وقال للبرلمانيين إن حكومته تستحضر دائماً وتلتزم بالوفاء بمسؤولياتها في حماية المستهلك”، مستحضراً أجواء شهر رمضان ليدعو المغاربة إلى التسامح وتجاوز ما يقع والانطلاق نحو المستقبل.
المقاطعة التي استهدفت 3 من الشركات العملاقة بالمغرب، دخلت أسبوعها الرابع، وسط دعوات بأن تمتد إلى منتجات أخرى، في حين لا تخفى لغة الغضب والسخط على مواقع التواصل الاجتماعي من حكومة العثماني عموماً، وخاصة وزراء “العدالة والتنمية”، الذين جعلتهم تصريحاتهم “غير المنحازة إلى مطالب الشعب” -كما يقول المقاطعون- في مرمى انتقادات لاذعة.
دعوات للخروج من الحكومة
حملة المقاطعة أظهرت وجهاً آخر من عدم الانسجام الحاصل بين الأحزاب الستة المشكِّلة للحكومة، وإن كان الخلاف كبيراً بين حزبي “العدالة والتنمية” الإسلامي و”التجمع الوطني للأحرار” الذي يتزعمه الوزير عزيز أخنوش صاحب محطات الوقود “إفريقيا” المعنيَّة بالمقاطعة- فإن أحزاباً أخرى أبدت رغبتها في الانسحاب من الائتلاف الحكومي.
ترؤُّس حزب العدالة والتنمية الحكومة كان دافعاً لغضب قياديين من الحزب الإسلامي تجاه المواقف الصادرة عن الوزراء؛ إذ طالب قياديون في الحزب بضرورة عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للحزب. محمد شلاي، عضو المجلس الوطني للحزب وأحد المطالبين بانعقاد الدورة، قال إن الطلب الذي تقدموا به يأتي عقب التطورات الاجتماعية والسياسية والحقوقية الأخيرة “غير المُطَمئِنة، سواء في مدينة جرادة أو بسبب المقاطعة وردِّ فعل الحكومة التي يترأسها حزب العدالة والتنمية”.
هل تطيح المقاطعة بحكومة العثماني؟
الأزمة الاقتصادية والمظاهرات ذات الطابع الاجتماعي، بدءاً من أحداث الحسيمة ومدينة جرادة ثم حملة المقاطعة وما أحدثته من تصدُّع بين أحزاب الائتلاف الحكومي، أسباب من بين أخرى دفعت المغاربة إلى التساؤل عن استمرار الحكومة من عدمه، وهو ما أجاب عنه الكاتب والباحث في العلوم السياسية بلال التليدي، بالقول: “إن استمرار الحكومة أو إنهاء مهامها ليس مرتبطاً فقط بما ستؤول إليه المقاطعة”، مشيراً إلى أن حزب العدالة والتنمية لم يكن المُتضرر الوحيد منها، “الحكومة تعاطت مع المقاطعة بشكل غير سليم، فيما أصيب حزب العدالة والتنمية بشررها”.
أين توارى صديق الملك؟
“حملتكم افتراضية ولن تؤثر على المنتجات المغربية التي تتطور، والواقع على الأرض لن يوقفه الإنترنت”، هكذا رد الملياردير وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، على حملة المقاطعة خلال أسبوعها الأول، نهاية أبريل 2018، قبل أن يُصطدم بصلابة الحملة وانتشارها. كانت هذه الخرجة الإعلامية هي الوحيدة لخامس أغنى رجل بشمال إفريقيا، الذي يرأس مجموعة “أكوا”، المسيطرة على نسبة كبيرة من سوق المحروقات بالمغرب، والناشطة في عدد من الأعمال الاقتصادية، كما يرأس حزب التجمع الوطني للأحرار، والذي كان يعلن في كل خرجاته الإعلامية السابقة، منذ تسلّمه رئاسة الحزب أواخر 2016، أن “حزب الحمامة” سيرأس الحكومة في انتخابات 2021.
توارى الرجل النافذ عن الأنظار طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية بعيداً عن وسائل الإعلام المحلية وكذلك عن اجتماعات المجلس الحكومي الأخيرة، ليتداول نشطاء مغاربة على الشبكات الاجتماعية خبر سفره للمملكة العربية السعودية قصد أداء مناسك العمرة. مصادر خاصة أكدت أن هذا الخبر مجرد إشاعة عارية من الصحة، رافضة في الآن ذاته الإفصاح عن سبب اختفاء الوزير عن الساحة.