اسماعيل كايا / اسطنبول
مع تجدد الاشتباك بين الجيش التركي والنظام السوري وزيادة احتمالات حدوث مواجهة عسكرية أوسع بين الطرفين وبعد مقتل خمسة جنود أتراك في قصف مدفعي من قبل قوات النظام السوري على مكان تمركزهم في محافظة إدلب شمالي سوريا أمس، وخشية من توسعها لتشمل روسيا، تتزايد التساؤلات والتكهنات في أنقرة حول موقف حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حال حدوث مواجهة أوسع بين الجيش التركي من جهة وروسيا والنظام السوري من جهة أخرى.
ويتمحور التساؤل الأبرز حول ما إن الحلف سوف يكتفي بإصدار التصريحات والبيانات التي تؤكد وقوفه «معنوياً» إلى جانب تركيا، أم أنه سوف يتخذ إجراءات ويزود تركيا بإمكانيات دفاعية لحماية أراضيها، أم أنه سيفعّل البند الخامس من ميثاق الحلف، وهو البند الأهم المتعلق بـ»الدفاع المشترك».
وينص البند الخامس من ميثاق الناتو على أن أي هجوم على أي دولة عضو فيه يعتبر هجوماً على كل دول الحلف، حيث يطلب على الفور اجتماع لكافة أعضاء الحلف «تحت البند الخامس» من أجل بحث الإجراءات المشتركة لتفعيل خطة «الدفاع المشترك» عن دول الحلف.
وعلى الرغم من أن تركيا تعتبر واحدة من أكبر وأقدم دول الحلف، وتمتلك ثاني أكبر جيش فيه من حيث العدد بعد الجيش الأمريكي، إلا أن العلاقات بين الجانبين تراجعت كثيراً في السنوات الماضية، وسط خلافات متصاعدة حول العديد من الملفات كان أبرزها الملف السوري وما يتعلق بدعم دول بالحلف للوحدات الكردية التي تحاربها تركيا لاعتبارها تنظيماً إرهابياً، وبسبب التقارب التركي مع روسيا وشراء منظومة «إس 400» الدفاعية، وغيرها الكثير من ملفات الخلاف.
البند الخامس من ميثاق الحلف ينص على «الدفاع المشترك» لأعضائه
ومنذ بداية الأزمة السورية، اتهمت تركيا الحلف بعدم الوقوف إلى جانبها رغم تعرضها لتهديدات كبرى تتعلق بأمن حدودها وأراضيها وتهديدات تتعلق بأمنها القومي بشكل عام، واتهمت دول بالحلف بالتلاعب بها وسحب أنظمتها الدفاعية التي كانت منشورة على الأراضي التركية في ظل تعاظم التهديدات، وعدم قبول واشنطن بيع أنقرة منظومة باتريوت الدفاعية، وهو السبب الذي تقول تركيا إنه دفعها للجوء إلى روسيا وشراء منظومة اس 400.
ولم يسبق أن اجتمع الحلف تحت «البند الخامس» لبحث التهديدات التي تتعرض لها تركيا من الأراضي السورية، واجتمع تحت «البند الرابع» الذي يسمح فقط بإجراء مشاورات حول تهديدات محتملة لإحدى دول الحلف، وسط تشكيك كبير في الأوساط التركية رسمياً وشعبياً في إمكانية وقوف الحلف إلى جانبهم بشكل حقيقي، في حال مواجهة أوسع في سوريا، وهو ما دفع أنقرة للتريث طوال السنوات الماضية وتجنب الصدام سواء مع النظام أو روسيا.
من جهتها، قالت قدمتها مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة كيلي كرافت: «تتمتع تركيا، كحليف لنا في حلف شمال الأطلسي بالدعم الكامل من الولايات المتحدة؛ للرد دفاعًا عن النفس على هجمات نظام الأسد غير المبررة على مواقع المراقبة التركية والتي أسفرت عن مقتل أتراك».
كما أعرب الموفد الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري عن أنه «قلق جداً جداً» إزاء «النزاع الخطير للغاية» في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا. وقال لصحافيين «نحن ندرس فرض عقوبات جديدة (على النظام)»، وقال جيفري «لذلك نحن ننظر فيما يمكننا القيام به حيال ذلك. ونحن نسأل الأتراك كيف يمكننا مساعدتهم».
عمر جليك، الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، رداً على سؤال هل تتوقع تركيا دعم الحلف فيما يتعلق بتفاقم الوضع في إدلب، الاثنين، قال: «نحن على اتصال دائم بحلف الناتو ونجري مشاورات مع الحلف بما في ذلك حول سوريا»، مضيفاً أن تركيا تنتظر أن يكون الناتو معها في الحرب ضد الإرهاب بشكل واضح، ويجب أن يكون الناتو متضامنًا معها.
وفي حال وقوع مواجهة عسكرية أوسع، ستكون تركيا بحاجة ماسة إلى دعم بأنظمة دفاعية متطورة بأقصى سرعة ممكنة، حيث كانت تعتمد بدرجة أساسية على أنظمة باتريوت التي يتم نصبها مؤقتاً من قبل دول بالحلف، لكن أغلب هذه الأنظمة جرى سحبها في ظل تعاظم الخلافات مع هذه الدول وشراء أنقرة منظومة اس 400 الدفاعية من روسيا، وهي المنظومة التي لم تدخل الخدمة بعد.
يذكر أنه عقب الهجوم السابق الذي أدى إلى مقتل ثمانية جنود أتراك، أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو دعم بلاده «الكامل» لتحركات تركيا للدفاع عن نفسها في سوريا، وقال الوزير: «نقف بجانب تركيا، حليفتنا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في أعقاب الهجوم الذي أسفر عن مقتل عدة جنود أتراك يخدمون في موقع مراقبة يُستخدم للتنسيق وخفض التصعيد».