اسماعيل كايا / اسطنبول
بعد مرور أكثر من 48 ساعة على الزلزال العنيف الذي ضرب مناطق في شرق تركيا، ما زالت فرق الإنقاذ تواصل على مدار الساعة محاولاتها لإنقاذ عالقين ما زالوا على قيد الحياة تحت الأنقاض، وسط آمال تتضاءل تدريجياً من قبل عائلاتهم على أمل حصول «معجزة» بإخراجهم أحياء من تحت الركام.
وتشير التقديرات إلى وجود ما بين 20 إلى 30 شخصاً ما زالوا تحت الأنقاض، وعلى الرغم من مرور يومين كاملين على وقوع الزلزال وانخفاض درجة الحرارة إلى أدنى من 7 درجات تحت الصفر في ولايتي ألازيغ وملاطيا الأكثر تضرراً من الزلزال، إلا أن الآمال ما زالت قائمة بإمكانية إخراج أحياء من تحت الأنقاض خلال الساعات المقبلة.
وتقول الجهات الرسمية التركية إن فرق الإنقاذ المتخصصة تمكنت حتى مساء الأحد، من إنقاذ أكثر من 45 شخصاً من تحت الأنقاض بعضهم كان محصوراً أسفل ركام مبان من 5 طوابق، وكان آخر الناجين سيدة وطفلها بعد ظهر الأحد، وهو ما يجدد الأمل بإمكانية إنقاذ مزيد من المحاصرين الذين ما زالوا على قيد الحياة تحت الأنقاض.
هاشتاغ «محمود السوري» الذي أنقذ سيدة تركية يتصدّر «الترند»
\وحسب آخر إحصائية أعلنها نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، ارتفع عدد القتلى إلى 35 شخصاً – لاحقاً 36- ، فيما تجاوز عدد الجرحى أكثر من 1550، العشرات منهم بحالة الخطر، فيما تسود خشية واسعة من ارتفاع الحصيلة في ظل تأكيدات بوجود عالقين تحت الأنقاض، لم يعرف مصيرهم بعد.
وعلى مدى الساعات الماضية، انتشرت عشرات القصص عن طريقة إنقاذ عالقين تحت الأنقاض، وهو ما عزز الأمل لدى عائلات العالقين، وبرزت قصة السيدة التركية التي أنقذها لاجئ سوري شاب بات محور اهتمام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في تركيا.
والسبت، نشرت وكالة إخلاص التركية لقاءً مع سيدة تركية في أحد مستشفيات ولاية ألازيغ حيث شرحت الطريقة التي نجت فيها من الزلزال، وقالت: «علقت بين الركام، يوجد شاب سوري اسمه محمود، حفر لإنقاذي بأظافره، تمزقت أطرافه وهو يحفر بالركام لإنقاذي، لن أنسى هذا الشاب وسوف أبحث عنه فور خروجي من المستشفى، لن أنساه على الإطلاق».
وعقب انتشار مقطع الفيديو بالمنصات الاجتماعية، تصدر هاشتاغ #Suriyeli_Mahmut (محمود_السوري)، قائمة الترند على «تويتر» في تركيا، وأثنى الكثير من المواطنين الأتراك، وعلى رأسهم وزراء ومسؤولون، على شجاعة المواطن السوري الذي أقدم على إنقاذ السيدة التركية.
والأحد، التقت السيدة التركية بالشاب السوري محمود في مشهد مؤثر للغاية، وفور وصوله احتضنته قبل أن تنهال بالبكاء وقدمت له الشكر، فيما ظهر العديد من الجروح في أطراف الشاب السوري الذي يدعي محمود العثمان ويدرس في إحدى جامعات المدينة. واستغل آلاف النشطاء العرب والأتراك قصة محمود السوري للتأكيد على ضرورة إنهاء الحملات المعادية للاجئين السوريين في تركيا.
وفي قصة أخرى، استمرت مسعفة تركية بالتواصل عبر الهاتف مع عجوز تدعى عزيزة كانت عالقة تحت الأنقاض، ونقلت قصتها على الهواء مباشرة عبر كبرى الفضائيات التركية قبل أن تنجح فرق الإنقاذ بالوصول إليها وإخراجها بصعوبة بالغة.
وتحدثت المسعفة مع عزيزة ذات الأصول الكردية باللغتين التركية والكردية وقدمت إليها توجيهات طبية تساعدها على التنفس بطريقة صحيحة وتقديم الدعم لمن كانوا مصابين بجانبها لحين الوصول إليهم.
واستغل مغردون الحادثة للتأكيد على أن «الدولة لا تفرق بين الأتراك والأكراد»، وأن الوطن والإنسانية أكبر من أي عرق، على حد تعبيرهم.
وفي حادثة أخرى، روى أحد رجال الإنقاذ لحظات إنفاذه طفل في الثانية من عمره، مشيراً إلى أن والده احتضنه بقوة وحماه بجسده لحظة الزلزال حيث منع وصول أي ركام إلى جسد طفله، معتبراً والده الذي فقد حياته «بطلاً» ضحى بحياته من أجل إنقاذ طفله.
والأحد، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن 678 هزة ارتدادية أعقبت زلزال ألازيغ الذي بلغت شدته 6.8 درجات على مقياس ريختر الجمعة الماضية، لافتاً إلى أن 20 هزة ارتدادية من إجمالي الهزات التي أعقبت الزلزال الرئيسي، تجاوزت شدتها 4 درجات.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ووزراء الداخلية والصحة والإسكان على تسخير كافة مقدرات الدولة لا سيما الهلال الأحمر التركي وهيئة الإغاثة (أفاد) من أجل الوصول إلى باقي المحاصرين تحت الأنقاض في أقرب وقت، والبدء بإنشاء بيوت مؤقتة لإيواء الذين تهدمت منازلهم والبدء فوراً بالإعداد لإعادة إعمار المنطقة وبناء البيوت المهدمة.
وتواصلت في عموم تركيا حملات لجمع التبرعات وإرسال المساعدات الإنسانية من معظم محافظات البلاد، شاركت فيها البلديات والمؤسسات والأحزاب والأندية الرياضية والشركات الخاصة وغيرها.